رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
351   مشاهدة  

أسرار تطور العمل.. كيف تحرر بعضنا واستُعبد البعض الآخر؟

تطور العمل


العمل هو واحد من أهم المتطلبات الرئيسية للمعيشة، مثله مثل الطعام والشراب، فبدونه لن يحصل المرء على المال اللازم ليتمكن من توفير احتياجاته، ولا يستطيع أحد تخيل أنه سيجلس دون عمل، على الرغم من أننا نتمنى لو نستطيع فعل ذلك، ولكن هناك البعض أدمنوا العمل بشكل سلبي، ترك أثر كبير في حياتهم الشخصية، وصاروا أشبه بالعبيد لأعمالهم، وتطور الأمر بهم من العمل لأنه وسيلة لاستمرار الوجود والعيش، إلى الاستعباد في العمل، وقد تكور العمل نفسه على مر التاريخ، وظهر في قوالب كثيرة بتأثير الزمن واختلاف الحصارات والثقافات، لذا يجب علينا العودة بالزمن للخلف كثيرًا، لرؤية كيف تطور العمل على مر السنين.

العمل عند إنسان ما قبل التاريخ

تطور العمل

كانت نشاطات إنسان الكهف تقتصر على الصيد وحصد الثمار فقط، وذلك لأنه لا يوجد عنده هدف آخر سوى المحافظة على حياته واستمرارية الوجود، ولم يكن يملك أي أفكار أخرى عن الحياة، والمغزى من الوجود، والتنظيم المجتمعي، كان يسعى فقط لسد احتياجاته البيولوجية، وكان يأخذ كل ما يحتاجه من الطبيعة مباشرة بحالته الأصلية الخام، دون أي تغيير أو تعديل، فكان يتناول الثمار دون تقطيعها، وكان يرتدي أوراق الشجر دون أن يخيطها، وهكذا.

العمل من أجل صناعة الحضارة

 

مع مرور الوقت، تطور الفكر الإنساني، وتغير مجهوده البدني من مجرد جمع لما تمنحه الطبيعة، إلى مرحلة التصنيع والزراعة، واصبح مساهمًا في الحياة بشكل تنتقل لنا على أنه حضارة هذا العصر، وتحول إنسان ذلك الزمن من مجرد شخص بدائي لا يشغله سوى رغباته، إلى شخص يبني الأكواخ، ويزرع المحاصيل، ويصنع أدوات بسيطة للصيد، واستخدم العناصر لصنع الملابس النسيجية، باختصار كان يقوم بإخضاع الطبيعة لسيطرته، ويشكلها بشكل مُطّور على حسب احتياجاته، ومن هنا بدأ تطوير مفهوم العمل وحدثت الثورة في المفاهيم الطبيعية للحياة والغرض من العيش، ووضع أهداف وخطط لتحقيقها.

تطور العمل

ثورة العمل وتشكيل الثقافات والحضارات

مع مرور الوقت، بدأت المفاهيم في الاستقرار، وُطرحت العديد من الخطط، واصبح العمل هدف في حد ذاته، وصار الإنسان يعمل من أجل التعمير وبناء المجتمع، وبدأ في تشكيل عناصر الثقافة، مثلًا كل دولة وكل مكان له زي رسمي خاص به، وكل بلدة لها أكلة شعبية تشتهر بها، واصبحت الدول تتأسس على حسب طبيعتها في العمل، فهناك دول زراعية، وأخرى صناعية، وأخرى تعيش على الصيد وهكذا، وتطور مفهوم العمل واصبح هو صناعة الثقافة والحضارة.

الطبقية والسُخرة في العمل

مع توسع مفهوم العمل أكثر وأكثر، وقيام العديد من الحصارات المختلفة، صارت الفروقات الطبقية في العمل جزء مهم منه، فكان لابد من وجود شخص للتفكير ووضع الخطط، وشخص للتنفيذ، وشخص يُسرف على التنفيذ، وتم اقتصار المجهود البدني على العبيد فقط، وبمرور الوقت صار العمل للفقراء فقط، وميسوري الحال كل مهمتهم الإشراف على العبيد أثناء تأدية العمل، وكان رأي أرسطو في ذلك الأمر، أن العمل أحد الأسباب المؤدية إلى ضرورة وجود فوارق طبقية في المجتمع، يتم تحديدها بناء على العوامل الوراثية والاجتماعية فيتحدد بذلك من سيكون العبد، ومن سيكون المواطن الحر، ومن هذا الفكر والمنطلق، ظهرت الفروقات المهنية، وظهر التصنيف الإنساني في العمل، والذي كان يتم تحديده بناء على نوع العمل نفسه، فالعمل البدني من نصيب العبيد والفقراء، والعمل الذهني من نصيب المجتمع العالي.

تحرير العبيد

تطور العمل

طرح الفيلسوف الألماني “هيجل”، نظرية مختلفة تمامًا قلبت الموازين في عالم العمل، وهي جدلية “السيد والعبد”، والتي أوضح فيها أن العبد في الحقيقة سيّد لسيده، لأن قيامه بالمجهود البدني الشاق يجعله عالمًا بأمور لا يعلمها غيره، وحاجة سيده إليه لإنجاز تلك الأعمال تجعله يعترف ضمنيًا بأهميته وأنه لا يستطيع الحياة من دون ذلك العبد، ومن هذا المفهوم قد تحرر العبد من عبودية سيده معنويًا عندما تفوق عليه بما يستطيع فعله، وتمرده على الطبيعة التي يستطيع تطويعها وتشكيلها كما يشاء، وقد أحدثت تلك الجدلية ثورة فكرية في القرن التاسع عشر، وغيرت الفكر السائد بحتمية توجيه الأعمال الجسدية للعبيد.

تدهور الثقافات واستعباد العقول

إقرأ أيضا
فندق هوثورن

تطور العمل

مع مرور الزمن وصولًا لأيامنا الحاضرة، تحرر جميع العبيد وتخلصوا من عبوديتهم، ولكن تحول الأمر لاستعباد فكري وعقلي، واصبح المسيطر على العمل هو نظرة المجتمع لصاحبه، حيث يتم تصنيف الأشخاص وأهميتهم على حسب عملهم، فمثلًا عمال النظافة، السائقين، عمال البناء، وغيرهم، مهما ادّعى البعض أنهم يقدرونهم، ومهما كانوا أشخاصًا مثاليين في حياتهم، ومهما كانوا مجتهدين في عملهم، ومهما كانت أمورهم المادية مستقرة، إلا أنهم سيظلوا دائمًا في الفئة الأقل، وسيكون الطبيب دائمًا أفضل منهم حتى لو كان فاشل في عمله وتسبب في موت الكثيرين، وكذلك المهندس له نظرة تجليل حتى لو تسبب في بناء عمارة وقعت فوق سكانها، وهكذا صار العمل هو استعباد فكري وطبقي يفرضه المجتمع على أفراده.

 

إقرأ أيضاً

مريض كورونا يدعي رفض طلب الإجازة من عمله.. ويذهب إلى العمل بأنبوبة أكسجين

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان