أصل أحا وكيف يستخدم أهل الاسكندرية أحيه
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
الاسكندرية تتميز لهجتها ببعض الكلمات التي لا يستخدمها سوى أهلها، وقد عرضنا في موضوعات سابقة الفرق بين استخدام بعض الألفاظ بين اللهجة السكندرية والقاهرية؛ ككلمة جومة التي ترادف كلمة استيكة عند القاهريين وسدق أي سجق وغيرها من الكلمات التي يستخدمها أهل الاسكندرية بالتحديد.
وكلمة أحيه من هذه الكلمات الموجودة في القاموس السكندري، وتختلف عن الألفاظ السابقة أن في المحافظات الأخرى يعتبرها الناس من الألفاظ المشينة أو ألفاظ السباب.
يومًا ما ركبت مترو الأنفاق مع أحد زملائي الصحفيين، وكانت هذه الزيارة للقاهرة ضمن بدايات زياراتي لها، وقلت بأعلى صوتي بالمترو حول أمر ما “أحيــــــه” ففتح زميلي عينيه بنبرة تحذيرية وتفاجىء باللفظ.
اسكندرية بتقول جومة يا ترى هي جومة ولا استيكة؟
قال لي بصوت خفيض ولكن مسموع: وطي صوتك علشان احنا في المترو وسط الناس.
أومأت برأسي مؤيدة لكلامه فيما لم أكن أعرف ماذا قلت بالضبط قد يضايق الناس بالمترو حول وجه صديقي للون الأحمر فجأة وحول نبرة صوته لنبرة تحذيرية عكس صوته الهادىء؟
فيما بعد ومع تكرار سفري للقاهرة عرفت أن كلمة أحيه يخلط بينها الناس وبين كلمة أحا، ويعتبرها القاهريون (عيب) فلو قلت أحيه بصوتٍ عالٍ بالمترو كأنني قلت أحا بأعلى صوت بترام الإسكندرية.
وبالتأكيد لو قالت فتاة تحديدًا هذا اللفظ بصوت مسموع وسط الناس بوسيلة مواصلات عامة لألتفتت رؤوسهم جميعًا تجاهها، وهنا عرفت لم تضايق زميلي من اللفظ .وطلب مني أن أتحدث بصوتٍ منخفض
أصل كلمة أحا
كي نتطرق للتحدث عن استخدام السكندريين لكلمة أحيه، يجب أن نتحدث عن أصل كلمة أحا ويُرجع اللفظ “أحــا” لغويًا إلى “الأُحاح” أي العطش الشديد، أو الغيظ .الشديد، أي أن المعنى لا يبعد عن المُراد من اللفظ الذي أصبح عاميًا وهو الاعتراض الذي يكون في أصله الغيظ من وضعٍ بعينه
ويُرجع لفظ “أحــا” إلى العصر الفاطمي، حيث تردت الأحوال الإقتصادية في البلاد، ومَنعت الدولة لفظ “أحتج” فحرف المصريون اللفظ إلى “أحــتــا” ولكن سرعان ما .اكتشف الفاطميون
الأمر، فتم تحريف اللفظ مُجددًا إلى اللفظ “أحــا” حتى يعبر المصريون عن غضبهم دون أن يعرف الفاطميون.
ثم استخدم المصريون لفظ “أحا” في المظاهرات التي دعوا فيها لعدم تنحي الرئيس جمال عبد الناصر بعد نكسة 1967، فهتف الكثير من جموع الشعب المصري في المظاهرات بــ أحــا أحــا…لا تتنحى وهو لفظ اختصارًا لجملة أنا حقًا اعترض
يُقال أن الفقراء هم الذين احتكروا اللفظ لأن في أغلب الأوقات هم من يعانون من ضعف الأحوال الإقتصادية وسوء المعيشة، ومن ثم يعبرون عن اعتراضهم بهذا اللفظ، ثم أصبحوا يرددونه حينما يريدون الاعتراض على أي موقف وخاصة في المشاجرات، فمنع الأغنياء أولادهم في وقتٍ ما من ترديده حتى لا يتشبهون بالفقراء!..ثم .أصبح معيبًا على الكل
الاسكندرية تقول: أاحيه ايه اللي عيب؟
بين أهل القاهرة لفظ أحا يستخدم في الاعتراض على موقف ما، ويعتبر اللفظ مشين وضمن الألفاظ البذيئة فيما يستخدم لفظ أحيه بالاسكندرية ليعطي أكثر من معنى
أحيه تستخدم أحيانًا للاعتراض كاللفظ أحا، وتستخدم أحيانًا كرد فعل حول أي مفاجأة وخاصة لو كانت المفاجأة غير سارة، تمامًا كاستخدام كلمة يا لهوي أو كما عبر بها سعيد صالح (سلطان) بمسرحية العيال كبرت عندما كانت ستعمل أخته كراقصة وقال: أحيه يا أبو سوسو أحيه.
ويستخدمها السكندري مننا لو أخطأ في شيء ما فتجده يقول بمنتهى التلقائية: أحيه عليا!..أو توجهها لشخص آخر عندما يخطىء سهوًا كأن يكسر شيًا عن غير قصد مثلًا فتقول: أحيه عليك.
يمكنك سماع في المسلسلات القديمة التي تدور أحداثها في الاسكندرية جملة “أحيه عليك راجل” تمامًا كما يعبر المصريون عن استيائهم حول شيء لا يعجبهم فيستخدمون تعبير ” يا دي النيلة” فتفي أحيه هنا بالغرض.
فأحيه تستخدم أيضًا للتعجب والاستغراب، فتسمع أحدهم يقولها حول موقف يدعو للتعجب أحيه ممطوطة (أحيـــــــه) فتعرف حينها أن هناك شيء يدعو للاستغراب قد حدث.
لا يخلو كلام السكندريين من كلمة أحيه، كما قلت تمامًا مثلما يستخدم المصريون كلمة معلش عند كل موقف، يستخدم السكندريون أحيه عند مواقف كثيرة. يمكنك استخدام كلمة أحيه كيفما أردت وحسب سياق العبارة ولا يعتبرها صغير أو كبير في الاسكندرية أنها كلمة بذيئة.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال