أخطاء مسلسل أم هارون “لعنة تاريخ مصر الذي أنجح العمل الكويتي في الفشل ؟”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في إطار تغطية موقع الميزان لـ مسلسلات رمضان وقبل أن نستخلص أخطاء مسلسل أم هارون للممثلة حياة الفهد، لاحظنا زاوية أخرى للمسلسل لم يتطرق إليها أحد وهي مصر، وتبدو زاويتنا هذه غريبة بعض الشيء لأنها تغاير الرؤية التي اتفقت عليها كل المواقع العربية وهي اتهام المسلسل بالتطبيع.
مخرج مسلسل أم هارون الذي حاول استنساخ أصله
التاريخ والواقع يثبتان حقيقة وهي أن مصر فقط تصلح لتقديم عمل فني يتناول تاريخ اليهود الاجتماعي، لأن تاريخ مصر يحمل زخمًا من الحكايات تصلح لاستلهام الخيال المنطقي بحبكة درامية، بعكس التاريخ الخليجي إذ أن حكاياته مفخخة بالتشعبات الجافة.
يدلل على ذلك مسلسل حارة اليهود الذي كتبه الدكتور مدحت العدل وأخرجه محمد جمال العدل وقرر الأخير تكرار التجربة بشكلٍ كويتي فأخرج أم هارون، لكن تاريخ الخليج نفسه أوقعه في خطايا كارثية، فمسلسل أم هارون سار على نفس نسق حارة اليهود، إذ أن العمل المصري تكلم عن المجتمع اليهودي في النكبة مع المسلمين والمسيحيين، وهو نفس الشيء الذي فعله مسلسل حياة الفهد حيث العلاقة بين المسلمين والمسيحيين والجالية اليهودية في الكويت خلال الأربعينيات.
إلى حدٍ كبير رؤية محمد جمال العدل الإخراجية واحدة سواءًا في حارة اليهود وأم هارون لكن النسخة الكويتية بها فجاجة في الأخطاء التاريخية ويُلام الشقيقان علي ومحمد شمس باعتبارهما مؤلفا العمل، اللذين قدما صورة مشوهة للعمل المصري يليهما محمد جمال العدل الذي تصور أنه مع عمل إبداعي يساوي رائعة عمه مدحت العدل كمؤلف.
الكراهية بدافع المحبة .. التقليد الذي فتح طريق أخطاء مسلسل أم هارون
يتناول العمل قصة أم هارون اليهودية وهي تحكي حياتها في مذكراتها التي كتبتها عام 1950 م وتصف المجتمع الذي نشأت فيه، فهي يهودية وأحبت مسلمًا فأسلمت وأنجبت منه ولدًا ثم تم قتل زوجها وولدها في ظروف غامضة، وبذلك فإننا أمام شخصية تكتظ بالهموم التي تخفيها في ابتساماتها السلمية وأخلاقها الطيبة التي تعطيها للمسلمين والمسيحيين واليهود.
في الحلقات الأولى من مسلسل حارة اليهود ظهرت الكراهية من أجل الحب مع وحدة الأديان، حيث تجمع المسلمين والمسيحيين واليهود داخل المعبد اليهودي بسبب الغارة، والفتاة اليهودية ليلى تحب الضابط علي بينما ابتهال بنت الفتوة هي الأخرى تحبه وبالتالي بنت الفتوة تكره اليهودية التي تدافع عن مريم المسيحية وتُظْهِر حبها لعلي.
الأمر نفسه ظهر في مسلسل أم هارون، فيوجد جبر الذي يحب مريم المسيحية لكنه يُجْبر على ترك حبه من أجل المال فيتزوج من بنت عمه علياء التي تحب فتىً اسمه محمد، أما محمد هذا فيحب اليهودية راحيل، ثم يصير العشق أداة للانتقام فتقوم مريم المسيحية بالزواج من بوسعيد عم حبيبها جبر، بينما علياء تفضح علاقة محمد ورحيل اليهودية ليتقدم والده بخطبتها لكن الحاخام يرفض كون أن الزواج مخالف للشريعة اليهودية فضلاً عن أن رحيل خُطِبَت لليهودي إسحاق.
صراع الحب لم يكن مختلفًا عن صراع الدين في مسلسل أم هارون فوالد محمد والحاخام اتفقا على أن زواج مريم من بوسعيد جاء بغرض التبشير ونشر المسيحية، ثم أمعن المسلسل في إظهار مساوئ الشخصية اليهودية، وبين طرق الصراعات هذه جاءت مشاهد مثالية عن الوحدة بين شعب الديانات الثلاث في حفل الزفاف الذي انتهى بخبر قيام دولة إسرائيل، ومن هنا بدأت أخطاء مسلسل أم هارون تاريخيًا.
الخطأ الكارثي الأشهر
على رأس أخطاء مسلسل أم هارون يأتي صيغة الخبر الإذاعي الذي قال «تم الإعلان عن قيام دولة إسرائيل في مدينة تل أبيب بعد انتهاء الانتداب البريطاني على أرض إسرائيل»، وتلك كارثة ضخمة لا مبرر لها على الإطلاق كون أن إسرائيل ليس لها أرض أصلاً.
أشياء تاريخية لم تكن في حسبان مسلسل أم هارون
من ضمن أخطاء مسلسل أم هارون أنه أغفل فترة الشيخ أحمد الجابر الصباح وتأثيرها على يهود الكويت، إذ أن ملامح فترة كان لابد أن يكون لها ظهور في مسلسل أم هارون على طريقة الفلاش باك، لعدة أسباب منها استقلال العراق الذي جعل يهود الكويت يرتاحون للنظام هناك بسبب متانة علاقة الملك فيصل الأول مع يهود الكويت، لدرجة تنظيم احتفال له داخل الكويت، وهو ما قابله فيصل بالسماح لزيادة نفوذ اليهود في العراق جعل يهود الكويت بهم نزعة عرقية، لتبدأ أولى رحلات الخروج اليهودي من الكويت عام 1936 م.
أغفل كذلك مسلسل أم هارون مرحلة الثورة الفلسطينية الكبرى وموقف يهود الكويت منها الذي كان ضبابيًا لأقصى حد، ولم يتطرق مسلسل أم هارون إلى قصة شفيق عدس الذي جرت في عامي 1947 و 1948 م حيث تم إعدامه بعد اتهامه بالتعاون مع الصهاينة ومدهم بالمال لأنه مالك فرع سيارات فورد في العراق وتأثير هذا على يهود الكويت.
خطأ المؤلف على طريقة جا يكحلها عماها
إزاء الهجوم العنيف الذي تعرض له مسلسل أم هارون قرر مؤلف المسلسل الخروج لنفي مسألة التطبيع وقال أن شخصية أم هارون ترمز إلى الخدمة الاجتماعية وهي مستقاة من التاريخ حيث أنه تم استلهامها من شخصية حقيقية اسمها أم جان تم الاعتماد عليها كشخصية وفكرة لنخرج عملاً فنيًا.
الخطأ الكارثي الذي وقع فيه المؤلف أن شخصية أم جان لا تصلح لكي تكون مصدر إلهام لمسلسل أم هارون، فهي ليست يهودية إنما هي امرأة ذات أصول تركية وتربت في إيران ثم انتقلت أسرتها للعراق وعملت كقابلة في إحدى المستشفيات ثم تركت البصرة بعد حصولها على شهادة تمريض وذهبت بعدها إلى البحرين لتعمل كولادة في البيوت.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال