أزمة عقول .. حينما يكون التخلف والجمود أزمة مجتمع
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
مسرحية أزمة عقول واحدة من المسرحيات الاجتماعية التي تنتمي إلى المسرح الكنسي ، ففي هذه المسرحية يقدم المؤلف أشرف عبده العديد من القضايا الاجتماعية لعل أبرزها قضية إعمال العقل وتأثيره على حياة الفرد والمجتمع فمنذ اللحظة الأولى خلال قراءتك للعمل ترى كيف يبحث الكاتب عن خلال شخصيات مسرحية عن إعمال العقل والفكر في حل المشكلات التي تواجههم فمثلا على لسان أحد شخصيات ورغم المعناة التي تعاني منها زوجته أثناء الولادة يقف الزوج ويطلب من زوجته الصبر من أجل إقناع الجنين وهو في بطن أمه بالنزول فبنظر بعيدًا نرى أنه فقط يود يعتمد على الإقناع أولا حتى لو كان الأمر عظيم ونرى ذلك في الحوار التالي :
عزيز: ده ابني وأنا عارفه أكيد راسه ناشفه زي أبوه وما بيحبش يعمل حاجه غير وهو مقتنع بيها والدليل أهه أهه إنه مش عايز يتولد إلا لما يكون مقتنع إنه لازم يتولد
عزيز، بروفسير معتمد تقولنا إزاي نقنع الجنين ، قصدي ابن سعادتك إنه ينزل من بطن أمه.
معتمد: بالحوار بالمناقشة ، بالإقناع ، لازم ناخد وندي معاه ، لازم نقنعه إنه لازم ينزل من بطن أمه لازم نفتح قناة اتصال بينا وبينه علشان نقدر نعرف هو مش عاوز يتولد ليه ، أكيد عنده أسباب قهرية تمنعه إنه ينزل يعي وسطينا .[1]
ثم ينتقل إلى مظهر آخر من مظاهر تأخر العقل تحديدًا العقل المصري وأرجعها الكاتب إلى النظر الدائم إلى الوراء، فالمجتمع ليس لديه ما يقدمه للأجيال القادمة سوى حضارة الـ 700 آلاف سنة ، فكل طفل يولد ليس لديه فرصة حقيقية في المجتمع، سوى القهر والظلم غافلين عما يحدث من تقدم حضاري كبير في الدول المتقدمة والحوار التالي يوضح :
فهيم: فرحانين ومبسوطين علشان مولود جديد جالكم؛ فرحانين علشان فيه واحد هيبقى زيكم طب قدمتوله إيه قبل ما تجبوه ..
عندكم إيه تقموه ليه.. هتفتخرو بإيه قدامه … ياترى هاتخلوه يبارك اليوم اللي جيه فيه واللى يلعن اليوم اللي اتولد فيه ..
احنا مش قادرين نسابق السلحفاء ؛ فيهم إيه زيادة عننا اللي عندهم مش عندنا بنحس بمشاعر الفرح لما الإنسان يتولد ، ونحس بمشاعر الحزن لما الإنسان يموت لكن بين الميلاد والوفاة مش بنحس بيه خالص..
طول ما انتم باصين للأرض عمركم ما هتشوفو السما بقيتو شبهه الجثثب بالظبط
فرج: أنا ما سمحلكش تتكلموا عننا كده .
الممرضة: إحنا أصحاب 7000 سنة حضاري
سامية : إحنا أعظم شعب على الأرض
فهيم: إدى اللي ورثتوه عن اللي قبليكم واللي عاوزين تورثوه لينا بعديكم شعارات عاوزنا نرقص على الماضي زيكم ، عاوزينا نلغي عقولنا ونغمض عنينا ونمشي ورا أي فكرة عايشين في فراغ ذهني؟
فهيم : يعني مش عاوزين تشتغلوا ده خالص( يشيرإلى عقله)[2]
ثم يقدم الكاتب سببا آخر لتوقف العقل المصري وهو الروتين اليومي للأشخاص الذي تحول إلى روتين للمجتمع الروتين الذي يحول دون التقدم والتفكير خارج الصندوق فالأفكار المختلفة والجادة والإبداع وحدهما من يصنعوا تاريخ الأمم فيقول:
فهيم: طول حياتكم في شغلكم في بيتكم في حياتكم كلها مبتعرفوش تتحركوا إلا جوه الطابور.
هند: عمر ماحد فيكم فكر إنه يخرج بره الطابور، مستمتعين ومنفذين ، عمركم ما كنتوا مفكرين .
الجميع: بس بمزاجنا مش غصب عننا ..[3] .
ثم يعالج الكاتب مشكلة عدم إعمال العقل بمحكمة وهمية في مسرحية هزلية يسلط الضوء ف فيها على كيفية إعمال العقل والطريق الوحيد هو اعترافتنا أننا في مشكلة كبرى مشكلة لابد من حل جذري لها وهو ما يسمى مع مبدأ الاعتراف في المسيحية كأول خطوات التوبة في المسحية والحوار التالي يبرهن على ذلك :
ثم يستمر الحوار أو الاعترافات التي يعد مفهومنا أمام الفاضي وفي ثنايا الحوار سلط الضوء على علاقة الدين بعدم إعمال العقل وحتى أنه اتهم بعدم إعمال العقل.
[1] : أشرف عبده ، نصوص مسرحية ، دار انطون ، القاهرة ، ط/ 1 2020م صـ 288 ، 298
[2] السابق صـ 295
[3] : السابق صـ 296
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال