دويتو أنغام و وائل كفوري “برضه بتوحشني” .. ليس كل ما يلمع ذهبًا

رغم إعلان تركي آل شيخ اعتزاله كتابة الشعر الغنائي منذ عدة أشهر، إلا أنه فاجئنا بإطلاق أغنية جديدة على قناته الرسمية على موقع اليوتيوب من كلماته تجمع بين المطربة المصرية أنغام والمطرب اللبناني وائل كفوري بعنوان “برضه بتوحشني”.

الأغنية كتبت كلماتها بلهجة مصرية خالصة، وهذا ما يجعلنا نسلك طرق شديدة الوعورة للحديث حول تكنيك كتابة الشاعر تركي آل شيخ ذو الألف وجه، حيث تربى ونشأ في السعودية ومع ذلك يكتب بلهجة مصرية وكأنه ولد وتربى في أحد شوارعها، لا يملك بصمة خاصة في أشعاره يمكن أن نعرفه بها، ولا حتى صياغة في قالب غنائي متكرر يصب فيه كلماته، مع تفاوت واضح في مستوى الأشعار نفسها ما بين القوة والضعف الشديد، وهذه قصة قتلت بحثًا لكن في النهاية تبقى نتائجها معروفة للقاصي والداني.

اقرأ أيضًا

جديد عمرو دياب … أضواء نيون الإعلانات والسعر أنا.

 كتبت الكلمات بصيغة محاورة بين رجل وامرأة تتحدث حول افتقادهم لقصة الحب التي تجمع بينهما، عبرت بشكل بسيط عن الفكرة وأن صيغت بمفردات استهلكت مئات المرات في الأغاني، لكن بأي حال من الأحوال تلك طبيعة الأغنية العربية حاليًا التي تعاني من ضعف واضح في الأفكار وتكرارها بشكل مبالغ فيه ولا يوجد اهتمام جدي بإنتاج أفكار جديدة أو حتى صياغة الأفكار التقليدية بشكل جديد أو مختلف.

لحن الدويتو الملحن “عمرو مصطفى” وهو نقطة الضعف الأكبر في الأغنية، وهو واحد من الألحان الخادعة جدًا لأذن المستمع، فبرغم أن اللحن كله صيغ على مقام النهاوند دون نقلة واحدة تذكر، إلا أننا أمام جمل لحنية غير مترابطة لا تتسق مع بعضها البعض، مع ضعف في قفلات الجمل وتسليمات الغناء.

اللحن عبارة عن عدة تجميعات لثيمات لحنية لا تمت بصلة لبعضها البعض، يفتقر إلي الجملة الرشيقة السلسلة التي تخطف أذن المستمع، لا جملة تسلم جملة بسلاسة ولا جملة ترد على جملة بشكل يوحي أننا أمام بناء لحني متماسك كوحدة واحدة وكأننا أمام عدة أغنيات مختلفة وليس أغنية واحدة.

تولى توزيع الأغنية الموزع “نادر حمدي”، حيث بدأها بفاصل من الجيتار الأكوستيك يعزف جملة غير مفهومة بالمرة يصاحبها بيركشن على إيقاع الرومبا، لتدخل فجأة أنغام بخط الغناء دون تغيير في الموسيقى المصاحبة لها، دخول وائل كفوري لم يكن متوقعًا ولم يحدث له أي تمهيد لا في جملة اللحن ولا في التوزيع حيث يأتيك إحساس بأن الجزء الذي تغنيه أنغام مبتور غير مكتمل.

اختيار طبقات الغناء كان سيئًا جدًا من نادر حمدي، حيث بدأ كافوري الغناء من طبقتين “قرار” و”جواب” عكس أنغام التي تغني من طبقة واحدة فقط، لتكتمل سلسلة الكوارث في جزء “من فينا” والذي غناه كافوري من طبقة غير مريحة لصوته لتدخل أنغام فجأة من طبقة أخرى ليظهر التفاوت الواضح بين الأداء وكأننا دخلنا في أغنية أخرى، حتى أنه لم يحسن اختيار الطبقة في الجملة المشتركة التي تجمعها.

الأغنية بلا أي فاصل موسيقي يجعلنا نلتقط الأنفاس بدلًا من تدافع الغناء في طبقات غير مريحة كان بمثابة إزعاج، رغم انه فضل أن ينهي الأغنية بجملة ختامية كان من الممكن أن يجعلها فاصل موسيقي على أن يختم الأغنية  Fade out بصوت الثنائي في جزء “وأنا لسه بتوحشني” ، بالنسبة لجزء الهارموني بالأخص خط الوتريات فجاء ضعيف ومستهلك بلا أي ملامح وظهر متأخرًا جدًا بعد حوالي دقيقة من بداية الأغنية ولا أعرف لماذا لم يتم إسناد مهمة كتابتها إلي هاني فرحات بدلًا من اقتصار دوره على تنفيذ الموسيقى.

إقرأ أيضا

أشهر نعي في تاريخ الصحافة الفنية .. ماذا كُتِبَ عن مبتكر الضحك المصري؟

هذا الدويتو يأتي ضمن مسلسل سيطرة تركي آل شيخ على نخبة الغناء في الوطن العربي،  ويبدو أن الأزمات الإنتاجية التي يعاني منها أغلب المطربين تدفعهم رغم أنفهم للتعاون مع تركي اّل شيخ وغناء أي شي يقدمه لهم حتى ولو على حساب جودة العمل، ولكن يبدو أنه لا حل سوى الرضوخ لشروطه وإلا الجلوس في البيت ورغم الميزانية المفتوحة لتقديم كم كبير من الأعمال الفنية، لكن يقابل ذلك استسهال وعدم اهتمام بجودة المنتج الفني الذي يخرج بمشاكل فنية واضحة وقاتلة جدًا، لن تنفع فيه أي محاولات تلميع أو اضفاء أي بريق عليه كمن قرر أن يطلي قطعة من الخردة بلون براق لكن ليس كل ما يلمع ذهبًا.