همتك نعدل الكفة
380   مشاهدة  

ألبوم المطرب المدبلج “توو ليت”.. عندما تصنع حدثًا من لا شئ

توو ليت
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



منذ أواخر شهر يوليو الماضي ولا سيرة تطفو على السطح سوى سيرة هذا الفتى المقنع مجهول الهوية الذي يطلق على نفسه اسم “توو ليت” الذي يكتبه بلغة الفرانكو السيبرانية “TUL8TE “، يغني بلهجة مصرية مكسرة تشعرك بأنك أمام عمل فني مدبلج وطريقة نطق لا تفرق بين اللام الشمسية والقمرية.

فجر هذا الشاب المقنع “توو ليت” جدلًا كبيرًا وأسئلة أكبر، لماذا يرتدي قناعًا يخفي ملامح وجهة ولا يظهر منه سوى عينيه فقط، هل هذا نوعًا جديدًا من التسويق الفني، أم أنه شخصًا معروف ويخشى أن تفضح هويته التي يفضل إخفائها خلف هذا القناع المثير للجدل، خمن البعض انه “مهاب” أو “خفاجى” وهي أسماء يعرفها بعض متابعي مشهد الراب في مصر، ثم انفجر الجدل أكثر حين صور “توو ليت” إحدى أغنياته متقمصًا روح من كان شابًا في تسعينيات القرن الماضي، حيث ارتدى نفس سترته الجلدية و بنطاله الجينز، يطوف بدراجته البخارية في شوارع القاهرة وكأنه يستعيد بعضًا من حياة هذا الشاب بطل الفيلم الأيقوني “أيس كريم في جليم“.

توو ليت
مشهد من فيديو كليب أغنية “حبيبي ليه” مستوحى من فيلم ايس كريم في جليم

هذا الكليب زاد من الغموض حوله، وجعل البعض يظن أنه “عبد الله” ابن المطرب “عمرو دياب” بطل “أيس كريم في جليم” حيث لا يجرؤ فنان على الإقتراب من الهضبة بهذه الدرجة، بالإضافة إلى لهجته الغريبة التي تشير إلى أن لهجته الأم ليست المصرية، والحقيقة أن وجه الشبه بينه وبين الهضبة كان في طريقة التسويق حيث الاعتماد على الصدمة في المظهر وهو ما يفعله الهضبة حيث ينتظر الجميع صدور ألبومه حتى يرى مظهره الجديد، أو أظن ان “توو ليت” يحاول أن يعبر عن جيله مستلهمًا خطى “سيف” بطل أيس كريم في جليم الذي كان يريد التعبير عن جيله على طريقة الخاصة.

لم يكتفي “توو ليت” بالكليب حيث صنع غلافًا لألبومه بطريقة بدائية مثل أغلفة شرائط الكاسيت في التسعينات، بل أن شعار الشركة المنتجة للألبوم” هجانة ميوزيك” يشبه كثيرًا شعار شركة صوت الدلتا التي كانت تنتج البومات الهضبة في فترة ما، ثم إمعانًا في النوستالجيا لم يسمي الألبوم بأسم أغنية بل أطلق عليه “كوكتيل غنائي” وتحتها تظهر كلمة “ستيريو” واغلبنا يعرف أن كلمة “كوكتيل” كانت أكثر شيوعًا في التسعينات حيث تكثر محلات بيع الكاسيت التي تصنع شرائط الكوكتيلات خلسة من وراء ظهر شركات الإنتاج، وبالطبع لم تعد تلك الكلمة تستخدم في يومنا هذا حيث تحولت إلى “بلاي ليست” مثلما تحولت الأغنية إلى “تراك”.

توو ليت
مقارنة بين غلاف شريط أيامنا عمرو دياب وغلاف ألبوم توو ليت

لم يتوقف الأمر حد المظهر حيث عقدت مقارنات بين بعض الأغاني التي أصدرها وبين أغنيات الهضبة وتشابه بعض القوالب الموسيقية المستخدمة والتي بالمناسبة لا تنتمي إلى حقبة التسعينات في مشهد الأغنية المصرية بأي حال من الأحوال ولم يستخدمها عمرو دياب نفسه إلا مع أواخر التسعينات لكنها أشارت إلى أن ثقافة هذا الفتى المقنع الموسيقية هي ثقافة غربية محضة وقد لا يعرف الفارق بين مقسوم حميد الشاعري ومقسوم طارق مدكور لأنها ليست ثقافته من الأساس.

ظهرت تلك الثقافة الموسيقية الغربية بوضوح في أغنيات الألبوم التي كتبها ولحنها ووزعها بنفسه “توو ليت” واشتركت معه فتاة تدعى سارة في كتابة تراك واحد هو “عزبة الهجانة فين” بالإضافة إلى أنه قام بعمل الميكساج بنفسه ويدل على أن هذا الفتى يعمل منتجًا موسيقيًا مستقلًا وهي علامة تشير إلى أنه ينتمي إلى مشهد الراب في مصر.

توو ليت
غلاف ألبوم توو ليت موقع x

“ماتيجي أعدي عليكي”

الكلمات لم تتبنى قالبًا شعريًا منتظمًا مع كسر في بعض الأوزان الشعرية دون توحيد للقافية والاعتماد على موسيقى الحروف، بالإضافة إلى توجيه الحديث إلى الفتاة بصيغة المذكر والمؤنث في نفس الوقت، لحن الأغنية على مقام النهاوند “المانيير” ورغم التنويع في جمل اللحن لكنها تعاني مع قلة الترابط بينها بالإضافة إلى ضعفها فتشعر بأن المسألة محض تنغيم على إيقاع فقط، التوزيع في قالب الفلامنجو استخدام جيد للإيقاع مع كوردات الجيتار و صولوهات مرتجلة للجيتار الاكوستيك لكن هارمونيًا الأغنية تعاني من فراغ كبير.

YouTube player

“ليه بنخبي ومش بنقول”

على نفس المنوال في الأغنية السابقة اطلاق العنان للكلمات كي تكتب نفسها بنفسها دون فكرة واضحة المعالم، لحن الأغنية سئ جدًا على مقام النهاوند بجمل طويلة وطريقة نطق مستفزة بالأخص في جملة “حبيبي” توزيع الأغنية هو أفضل ما فيها حقيقي حيث قالب الـ Boss nova الاعتماد على الإيقاع و إليكتريك جيتار بكوردات جيدة بعض الشيء.

“حبيبي ليه”

يبدو أزمة هذا الجيل في عدم قدرته على التعبير بشكل واضح المعالم،وهو ما تفصح عنه تلك الكلمات التي تشعر بأن كاتبها متلعثم لا يربط الجمل ببعضها، لحن الأغنية على مقام النهاوند، ميزة اللحن هو خطف الأذن في بعض الجمل رغم قصر الأغنية، التوزيع جيد اخذ الجملة الأهم “حبيب ليه” وبنى عليها صولو منفرد بالكيبورد أنهى به الأغنية.

YouTube player

“نفس الكلام”

الكلمات مكتوبة وكأنها رسالة مبهمة موجهة إلى شخص ما هو الوحيد الذي يعرف فك شفراتها ولا تعليق، لازلنا مع مقام النهاوند بجمل غير مترابطة في أفكارها وكأنه ينغم كل شطر على حد وهناك فارق بين التنغيم وبين التلحين، التوزيع جيد نسبيًا حيث صب اللحن في قالب البوب وأن بالغ في استخدام المؤثرات الصوتية.

“وحيد ويا السما”

أكثر الأغنيات المكتوبة بشكل متناسق قياسًا على الأغاني الأخرى، اللحن على مقام النهاوند ويبدو انه لا يعرف غيره تقريبًا، التوزيع أفضل ما في الأغنية كله في قالب الفلامنجو وأن لم يتسق قليلًا مع فكرة الكلمات.

YouTube player

“عنيكي بلون السما”

يبدو أن هذا التراك كان موسيقى فقط و أقحمت الكلمات عليه عنوة رغم قلتها حيث لم تحتوى إلا على أربع شطرات بلا أي فكرة بل أنك لن تستطيع تمييز كلماتها من الأساس، بناء الموسيقى جيد على نفس المقام النهاوند أخذ شكلًا تصاعديًا في قالب الـ Psychedelic  Rock  مع أستخدام جيد للكيبورد وظهور الإلكتريك جيتار في نهايته أعطى دسامة للأغنية.

“عزبة الهجانة فين”

يبدو أن التراك يحتفي بشركة الإنتاج الخاصة بالألبوم “هجانة ميوزيك” دون ان يذكر جملة “عزبة الهجانة فين” داخل الكلمات العشوائية التي لا تستدل عليها سوى أنه شخص تائه يبحث عن شئ ما مجهول هو الوحيد الذي يعرفه وإن كان يمكن أن يستعيض عن ذلك بالاستدلال بخرائط جوجل ليدرك أن عزبة الهجانة تتاخم حي مدينة نصر في القاهرة، التراك على نفس منوال التراك السابق “عنيكي بلون السما” نفس الأجواء الموسيقية تقريبًا بنفس المقام الموسيقي.

إقرأ أيضا
الكبير

“لسه برئ”

يلخص هذا التراك عشوائية هذا الجيل الذي لا يعرف كيف يعبر عن نفسه بوضوح وعشوائية تجربة “توو ليت” الذي لا نعرف ماذا يقصد وان كان أعلنها صراحة في بداية الكلمات ” دي مزيكا حياتي بس لو كانت فيلم” ثم انهاها بشكل مبهم ” طب لو كنت إنسان تاني، هل كان هيفضل دا حالي، ولا كنت هعيش”

الغناء ريستاتيف على طريقة الراب مع إيقاع Bossa Nova على مقام النهاوند مع ميكس سئ جدًا لا تستطيع تمييز الكلمات هو فقط يريد إدخالك في الحالة “الطفل اللي جوايا لسه برئ” ولا يهم الباقي.

عندما تصنع حدثًا من لا شئ.

وسط مشهد غنائي عشوائي تتحكم فيه وسائل التواصل الإجتماعي وتحكمه نسب المشاهدات، ولا يسير وفق قواعد منطقية في تحديد ما هو العمل الجيد من العمل الردئ، تُصنع أحداثُا من لا شئ، يطفو إلى السطح فنانون على حساب آخرين وكله في النهاية ينتهي إلى غياهب النسيان، لا شئ يبقى ويعلق في الذاكرة.

الشاهد أن المقنع “توو ليت” صنع جدلًا حوله هذا الجدل جعل مواقع التواصل الإجتماعي تقتات على سيرته وتصنع فيديوهات قصيرة لأغنياته أو للتحري عن هويته، ومن ثم صعدت أغانيه لتحتل مراكز مقدمة في قوائم بيلبورد عربية أكثر القوائم الموثوق في نزاهتها حاليًا،ثم ظهر أخيرًا في حفل أقيم ضمن فعاليات مهرجان العلمين السياحي، وأثار استهجان البعض لكنه في النهاية استطاع أن يصنع حدثًا تقريبًا  من لا شئ.

روبي وايه اللي حصل في السنبلاوين!

الكاتب

  • توو ليت محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان