أساطير حول طلسم “أفعي” تحرس الجامع الكبير في تركيا
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
يعد المسجد الكبير في ولاية ديار بكر التركية أحد أهم مساجد الأناضول وأقدمها، كما يكتسب أهمية كبيرة بين مساجد العالم الإسلامي؛ نظرًا لبنائه في عهد عمر بن الخطاب. “أولو جامع” المبني على كنيسة القديس توماس لفت انتباه السياح بقصص غريبة نسجها حوله السكان المحليون، الذين اعتبروا الأفعى المعدنية التي تتوسط إحدى واجهات الأبنية لغزًا كبيرًا.
يعتبر الجامع الكبير قلب ولاية ديار بكر الواقعة جنوب شرق تركيا، وله مكانة كبيرة في قلوب الأتراك؛ نظرًا لكونه أول مسجد في الأناضول بعد الفتح الإسلامي للمدينة عام 639م. ومنذ حوله الفاتحون من كنيسة القديس توماس إلى ما يعرف اليوم باسم “أولو جامع” وهو محطة هامة للسياح. الجامع مكون من مصلى ومدرستين ومنارة، إضافةً لأماكن الوضوء وساعة شمسية عمرها 800 سنة.
وكما احتفظت جدران الجامع الكبير بآثار الأزمان الماضية وظلت تحتضنها حتى يومنا هذا، كانت أروقته أيضًا تحتضن منكوبي زلازل السادس من شباط مطلع العام الجاري. حيث انتشرت مقاطع فيديو تظهر مجموعات من المنكوبين، معظمهم من اللاجئين السوريين والأفغان، يفترشون أروقة المصلى بعد تهدم منازلهم خلال الكارثة.
اقرأ أيضًا
الحياة بعد الخروج من تحت الأنقاض: أطفال بلا هوية وناجون في العراء
الأسطورة وحقيقتها..
الجامع الكبير الذي تجاوز عمره الألف العام يعتبر أحد أهم المحطات السياحية في المدينة، لكن أحيانًا لا يكون التاريخ العريق هو ما يجذب السياح لزيارته. وفقًا لوسائل إعلام محلية أكثر ما يثير اهتمام الزوار خلال زيارة الجامع هو الأفعى المعدنية التي تتوسط الجدار الخارجي لأحد الأبنية المطلة على الباحة.
حيث يتداول السكان المحليون أسطورة تقول أن أحد أولياء الله الصالحين كان يصلي في باحة الجامع، حين تمثل له الشيطان في صورة أفعى، ولما هم بإيذائه تحول إلى قطعة الحديد تلك. وهناك من يرى أنها مجرد قطعة حديد تستخدم كـ “قضيب صواعق”، تمتص ضربات البرق وتفرغها في الأرض.
في حين يرى البعض أن الأفعى المعدنية تلك عبارة عن “طلسم” وضعه أحد العلماء؛ لأن مناخ المدينة كان يقسو في الصيف، ويتسبب في كثرة العقارب. ومن هنا قرر أن يلقي تعويذة على تلك القطعة المعدنية ويثبتها بهذا الشكل؛ ليحمي المصليين من أذى العقارب.
أمَّا التفسير الحقيقي خلف وجود هذه الأفعى المطلة على باحة الجامع الكبير، هو أنها رمز لاستخراج الأدوية من سم الأفاعي. فقد اشتمل الجامع على مدرسة، تقدم لطلابها شتى أنواع العلوم (طب، فلك، هندسة، صيدلة، جغرافيا). وبالطبع يتدرب الطلاب على استخراج الأدوية والمركبات العلاجية، وإنتاج الأدوية من السم أمر شائع؛ ومن ثمَّ كان من الطبيعي أن يحتوي المكان على رمز للطب والدواء. الأمر الذي استمر حتى يومنا هذا، حيث لا زلنا نرى الصيدليات تتخذ من الثعبان والكأس شعارًا لها.
الكاتب
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال