أنا غير سعيد .. أنا راضي تمامًا .. لماذا اختلف عبد القدوس مع محفوظ في نظرتهم حول أعمالهم السينمائية؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
للأديب أو القاص رؤيته الخاصة في أي عمل يبدعه .. وحين يخرج العمل إلى النور وتتداوله أيدي القراء يكون قد اكتمل إسلوبًا ومضمونًا .. لكنه حين يدخل في جانب آخر من جوانب – ونقصد به التمثيل – تتناوله أيدي المخرج والسيناريست بالتغيير والتبديل، وإضافة شخصيات جديدة وأحداث لم تكن موجودة في القصة الأصلية ليساير رؤيتهما وحسب ما يرياه مطابقًا لذوق الجمهور وإقباله . ترى ما هو موقف القاص والأديب من هذا .. ورأيهما فيما يحدث .. حول هذه جرى حوارين في عدد مجلة الكواكب بتاريخ 4- ديسمبر – 1984، كما أجاب أديب نوبل نجيب محفوظ في إحدي اللقاءات التليفزيونية على نفس السؤال .
يقول الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس صاحب الرصيد الكبير من هذه القصص : (لا أنام – الوسادة الخالية – الخيط الرفيع- أرجوك اعطني هذا الدواء – لا تسألني من أنا – وغيرها .. ) :
في رأيي أن القصة المقروءة لا يمكن أن تظهر كما هي سينمائيًا لأن احتياجات العمل السينمائي تختلف اختلافًا كبيرًا عن احتياجات القصة المقروءة، فالقصة المقروءة تعتمد على فرد واحد هو الكاتب وله مطلق الحريات، إنما القصة السينمائية أو السيناريو مقيدان أولًا بقيمة رأس مال المنتج ورأي المخرج ورأي الممثلين، فالفيلم السينمائي عمل جماعي مشترك لا يمكن أن ينفرد به شخص واحد، وهذا يوجد اختلافًا كبيرًا بين القصة المقروءة والسيناريو، وهذا وضع عام بالنسبة للسينما على مدى تاريخها الطويل، لم يحدث أن يكون الفيلم هو القصة حتى قصص الكاتب العالمي (إرنست هيمنجواي)، إنما المهم هو الاحتفاظ بفكرة القصة وموضوعها وشخصية أبطالها، أما الذي يختلف فهو التحركات والمجالات، مثلًا أستطيع أن أصف معركة حربية في عشر صفحات، إنما الفيلم يخرجها إما في حوار أو في دقيقة حسب ظروف الإخراج، وهذا التغيير يسئ إلى القصة في معظم الأوقات .
وأنا رغم أن قصصي تكون ناجحة سينمائيًا وأفرح بنجاحها إلا أنني أكون الوحيد غير السعيد، لوجود هذه التغييرات في الواقع، ولقد كتبت بنفسي سيناريو “الخيط الرفيع وحواره أيضًا فاضطررت أن أغير من الأحداث والتسلل والمشاهد لأنه لا توجد إمكانيات كافية في السينما .. “ليلة القبض على فاطمة” مثلًا ظهرت في الإذاعة والسينما والتليفزيون باختلافات واضحة، وذلك لأن القصة التي تعبر عنها في صور غير تلك المقتصرة على الاستماع أو الكتابة، وفي السينما القصة تعرض في ساعتين ولكن في التليفزيون تعرض في خمس عشرة حلقة فلابد من وجود اختلافات .
ويقول الكاتب القصصي الكبير نجيب محفوظ والذي له أكبر رصيد من القصص التي حولت إى أفلام سينمائية، ويجيب:
أن المفروض أن الفيلم يغير فقط من طريقة التعبير وليس من فكر الكاتب – والأصل أن السينمائي عندما يشتري قصة فإنه يشتريها لأنه أعجب بشئ فيها – وإذا أخذ مضمون وفكّر الكاتب وأعطاه فكرًا ومضمونًا آخرين فهذا عدوان – والشئ الذي يجب أن تحترم فيه القصة هو فكرهان فليس من حق السينمائي أن يجعلني يمينيًا إذا كنت يساريًا والعكس أيضًا – ولقد تعرض كُتّاب الغرب الكبار لتجربة التغيير في قصصهم العالمية، كما حدث للكاتب هيمنجواي الذي تحولت إحدى رواياته إلى شئ مختلف تمامًا من وقائعها عندما حولت إلى فيلم سينمائي .
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال