أحمد الجندي “ابن الشمس”.. أهلا بك في عالم رجل المستحيل

يهرول ذاك الأب بابنه بعد انتهاء يومه الدراسي بدروسه وواجباته مصطحبا طفله الصغير الذي يأكل وجبته الرئيسة داخل السيارة أو الميكروباص للحاق بتمرين كرة القدم، فيما تهرول الأم في مشهد مشابه مصطحبة ابنتها إلى تمرين السباحة.. أب رائع وأم عظيمة يستحقان تقديرا واحتراما كبيرين.

في مشاهد أخرى أكثر درامية وصعوبة، يهرول الأب والأم رفقة ابنيهما اللذان يمارسان بدل اللعبة خمسة!.

هذا الأب وهذه الأم صنعا بطلا عالميا وبطلا أولمبيا.. فماذا يستحقان؟

أهلا بك في عالم الخماسي الحديث.. أهلا بك مرافقا في رحلة “عائلة أحمد الجندي“

تحتاج لعبة الخماسي الحديث إلى لاعب يحمل صفات بدنية وسمات شخصية خاصة، تحتاج البطولة في الخماسي الحديث إلى لاعب يحمل درجة مرتفعة جدا من الجودة في هذه الألعاب مجتمعة، لكن ذهبية الخماسي الحديث تحتاج حقا إلى رجل المستحيل، ن1 حقيقي.

تخيل: لأن تصبح بطلا أولمبيا في الخماسي الحديث، عليك أن تجيد السباحة والرماية والمبارزة والعدو والفروسية بمستوى عالمي في كل لعبة على حدة.. وفي الأخيرة لن تمطي حصانك الخاص، لكنك مطالب في 30 دقيقة أن تتعرف إلى حصانك الجديد، تصادقه، تقنعه أن تمطيه “ويستجدع معاك من غير ما يعمل معاك فصل بايخ ويقلبك في نص السباق!”.

تخيلت؟.. حسنا، تخيل أيضا كيف يمكن لأسرة مصرية متوسطة أن تصنع بطلين في نفس اللعبة اللي هي أصلا 5 ألعاب!.. تخيل كم المجهود الذهني والبدني وكم الوقت المهدر طوعا من أب وأم رأوا في ولديهما ما لم يره غيرهما، وقررا بذل الغالي والنفيس من أجلهما.. والنتيجة بطل عالم وبطل أولمبي.

دعنا هنا نحتفي ببطل الذهب الأولمبي أحمد أسامة الجندي، الذي وضع ذهبيته على صدر كل مصري امتلأ جروحا بسبب المشاركة المخزية للبعثة المصرية في باريس 2024.

رحلة صاحب فضية طوكيو وذهبية أولمبياد الشباب وذهبية باريس لم تكن يسيرة، ليس لصعوبة التدريبات والسفر من محافظة لأخرى ومن دولة لغيرها فقط، لكن العائلة والكوادر المصرية المحترمة كانت هنا من أجل البطل.

لو نظرت إلى الجهاز الفني والإداري والطبي للجندي لوجدت هذه الأسماء:

– البطل محمد الجندي: الشقيق الأصغر لأحمد، سافر مع أخيه لتدريبه على السلاح.

– المدير الإداري المسئول عن كل إجراءات السفر في كل البطولات للاعب وزملائه هي والدة أحمد الجندي.

– المسئول عن استخراج تصاريح السلاح وسيوف المبارزة والجري وراء كل ما يعرقل استخراج تلك التصاريح من روتين وبيروقراطية هو ولاد اللاعب.

كتفه!

قبل طوكيو 2020 التي أحرز فيها الجندي فضية، تعرض الشاب ذو العشرين ربيعا لخلع في الكتف ولم يستطع إكمال بطولة العالم، وفي 2022 أجرى اللاعب جراحة في الكتف قبل أن تعاوده إصابة الخلع في آخر تمرين فروسية قبل باريس، لكنه وقف أمس على منصة الذهب.

إقرأ أيضا

تترات مسلسلات رمضان (1) : سر إلهي .. تتر هارب من ألبومات حمزة نمرة

هنا يظهر أبطال جدد للرحلة بجانب العائلة:

– المعد البدني – المتعلم الفاهم – عبد الرحمن عيسى، وضع برنامجا مميزا للجندي لتأهيله بدنيا وتخطي تأثير الإصابة، فيما تولى الإشراف الطبي على اللاعب الطبيب المعروف الدكتور محمد أبو العلا – والأخير نعرفه جميعا لعمله لعدة سنوات مع منتخب مصر الأول لكرة القدم.

آل الجندي ومعده البدني وطبيبه يستحق كل منهم ذهبية منفردا.. هؤلاء آمنوا بالبطل واجتهدوا وسعوا مثلما فعل بطلنا الذي لم يخذلهم ولم يخذلنا.

قبل أيام كنت أقول إن المصارع الأسطوري كرم جابر هو أعظم رياضي فردي في تاريخ مصر، لكن ليسمح لي الآن، فهناك رجل المستحيل الذي حقق فضية وذهبية أولمبية هو الآخر، لكن في عمر 24 عاما، وفي لعبة بخمسة!

بعد ظُلمها بسيف العدل والمساواة، بنت المؤسسة العسكرية سارة سمير، تنتصر!