همتك نعدل الكفة
61   مشاهدة  

أغنية محمد منير «بننجرح» نقطة الهدوء وسط بحر الموسيقى الهائج

محمد منير
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



مع بداية الألفية الجديدة دخل مشروع محمد منير الغنائي منطقة جديدة لم يطأها من قبل؛ تحديدًا بعد ارتباطه بشركة فري ميوزيك التي ساعدته في توسيع قاعدة جماهيريته بعد أن كانت مقتصرة على فئة معينة، هذا الارتباط رغم إيجابياته من ناحية الجماهيرية إلا أن تأثيره على مشروع منير الغنائي شابه بعض السلبية حيث تخلى عن المضامين الشعرية العميقة والتناول الموسيقى المختلف وأصبح منافسًا تقليديًا داخل سوق الغناء بعد أن كان مشروعًا غنائيًا خارج المنافسة لم يخضع لقواعد سوق الغناء التجاري ونمط الموسيقي السائد فيه.

اقتصرت مرحلة فري ميوزيك على ألبومين فقط “في عشق البنات، مساكن شعبية” ليتحرر منير بعدها من القيود التي كانت تكبله سواء من سوق الغناء أو تحكمات المنتج نصر محروس مالك شركة فري ميوزيك وعاد بألبوم “أحمر شفايف” الذي كان أشبه بمسك العصا من منتصفها حيث قرر منير الاحتفاظ بالجمهور الجديد الذي اكتسبه وفي نفس الوقت إرضاء ذائقة جمهوره الأصلي، ثم دخل في التجربة الأهم في تلك الفترة في ألبوم “أمبارح كان عمرى عشرين” والتي أعادت بعض أغنياته تذكيرنا بمشروعه الاصلي، مع التأكيد على أن أغلب أغنياته في تلك الحقبة لو تمت مقارنتها بالتيار الغنائي السائد سوف تتفوق فنيًا لكن تظل بعيدة قليلًا عن أغنياته التاريخية التي صنعت مجده الفني مع وجود بعض الاستثناءات مثل أغنية “بننجرح” الصادرة في ألبوم “أمبارح كان عمرى عشرين” والتي يمكن أن نضعها بأريحية ضمن أغانيه التاريخية،الأغنية كتب كلماتها الشاعر محمود رضوان ولحنها نبيل جودة ووزعها رفيق درب منير الموسيقار الألماني رومان بونكا.

ملف بليغ حمدي 4 : الفلكلور ما بين التطوير والإفلاس الفني

الكلمات:

ينتمي الشاعر محمود رضوان إلى جيل من الشعراء يتخذ مرجعيته من أقطاب شعراء العامية الكبار الذين أثروا الأغنية و منحوها عمقًا كانت بحاجة إليه مثل عبد الرحيم منصور، مجدي نجيب وجمال بخيت من حيث الحفاظ على أصالة المفردات والصور ومحاولة الخروج بمضامين جديدة تشكل ملامح تجربتهم الخاصة وتعبر عن أزمات جيلهم المختلفة عن الأجيال الشعرية السابقة.

الفكرة الأساسية للأغنية بسيطة جدًا يوجه بها الشاعر رسالة رجاء وتمني لبقاء حبيب أو صديق أو رفيق اختار ما شئت، لم تأخذ الكلمات قالب الأغنية التقليدي المكون من مذهب وكوبليهات بل جاءت كمقطع واحد قصير غناه منير مرة واحدة.

رغم أن الكلمات قصيرة إلا أنها مكثفة جدًا بصور تحمل عمقًا كبيرًا وبها بعض الجمل التي استخدمها جمهور منير كشعارات خاصة بهم وصنع منها لافتات كثيرة كان يرفعها في حفلات منير أهمها مقطع “أنت الأمل في العيون، والنشوة ساعة الجنون” الذي يبدو كرسالة خاصة يرسلها الجمهور إلى منير على لسانه هو شخصيًا.

الأغنية لها مقطعًا اخرًا لم يتم الاستعانه به وفسر رضوان  بأن المقطع الأخير لم يعرضه على منير من الأساس لأنه رأي أن المقطع الأول مكتمل وعبر عن الحالة بتكثيف وتماسك شديد.

المقطع ضمه رضوان إلى فيما بعد إلى ديوانه ونشره على صفحته الشخصية على موقع الفيس بوك

محمد منير
منشور الشاعر محمود رضوان على موقع الفيس بوك

الموسيقى

استخدم نبيل جودة مقام العجم بجمل تعبيرية جدًا حملت بعض التطريب الخفيف تماهت مع فكرة الكلمات، اللحن ياخذ شكلًا تصاعديًا حيث ينطلق من نقطة الصفر بداية من جملة “بننجرح” ثم يواصل الصعود حتى يصل إلى ذروة الحالة في جملة “واياك تكون زيهم وتروح وتجرحنا” حتى يهبط بهدوء في قفلة الجملة عند مقطع “تقدر تريحنا”.

تلك الحالة شبه المكتملة بين الكلمات واللحن كان لابد لها من تغليف مختلف يناسبها،الموزع الألماني رومان بونكا اختار أن يبتعد عن صخب الإيقاعات الإليكترونية أو يصب اللحن في قالب غربي بحت وأن يوزع الأغنية دون الاستعانة بأي اّلة كهربائية أو كما تعرف تلك الطريقة بالـ Unplugged.

إقرأ أيضا
حامل

تبدأ الموسيقى بعزف حر من القدير ماجد سرور على اّلة القانون بجمل غير مستنسخة من أي جملة من اللحن الاًصلي ثم يرد عليها اّلة الكولة بصولو مختلف حتى يتسلم منير الغناء في هدوء، ثم تبدأ محاورة في خلفية غناء منير بين القانون و الكولة ترد على الغناء مع ومضات بسيطة من اّلة العود، التوزيع لا يوجد به أي آلة إيقاعية نهائيًا بل مجرد محاورة حرة بين ثلاثة الالات موسيقية شرقية ومن توزيع موزع ألماني وهو سر من أسرار عظمة رومان بونكا الذي كان قادرًا على هضم أي ثقافة موسيقية مغايرة لثقافته، بالإضافة إلى إعطاء العازفين حرية كبيرة في إبراز المهارة في العزف مع خيال خصب في ابتكار جمل لحنية تعطي ثراء للأغنية.

YouTube player

من الصعب جدًا تحديدًا أين تكمن قوة الأغنية هل في كلماتها البسيطة والصادقة تمامًا أم في لحنها التعبيري جدًا أم في توزيعها المغاير تمامًا لما كان يحدث في سوق الغناء الذي كان يلهث خلف الإيقاعات الغربية الإليكترونية فكانت تلك الأغنية نقطة هدوء وسط بحر الموسيقي الهائج جدًا.

صدرت أغنية “بننجرح” في توقيت كان هناك جيل جديد قد بدأ يتعرف ويحتك اكثر بمشروع منير وأصبح يتخذ من كلمات أغنياته شعارات يصدقها ويؤمن بها ويتعامل بها في حياته اليومية بل وكان يحاول تأويل وإسقاط أي أغنية على حدث عام أو مواقف شخصية حتى لو لم يستدعي الأمر ذلك ولكن كنوع من إبراز الاختلاف وإضفاء صفة العمق عليها، وهو الأمر الذي حدث مع أغنية “بننجرح” حيث نشرت العديد من القصص كان بطلها شاعر الأغنية محمود رضوان حيث نشر أحد الصحفيين أنها كانت رسالة شخصية بعث بها لصديقته كي يثنيها عن الهجرة وهو ما نفاه لي بشكل شخصي لكن القصة الأكثر شيوعًا ان الأغنية تم تأويلها كرسالة غير مباشرة من رضوان إلى منير نفسه في فترة كان هناك شائعة تروج أن منير قرر الهجرة إلى أوروبا والاكتفاء بما قدمه لكن ما يهم هو أنها دخلت ضمن أغنيات منير التاريخية بغض النظر عن المقصود منها.

محمد منير
مقال عن أغنية بننجرح على جريدة الجمهورية

الكاتب

  • محمد منير محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان