رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
468   مشاهدة  

أسرار.. في فنجان قهوة

قهوة


جلست أراقب النافورة الراقصة وأستمتع بالقهوة التي طالما كانت جزء أساسي و مهم من يومي, كنت وحدي أحاول ترتيب أفكاري العشوائية الكثيرة. لا أعلم متى سأتمكن من التوقف عن التفكير.

أفكر في أمس الذي مضى منذ سنين بعيدة، و في الغد الذي لا أعلم متى سيأتي، وبالرغم من شدة الزحام و الضوضاء إلا أنني كنت خلف جدار عازل للصوت و الضوء، لا أري سوى حركات النافورة المتمايلة على مقطوعات عمر خيرت.

فجأة و بدون مقدمات ظهرت سيدة لتجلس على طاولتي دون استئذان وبكل وقاحة! وقبل أن أنطق بأي كلمة بادرت هي.

“تحبي أقرالك الفنجان؟”

كان من الواضح أنها ليست متسولة فملابسها و مجوهراتها و خاتمها الماس الذي كان يتلألأ يوحي بعكس ذلك..نظرت لها باستغراب.

“أرجوكي متستغربيش…أنا بحب جدا الموضوع ده، و إنتي لسة مخلصة قهوتك، ها؟ أقرالك الفنجان؟”

كانت أثناء سؤالها تقلب الفنجان لكني قاطعتها:” أنا ولا أعرفك ولا تعرفيني و فرضتي نفسك عليا! و بعدين فنجان إيه اللي تقريه…أنا مش مؤمنة بالتخاريف و الخزعبلات دي!”

نظرت لي بابتسامة هادئة:”أحيانا في مواقف بتتفرض علينا بتفتح عينينا على حاجات كتير، بس أنا مش هاخد من وقتك كتير.”

قالت تلك الجملة و هي تنظر في الفنجان بتركيز و تمعن.

“كان عيد ميلادك قريب من أسبوع وجوزك جابلك خاتم دهب حلو جدا.”

نظرت لها نظرة باهتة محاولة إخفاء دهشتي، وقلت لنفسي إنها صدفة، أكيد ليس إلا، صدفة غريبة قليلا!

“في حاجة كبيرة اتكسرت قريب في بيتك. مراية كبيرة اتكسرت لوحدها، و انجرحتي و انتي بتلمي الإزاز.”

بدأت أشك في أمر هذه السيدة العجيبة وزاد شعوري بالفضول و الشك. ولكن الغريب أن لا أحد يعلم تلك التفاصيل.

“تعرضتي لعملية سرقة، خسرتي مبلغ كبير من المال. إن شاء الله ربنا يعوضك خير.”

حاولت جاهدا ألا أبدي أي علامات دهشة أو استغراب.

“هيكون عندك مشاكل في الشغل و هتسيبيه قريب جدا، يمكن بعد أسبوع أو أقل. الله أعلم!”

كان من المستحيل أن أترك عملي الذي كنت أحبه و أمضيت فيه أكثر من أربعة أعوام مليئين بالنجاح و التقدير و الترقيات.

“تحبي أكمل؟”

“مفيش حاجة قلتيها صح على فكرة!”

“فعلا؟ عموما مش مشكلة، أدينا اتسلينا، وإنت مخسرتيش حاجة بس كسبتي!”

“كسبت إيه؟”

“كسبتي إنك عرفتي إن في عوالم كتير إحنا ما نعرفش عنها أي حاجة…و أغرب من الخيال.”

رحلت السيدة و تركتني في حالة ذهول، من كانت وماذا أرادت، و لماذا اختارتني دونا عن كل البشر.

تناسيت هذا الحدث، ولم أتذكره إلا وأنا أجمع أغراضي بعد أن قدمت استقالتي من العمل نتيجة خلاف كبير بيني و بين مديري بعد أيام قليلة من رؤيتي لتلك السيدة العجيبة.

و في المساء وبعدما انهيت فنجان القهوة، نظرت له لثوان، ثم قلبته وانتظرت قليلا ثم أخذته و ركزت في تلك الخطوط الكثيرة المليئة بالتفاصيل، والتي بعد دقائق من التركيز تحولت إلى مشاهد حية و حكايات مثيرة.

إقرأ أيضاً

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide






حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان