أكان لابد أن تضيئ النور يا لينين؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
(1)
سأحكي لكم حكاية ما إن جلست في قعدة كتّاب أو مثقفين أو بعض من لهم علاقة بالسينما والمسرح إلا وسمعتها – وقبل كل شئ- أنا لست متأكدًا منها لكن يمكنني أن أجلب لك عشرين مصدرًا يحكونها لك بنفس تفاصيلها دون زيادة أو نقصان
الشائع عن الخلاف المعروف بين لينين الرملي ومحمد صبحي هو أن “صبحي” قد خرج عن النص في مسرحية وجهة نظر وهو ما جرح النص من وجهة نظر لينين لذلك خرج من الباب وأقسم أنه لن يعاود التعاون معه .. لكن الحقيقة كانت غير ذلك في الكواليس
الحكاية تقول أن محمد صبحي لاحظ تفوق عبلة كامل عليه من حيث الأداء التمثيلي والتعبيرات وإلقاء الإفيهات طول فترة الكواليس، وتأكد من أن عبلة كامل ستسرق الأضواء منه لا محالة ، فتعمد صناعة انفعالات زائفًا ضدها ، وهذه طريقة يفعلها المدراء لكي يصنعون جوًا من عدم الثقة ،مستغلًا انضباط وكرامة وخجل عبلة كامل ، التي شعرت بذلك فقررت أن تترك الفرقة قبل العرض بقليل .. وهنا صرخ لينين : لن ترحل
هدد لينين أنه سيتوقف عن العمل في حال رحيل عبلة كامل، وبحسبة بسيطة عرف صبحي أن الخسائر هكذا ستصبح فادحة مع اقتراب فتح الستار، فبقيت عبلة محتمية طول الفترة المتبقة في لينين، رغم أنف صبحي الذي كان – على حد وصف الراوي- غاضبًا حتى السماء ، لكن لينين كان متمسكًا برأيه
دخل لينين في خلاف محتدم مع صبحي، الأمر الذي لم يعتده صبحي لأنه كان ديكتاتوريًا بدرجة فنان في فرقته – وهذه بشهادة الجميع- وكان لينين يعرف أن موقفه من عبلة كامل سيكتب نهاية التعاون بينه وبين صبحي، ولم ينتظر حتى يقولها صبحي .. فانتظر حتى نجحت المسرحية .. كعادة أعمال لينين الناجحة .. ورحل وقد اختار الحق على التواجد والتحقق والنجاحات .
(2)
“هي دي أسامي يابني .. يعني كل الأسامي العربي خلصت .. مافضلش إلا لينين”
كان هذا رد فعل الناشر الذي عرض عليه لينين أول قصة قصيرة عليه لنشرها ، اعترض فقط على اسم الكاتب على الرغم من أنه قال عن القصة : رائعة .. بل شديدة الروعة ، وساوم لينين أن يغير اسمه حتى تُنشر القصة ، وهو ما رآه ليني جرحًا في كرامته ، فقد اسماه أبوه “لينين” وهو في بطن امه ، كيدًا في الحكومة التي أصدرت قرارًا بالقبض على الصحفي فتحي الرملي (والده) بسبب توجهاته الشيوعية ، فقرر أن يجلب لهم “لينين” نفسه يمشي بينهم على الأرض مخلدًا اسم أحد مؤسسى الشيوعية ، وقال لينين : تركت القصة القصيرة التي أحبها ، واتجهت للمسرح والتليفزيون بسبب هذا الموقف ، أنا صحيح أحب أن أكون كاتب قصة كبير ، لكن كرامتي أكبر من أي شئ!
(3)
للكاتب يوسف إدريس قصة شديدة العبقرية بعنوان “أكان لابد أن تضيئي النور يا لي لي؟” وملخصها أن الشيخ المؤذن يدخل في صراع بين نفسه المؤمنة ، وشهوته الإنسانية الطبيعيى التي كانت تستعر كلما شاهد جسد “لي لي” من المأذنة ، مواجهة انتصر فيها نداء الطبيعة على الزهد والإيمان ، وبدلًا من أن يلوم الشيخ نفسه لام “لي لي” التي أضاءت النور فرأى جسدها
وأنا أرى أن ما فعله لينين لم يختلف كثيرًا ، فقد أظهر الجميع على حقيقته ، ذاك الذي يدعي الأخلاق والاحترافية ، وهذا الذي يدعي التسامح في الدين وعدم الاكتراث بالاسم والجنس والعنوان .. حتى الشيوعية التي كانت داره ومضمونه لم يستغلها في تسويق نفسه كحامي حمى الاشتراكيين،بل انتقد عوراتها فيما بعد .. نحن أمام “رجل” كما يقول الكتاب ، عمل في مجال هو مجال الدسيسة بعينها ، بلا دسائس، كانت أمامه أكثر من فرصة ليركب موجة الإعلام بتاريخه ولم يفعل .. يعد أول من كشف ازداوجية الفنان أمام الكاميرا والفنان في الغرف الخاصة، الازدواجية التي صدقناها كثيرًا حتى جعلت الفنان جزءًا من عائلاتنا .. جاء فقط ليضئ النور ثم رحل ! .. لنقول نحن: أكان لابد أن تضيئ النور يا لينين؟
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال