أنا وميسي ونهائي المونديال
-
إيمان أبو أحمد
مترجمة وصحفية مصرية، عملت في أخبار النجوم وفي مجال ترجمة المقالات في عالم الكتاب ولها العديد من المقالات المترجمة، وعملت في دار الهلال ومجلة الكتاب الذهبي التابع لدار روزاليوسف. ولي كتاب مترجم صدر في معرض الكتاب 2021
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
لم أكن يوما من متابعي الكرة المهاويس، ولكن بعد أصبح لدي صبيان أصبحت كرة القدم قاسم مشترك في حياتنا، وأصبح صوت صياحاتنا تخرج مع كل مباراة، وكل لعبة حلوة، وكل جون، وأصبح ميسي والمونديال أساس في بيتنا ومتابعته واجب.
وعندما جاء موعد كأس العالم كان لابد وأن أتابع وأن أركز لأفهم، ومن أول يوم كنت متحيزة للمنتخبات العربية، ويوم أن هزم المنتخب السعودي المنتخب الارجنتيني كان يوم سعيد بالنسبة لي، ولكنه كان يوم حزين لابني لهزيمة ميسي.
أنا اعلم جيدًا قيمة هذا اللاعب المعجزة ولكن لم أدرك قيمة هذه البطولة في تاريخه إلا من ابنيّ الصغيرين المهوسين بميسي وتاريخه، ولم أكن أدرك ذلك الكم من الحب الموجود في القلوب لهذا اللاعب.
وعندما حسمت النتائج بأن الأرجنتين سوف تواجه فرنسا وسيتنافسان على الكأس، كان قلبي مع أولادي أقصد مع ميسي، جلست أتابع المباراة، ولم أكن أتوقع أنا ولا أي أحد كل هذا الكم من الإثارة والرعب، فالمباراة حتى الدقيقة 80 من الشوط الثاني كانت محسومة لصالح الأرجنتين او اجعلنا نقول ميسي بجولين اثنين، كان يبدو أن الأمر منتهي وبدأ ابني يعدد كم الإنجازات التي ستضاف إلى ميسي بعد هذه البطولة فإنه ينهي تاريخه ببطولة العالم، وسيكون هداف الدورة و… و… ونتيجة لكل ذلك فإن البالون دور هي التي ستبحث عنه وليس هو، ولكن فجأة ودون سابق إنذار تنتفض فرنسا وتحرز هدف في مرمى الأرجنتين، ويتأزم الموقف وقبل أن نفيق من أول صدمة تفاجئنا الأقدار بضربة جزاء مستحقة لفرنسا، وخلال دقيقة واحدة تتساوى فرنسا مع الأرجنتين في النتيجة، وتضيع كل منجزات ميسي التي كان سيحصل عليها والتي عددها صغيري.
جلست وأنا أتباع هذا الجنون، وبدأت مباراة أخرى من جديد الأرجنتين تزأر تحاول أن تستعيد الفرصة، وفرنسا تحاول الحفاظ على النتيجة المبهرة، بل وتحاول أن تقتنص جول آخر يحسم المباراة ولا يجعلنا نلجأ إلى ضربات جزاء ترجيحية.
وفجأة تستطيع الأرجنتين أن تفعلها وتحرز هدف جديد فنسمع الصيحات من كل مكان، صرخات إعجاب ودهشة وسعادة بالأمل الذي يولد من جديد، ولكن لم تقبل فرنسا هذه النتيجة وبسرعة تلاحقها وتستطيع أن تحصل على ضربة جزاء، وتعود الكرة من جديد التعادل المقلق، ويضاف عليها رغبة محمومة بإحراز هدف إضافي يحقق الأمان وينهي هذه المعركة الطاحنة، وينتهي الأمر بالوصول إلى ضربات الجزاء وتتوقف نبضات قلبك مع كل ضربة ومع كل جون ومع كل حركة قدم أي لاعب من الفريقين وترتفع الدعوات والعيون إلى السماء وتحبس الأنفاس وتتحجر الدموع في الأعين، وأسمع صوت نهنة ابني مخنوقة ضعيفة، حتى تنتهي المباراة لصالح ميسي ونصرخ جميعا فرحًا وأسمع صوت الصرخات والصيحات من كل مكان.
ويتوج ميسي وينهي حياته في الملاعب نهاية رائعة مستحقة، ويُلبسه أمير قطر عباءة سوداء رداء العرب في لفتة جميلة وكدليل على التكريم والمحبة والتقدير لهذا اللاعب الموهوب.
طوال المباراة وأنا أفكر أن هذه المباراة حكاية كل موهوب وكل طموح في الحياة، مهما قابلته صعاب في طريق تحقيق هدفه فإنه مستعد، مهما وقع فإنه يقف من جديد، مهما ظهر في البداية أنه فشل، لابد وأن يُكمل، ويعود من جديد لآخر لحظة لا يأمن للنتائج، ومهما ظهر في البداية أنه نجح ووصل لابد وأن يحمي حلمه، ويحافظ على ما حقق.
طوال المباراة وأنا أتساءل كيف علمونا أن الود عكس الطموح والإنجاز، وأنك كي تكون مدير او قائد ناجح لابد وأن تكون مكروه، فها هو ميسي قائد لفريق كبير ورغم ذلك الكل يحبه، ويتعامل معهم بود ويبتعد عن الكبر أو الغرور مع زملاءه.
ميسي رغم أنه رجل ناجح إلا إنه محب لأسرته فلحظة الاحتفال سارع يطلب أسرته، واكتملت لحظات السعادة بصغاره وهم حوله ويمسكون كأس العالم، وجائزة أفضل لاعب في المونديال، وبعدها زوجته تجلس بين أحضانه في هدوء وسكينة وهو يجلس سعيد وهادئ.
عندما أمسك ميسي الكأس ذهب إلى زملاءه يبادلهم الرقصات والاحتفال ولم يستأثر به لنفسه بل توجه فورًا إلى شركاءه في المشوار الطويل الصعب.
وفي لفتة إنسانية جميلة نزل الرئيس الفرنسي ماكرون بعد انتهاء المباراة إلى أرض الملعب يؤازر لاعبي منتخبه الأبطال وبخاصة البطل امبابي، وظل يربط على يديهم ويمسح دموعهم.
الكاتب
-
إيمان أبو أحمد
مترجمة وصحفية مصرية، عملت في أخبار النجوم وفي مجال ترجمة المقالات في عالم الكتاب ولها العديد من المقالات المترجمة، وعملت في دار الهلال ومجلة الكتاب الذهبي التابع لدار روزاليوسف. ولي كتاب مترجم صدر في معرض الكتاب 2021
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال