همتك نعدل الكفة
362   مشاهدة  

أدوار عظيمة لحسن حسني .. لكنها ليست كوميدية

حسن حسني


هناك بعض الممثلين عظمتهم بوضوح الشمس، وإنكار مقدارهم الفني يكون كتكذيب الغروب والشروق، غير محتمل، أحد هؤلاء الفنانين هو الفنان الكبير “حسن حسني”، الذي ومنذ مطلع الألفية الجديدة عمل كأب لكل نجوم المرحلة، فأخذ يظهر في كل الأعمال الكوميدية سينمائيا أو تلفزيونيا، ثقله الفني عمل كرمانة ميزان، ووجوده أصبح ضمانا لنجاح العمل، فدعم “محمد سعد” في فيلمه الأول “اللمبي” وقام بشخصية “عم بخ”، كما ظهر مع محمد هنيدي في أفلام عدة، حسه الكوميدي لا ينكر، وموهبته عظيمة ومتفجرة حتي مع سني عمره الثمانين – أطال الله بقاءه- لكن ل”حسن حسني” جانب آخر، موهبة درامية بحتة، ربما تغافل عنها الجميع وانشغل هو عن تطويرها خضوعا لحسابات الفن اللعينة، من واقع مشاهداتي الفنية، أرصد لكم خمسة من أهم أدوار “حسن حسني” علي الإطلاق، والتي مثل فيها باقتدار وموهبة عظيمة، كعادته.

ناصر 56

حسن حسني
ناصر 56

في فيلم من إخراج “محمد فاضل” لم نعتد أن يحظى أحدهم بدور هام أو مؤثر سوي الفنانة “فردوس عبد الحميد” زوجته، التي شاركت في الفيلم، لكن بدور محدود، أحمد زكي قدم أداءا عظيما وحضورا طاغيا، لم ينازعه سوي حضور “حسن حسني” نفسه، الذي جسد دور موظف في “الكوبانية” وهو الاسم الذي يطلق على القنال قبل تأميمها، موظف مصري بسيط تم تسريحه ليحل محله أجنبي، فقرر تقديم تظلماته، حتى يصل لأعلي رأس في البلد، وأطلق السؤال الأهم: “هي فين السفارة المصرية في بورسعيد؟” إشارة منه لأن احتلال قناة السويس لم يكن احتلالا معنويا فحسب، بل كان احتلالا فعليا من الشركة المديرة للقناة في بورسعيد والسويس.

استخدام حسن حسني لجسده في الفيلم يعكس اهتمامه بأبسط التفاصيل، ارتداءه لبذلة بسيطة سفاري كالتي اعتاد الموظفون لبسها فيما مضي، صوته العالي –بغير ضجيج-ومظهره الذي يبدو منهك دائما من مطاردة حقه في معرفه سبب فصله التعسفي، وانتهاءا بهتافه “تحيا مصر” عند علمه بتأميم القناة، كلها وضعت هذا الدور على صغر حجمه في مكانة فنية خالدة.

دماء على الأسفلت

حسن حسني
دماء على الأسفلت

“كامل نور الحسن”، الموظف البسيط المتهم بالرشوة، يتم القبض عليه، وكل من حوله يظنون فيه الظنون، حتي ابنه العائد من الخارج “ثناء – نور الشريف” اعتراه بعض الشك في والده، خصوصا لما يري مستوي عيش الأسرة المتواضع، وتتوالي المفاجئات، التي كتبها “أسامة أنور عكاشة”، رغم تجسيد “حسن حسني” لدور الأب مرات عديدة إلا أن هذه المرة علي وجه التحديد حملت تكثيفا لمشاعر الأبوة، ورغم تقارب سن “حسن” و”نور الشريف” إلا أن استخدام “حسن حسني” لأدواته كممثل تشعرك بفارق شعوري ما بين الأب وابنه، الابن العائد بعد جفوة وقطيعة، فقط عاد لينقذ اسمه ومنصبه المرموق، ومن ثم يكتشف المهازل التي تحدث خلف الستار.

نجح “حسن حسني” ببراعة في أداء دور الأب بكل مناحيه، القسوة، الحزم، الحب، ونجح في إثارة تعاطف المشاهد معه، واستحق الدور الخلود في سينما الواقعية الجديدة، من إخراج عاطف الطيب.

فرحان ملازم آدم

حسن حسني
فرحان ملازم أدم

رغم تقديم “حسن حسني” لشخصية المسطول “عم بخ” في فيلم اللمبي، لكن شخصية “عم إسماعيل” في “فرحان ملازم آدم” تختلف تمام الاختلاف، الفيلم الذي كتبه المبدع الراحل “محسن زايد” حمل العديد من الشخصيات المميزة، من أهمهم هذه الشخصية، شخص اختار أن يغيبه الحشيش طوال الوقت، أصبح يعيش علي هامش الحياة، حتي زوجته نسيها أو تناساها، وفي غمرة دخان المخدرات، يتناسى أنه لا يقترب من زوجته بتاتا، التي تضعف تحت تأثير الشهوة مع “الكهربائي 3 فاز – حجاج عبد العظيم”، ثم يفرح فرحا شديدا أنها قد حملت له طفلا، دون أن يفكر لدقيقة، عن مصدر هذا الطفل ! هو شخص رأي كل شيء، وجرب كل شيء، لكنه ببساطة اختار اعتزال الحياة، والاختفاء خلف دخان الجوزة.

أم كلثوم

حسن حسني
أم كلثوم

لا أحد يعلم علي وجه التحديد ما الدور الذي لعبه “إبراهيم البلتاجي” في حياة أم كلثوم، وكيف أثر في نشأتها، بل أنه لا صور له على الإطلاق حتى مع ابنته، وهو الذي شهد مولد نجوميتها، لكنه لم يعش ليري شهرتها التي عبرت الآفاق، ببراعة شديدة رسم لنا “محفوظ عبد الرحمن” ملامح شخصية الأب المربي “إبراهيم البلتاجي” الذي طالما رغب في “وريث” له، فحاول عبثا تعليم “خالد” الإنشاد الديني، لكن خالد لم يلق بالا، ووجد ضالته في “أم كلثوم”.

أداء حسن حسني ف هذا الدور حمل عصارة خبرته في التمثيل سينما ومسرح، ملامحه التي تنتطق بالحب والفخر عند سماعه لصوت أم كلثوم الشجي، إصراره على تعليم الفتاة في وقت ظلامي، فخره وتيهه ودعمه لابنته الشابة، دور عمر “حسن حسني” علي حق.

إقرأ أيضا
فلسطين

زوجة رجل مهم

حسن حسني
حسن حسني في زوجة رجل مهم

انتفاخ “الضابط هشام – أحمد زكي” في فيلم “زوجة رجل مهم” لم يكن غرورا وانتفاخا من الفراغ، بل كان مستمدا من رتبة أعلي، الأب الروحي لهذا الضابط المشوه فكريا ونفسيا، وقد لعب “حسن حسني” دور الضابط الكبير بجدارة، يتحدث بنفس أسلوب هشام الجاف، يبدو عليه الجد وهو يفكر في اللا شيء، يحاكم ويسجن دون دليل، ويتخيل وجود مؤامرات على الوطن في حين أن وجوده نفسه هو المؤامرة الكبرى.

لغة الجسد التي أجاد “حسن” استعمالها، أظهرته منتفخا كالديك الرومي، في مشاهده القليلة التي جمعته بهشام، ثم انكساره الأخير وهو يخبره بأنه تمت إحالتهما للمعاش سويا، في إشارة لسقوط الأب والابن معا، كلها مشاهد علامات في تاريخ السينما المصرية، وبالتأكيد في تاريخ “حسن حسني” نفسه.

رحمة الله عليه

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان