أمين حسنين .. ابن عالم الأزهر الذي احترف الغناء الشعبي وضرب فتوات حي بولاق
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
[video src="https://youtu.be/XdUqVm_LoYw"]
اشتهر بالأغاني الشعبية التي مازالت حية في وجدان المصريين رغم مرور عشرات السنين على رحيله، إنه الشيخ “أمين حسنين” الذي تميز بصوته القوى حيث كان بمجرد أن يبدأ في الغناء، يجذب جميع السكان من كل مكان، جاء إلى القاهرة، تاركًا مسقط رأسه القليوبية، لاستكمال دراسته الجامعية، ولم يكن يتخيل أن كلمات أغانيه الشعبية “اوعى تكلمني بابا جاي ورايا.. ياخد باله منى يزعل ويايا.. فاهم.. اوعى تكلمني بابا جاي ورايا”، و”شبيكي لبيكي عبدك وملك أيديكى.. في هواكي بيشكي ولا يصعبش عليكي.. شبيكي لبيكى”، سوف تُعلن عن اسمه في جميع أرجاء العاصمة.
نشأته وبدايته
كان والد أمين حسنين أحد أعظم مشايخ الأزهر الشريف، وكان أيضًا أستاذًا للقراءات، التحق أمين بالكلية الحربية، لكن والده رفض ذلك رفضًا شديدًا، وطلب منه أن يصبح شيخًا مثله ويرتل القرآن الكريم بصوته، فقرر أمين أن يخرج من الحربية ويتقدم لامتحان حفظ القرآن الكريم، فأعطيت له شهادة رسمية بأنه من حفظة كتاب الله وأُعفى من التجنيد لهذا السبب، وكان في ذلك الوقت يهوى الغناء ويذهب إلى الموالد لكى يغنى ويطرب، وفى عام 1922م، كان الشيخ أمين يحكي قصة المولد النبوي الشريف، فاستمع إليه مندوب إحدى شركات الاسطوانات وكان اسمها “كالدرون”، وطلب منه أن يحضر إليه للاتفاق معه على تسجيل اسطوانات، وكان بديع خيرى يؤلف الأغنية والشيخ زكريا أحمد يلحنها والشيخ أمين حسنين يغنيها، وسجل أمين ما يقرب من مائة وسبعون أسطوانة، وكان يأخذ عشرون جنيهًا فقط كأجر على كل أسطوانة، ومرتبًا شهريًا قدره 15 جنيهًا، وكانت مدة العقد هي عشر سنوات، ولما رغبت إحدى الشركات الأخرى للتعاقد معه، رفع أجره على الاسطوانة الواحدة من 20 إلى 40 جنيهًا.
شيخ بدرجة فتوة
امتاز الشيخ أمين حسنين إلي جانب صوته القوي، بقوى بدنية خارقة، وفي يوم كان مطلوب منه إحياء إحدى حفلات الطرب التي أقامها فتوة في حي بولاق الشعبي، وامتلأ السرداق وقتها بمئات من أبناء الحي.
واتخذ الشيخ أمين موضعه فوق المنصة ليبدأ في الغناء، وساد الصمت بين الحضور، واندمج في الغناء كثيرًا لدرجة أنه سرح فيما يقوله وانصرف عن الجمهور، الذين ما أن لاحظوا انصرافه عنهم، حتى بدأوا في الصياح غاضبين من تجاهله، فكيف يتجاهل هذا المغنواتي فتوات الحي الكبير؟، وحدثت مشادة كلامية شديدة بين الطرفين، وتطور الأمر وصارت معركة جسدية، ونزل الشيخ أمين من فوق المنصة إلى أرض السرداق، وأمسك بمقعد خشبي، وأخذ يضرب الجميع، الذين فروا من أمامه خائفين ومرعوبين، يحمدون الله على خروجهم أحياء من تلك المعركة، ولم يبق في النهاية سوى صاحب الحفل.
الشيخ أمين حسنين وروميل
وصلت شهرة الشيخ أمين حسنين لجميع أرجاء الوطن العربي، وطاف بلاد عربية كثيرة حتى استقر أخيرًا في تونس، التي كانت قد شهدت الحرب العالمية الثانية وقتها، وتعرضت لأهوال ومصائب كثيرة، حيث جاء الجيش الألماني إلى تونس، وعلى رأسه ثعلب الصحراء “روميل”، الذي كان يعرف اللغة العربية جيدًا، ووصلت إليه أغاني الشيخ أمين حسنين، وكان يطلبه يوميًا ليغني له، وبتوصية منه، تعين الشيخ أمين في إذاعة الراديو، وتولى إذاعة بعض النشرات باللغة العربية.
المصريون والحسين.. قصة عشق الشهيد وتعظيمه
بعد ذلك اعتزم الجيش الألماني الانسحاب من تونس، وقام روميل بإهداء سيارة فاخرة للغاية للشيخ أمين، وقام بدعوته هو ومجموعة من أصدقائه للذهاب إلي مكان خاص علي الشاطئ، ولكن يشاء القدر أن ينسحب الجيش من تلك البُقعة، فوجد الشيخ أمين نفسه محصورًا في مكانه، وتتساقط القنابل من حوله ولم يستطع أن يُحرك قدميه من الخوف، أما بالنسبة لصديقه، فقد أصابته شظية قسمته إلى نصفين، وظل الشيخ أمين ثلاثة أيام بغير طعام ولا شراب حتي تم الانسحاب تمامًا، وعاد إلي القاهرة مرة أخري، ولكنه لم يستطع البقاء بها بسبب ظروف الحياة، فقرر العودة إلي تونس ليبقي فيها مع أخيه.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال