أوبريت مهر العروسة .. حكاية عمل أدى لأزمة ثقافية بسبب موسيقار الأجيال

حقق عبدالرحمن الخميسي نجاحًا مدويًا في تعريب أوبريت الأرملة الطروب عام 1961م، ليكتب أوبريت مهر العروسة عن تأميم القناة في نفس السنة.

كيف ظهر أوبريت مهر العروسة ؟

بداية ظهور أوبريت مهر العروسة كان عبر جريدة الجمهورية حيث نشر عبدالرحمن الخميسي الفصل الأول منه لتنشر الجريدة في 27 مايو 1961م خبرًا يفيد بأن وزارة الثقافة عهدت إلى موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب تلحين الأوبريت ونجح في تلحين 3 مواقف غنائية بالفصل الأول.(1)

كان يوسف إدريس من أول الذين اقتنعوا أن الموسيقار محمد عبدالوهاب لن يلحن الأوبريت، وقال «إن عبد الوهاب لن يُلحِّن مهر العروسة ولا غيرها، وإن كل تصريحاته واتفاقاته ما هي إلا حركةُ ذكاء بارعةٌ هدفها «سرقة» هذه المُظاهرة المُنادِية بالأوبريت».(2)

رأى يوسف إدريس في محمد عبدالوهاب أنه لن ينجح في تلحين الأوبريت لأن هذا لون لم يعمل فيه وقال عن ذلك «عبد الوهاب قد لحَّن مئات الأغاني والمواقف العاطفية ولكنه لم يُلحِّن أوبريت واحدة، إذا كانت المطالبة بأن يُعهَد لموسيقارٍ آخر كأحمد صدقي أو عبدالحليم نويرة أو غيرهما من الموسيقيِّين بمهمة تلحين الأوبريت، فلسببٍ بسيطٍ أيضًا لأنهما لحَّنا أوبريتات فعلًا، وقُدِّمَت على المسرح وشاهدها الناس».(3)

اقرأ أيضًا 
تاريخ حفلات الليلة المحمدية من الازدهار للانهيار “المجموعة كاملة MP3”

الهجوم الذي صبه يوسف إدريس على عبدالوهاب، جعل أحمد حمروش يرفض ما قاله يوسف إدريس ويرد عليه، ليقابل يوسف إدريس النقد بالنقض، فقال أن محمد عبدالوهاب كسول، وحكى يوسف إدريس موقفًا يؤكد ذلك فكتب «أقابل الدكتور علي الراعي مدير مؤسسة دعم المسرح، والأستاذ عبد الرحمن الخميسي مُؤلِّف أوبريت مهر العروسة وأسألهما ويدخل السؤال في دائرةٍ مفرغة. الدكتور علي يقول إن عبد الوهاب يعتذر في الاجتماعات بأن نص الأوبريت لم يصله، والخميسي يقول لقد انتهيتُ من فصلَين وسلَّمتُ عبد الوهاب الفصلَ الأوَّل كلَّه ولكنه لم يُلحِّن إلا ثلاثَ أغنياتٍ منه في مدى عام ونصف، وإنه ظل يتردَّد على عبد الوهاب أكثر من ستة أشهر ليتفق معه على الأغنيات والمواقف، وكان عبد الوهاب كثيرًا ما يعتذر إليه بتوعُّكه أحيانًا وبمشغولياته الكثيرة أحيانًا أخرى، ثم يبادر الخميسي ويستدرك قائلًا: ولكني أنا المسئول. عبد الوهاب غير مسئولٍ مطلقًا. وأنا المسئول، ولا يتفق كلامه الثاني مع كلامه الأول، والنتيجة دائرةٌ مُفرغةٌ يمكن أن تظل إذا دخلناها عامًا وعامين وعشرة أعوامٍ في انتظار أن ينتهي عبد الوهاب من تلحينه لمهر العروسة».(4)

وتصدق نبؤوة يوسف إدريس فيقوم بليغ حمدي بتلحين الأوبريت، ويضع عبدالحليم نويرة الإعداد الهارموني، ويقوم أندريا رايدر بالتوزيع الأوركسترالي، ويصمم الديكور سيف وانلي، وتقوم الدكتورة رتيبة الحفني بتدريب الكورال، بينما تصمم نيللي مظلوم الرقصات، ويتولى سعد أردش إخراج الأوبريت.

دور نيللي مظلوم في أوبريت مهر العروسة ؟

أدرات نیللي مظلوم بصفتها مصممة رقصات الأوبريت الكواليس باقتدار شديد، إذ رأت أن تقوم الرقصات بنظام الرقص التعبيري، وهو أحد أشكال الرقص العام ويستعان فيه بالديكور والملابس ويقدم حركات تعبيرية تحكي شيئًا من حياتنا وتراثنا وفلكلورنا الشعبي.(5)

إقرأ أيضا

رأس الحسين في دار خزائن السلاح بدمشق “كيف رآه المؤرخين”

كانت فرقة نيللي مظلوم للرقص التعبيري قد اختفت طوال موسمين بسبب عدم وجود مسارح، مما جعلها توزع أعضائها على فرقة التلفزيون الاستعراضي وبرامج التلفزيون الراقصة، إلى أن انشغلت مع مهر العروسة، جنبًا إلى جنب مع إشرافها على معهد جاردن سيتي لرقص الباليه، وأشرفت نيللي مظلوم أيضًا على تعليم حتى الأطفال الصغار على الباليه، وهو ما أنجح الأوبريت الذي ظهر لأول مرة في 2 إبريل عام 1964م.

(1)  شهدي محمد عطية، ملهمة الشعراء، موقع مجلة صباح الخير، 8 مايو 2019م
(2)  يوسف إدريس، جبرتي الستينيات، ط/1، مؤسسة هنداوي، القاهرة، 2019م، ص47.
(3)  المرجع السابق، ص52.
(4)  المرجع السابق، نفسه
(5)  محمد رفعت، نيللي مظلوم تقدم تجربة باليه شرقي، مجلة الكواكب والاثنين، عدد: 632، يوم 10 سبتمبر 1963م، ص53.