“أعنف من حريق القاهرة” قصة احتراق كفر متبول في كفر الشيخ عام 1947م
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
جاء كفر متبول في كفر الشيخ بهذا الاسم عام 1830م / 1246هـ لبلدة كانت في الأصل قرية اسمها متبول حددها الإدريسي خلال كتابه نزهة المشتاق في اختراع الآفاق بقوله «هي قرية عامرة لها سوق في يوم معلوم».[1]
تفاصيل حريق كفر متبول في كفر الشيخ
كان كفر متبول هادئًا ووديعًا، لكن فجأة اندلع حريق هو الأعنف في تاريخ قرى الدلتا المصرية خلال أربعينيات القرن الماضي، ليحول القرية الأكبر في كفر الشيخ إلى مأساة حية.
الأفران كانت سببًا حريق كفر متبول هو الأفران والمواقد في البيوت التي سقفها من القش والحطب والقصب الجاف والبوص، وساهمت الصدف المميتة في المأساة إذ كان الريح يوم الحريق كثيفًا، فاستمرت النيران تحرق البيوت طيلة 18 ساعة كاملةً أواخر يناير عام 1947م وهي المدة الأطول من حريق القاهرة عام 1952م، وقد أسفر حريق كفر متبول عن احتراق 239 منزلاً ومقتل 10 أشخاص وتشريد 1487 آخرين وتم تقدير الخسائر المالية بـ 13783 جنيهًا.
كان من قصص القتلى المأساوية أن اثنين منهم أب وابن في وهج النار ومات 6 مختنقين بالدخان ومات التاسع والعاشر في المستشفى، بينما خسر التاجر الحاج نعمان بيته الأفخر مقارنةً ببيوت الباقين إذ احترق طابقين وبداخلهما 1500 جنيه.
عملت الهيئات المختلفة على مساعدة أهالي كفر متبول، فخلال 10 أيام تلقى المنكوبين 50 شوال دقيق و9 آلاف رغيف و 100 خيمة و 1000 جلباب من جمعية الهلال الأحمر و 300 بطانية و600 قطعة صابون من مبرة محمد علي و200 جنيه و5400 متر قماش و50 إردب ذرة و50 إردب أرز من البدراوي باشا عاشور، وقدمت وزارة الشئون الاجتماعية 1773جنيهًا و469 مليم أخذ منهم الحاج نعمان 30 جنيه.
كان ردود الأفعال من أهل كفر متبول متباينًا فقالوا للصحفي سعيد عبده «نحن لسنا متسولين ولا نحب أن نستجدي وكل صدقة نبتلعها بغصة، وخير من هذا الخبز وأكرم لو جاد علينا الخيرون بعدة ألواح وعروق من الخشب وبمال قليل وتركوا الباقي لسواعدنا تبني ما قوضت النار وتخرج السنبلة من الحبة وتستأنف جهادها في سبيل الرزق الحلال».[2]
اقرأ أيضًا
حريق لندن .. الحادث الأغرب تاريخيًا وقصة 72 ساعة اشتعال بسبب “فرن عيش”
الصحفي سعيد عبده علق على ذلك بقوله «قانون الشئون ككل القوانين التي يسنها ساكن القصر لساكن الكوخ، قانون بلا عقل ولا قلب، يقوم بتسعير المصائب بأرقام الإيراد ويحرم من المعونة من زاد إيراده على 50 جنيهًا حتى لو قصمت ظهره المصيبة وحطمت أمامه وخلفه كل الجسور، وسوف لا يأتي هذا التعويض إلا بعد ان يمر تقرير الخسائر على 1500 مكتب في وزارة الشئون الاجتماعية ويشرب في كل منها فنجانًا من القهوة وقد تطيب له الإقامة في هذا المكتب أو ذاك فيستضيفه بالأسابيع والشهور».
[1] محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس الحسني، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، (الإقليم الثالث)، جـ3، ط/1، عالم الكتب، بيروت، 1409هـ / 1989م، ص340.
[2] سعيد عبده، كانت هنا قرية، جريدة أخبار اليوم، عدد: 8 فبراير 1947م، ص3.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال