أوراق الدير .. سانت كاترين العائم على السر الكبير
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
“دير الله المقدس” الذي أمر الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول ببناؤه عام 548- 565 م كي يكون ملجأً للرهبان الساكنين بشبه الجزيرة، وأصبح “دير سانت كاترين” بعد استشهاد القديسة كاترين في أوائل القرن الرابع ميلاديًا وتم اختيار اسمها عنوانًا للدير لاكتشاف جسدها بالقرب من جبل سانت كاترين .
الآن، وقبل ذلك، وفيما بعد، سيظل دير سانت كاترين مقصدًا رئيسيًا للسائحين، وكل من يحاول أن يتلمّس بأنامله خليط المشاعر العجيب بين عبق التاريخ، وقدسية الأشياء، وقيمة المكان من زمانه، وممن مروا أوعاشوا هنا، وممن دافعوا عنه، المكان الذي شهد الحب والموت والصراع، التعنت، والأمل، والرومانسية، والدم .. حتى إنه أصبح مزارًا على رادار الشباب المصري في الجامعات بالتحديد لما كُتب عنه من أسرار وخبايا تحفز على الركض لحجز أول تذكرة للسوبر جيت للوصول إلى هناك .. إلى جنوب سيناء .. حيث الاستمتاع بالطقس الجليدي الذي يبلغ اليوم سبعة درجات نهارًا، وأربعة تحت الصفر ليلًا !
وكيفما كان الدير مقصدًا للزائرين فهو أيضًا عاملًا محفزًا كبيرًا لكل من يحاول الكتابة بشغف عن إحدى الأماكن المهيبة، لذلك ستجد المواقع والصحف زاخمة بالمقالات عن آخرها فيما يخص الدير وتاريخه وكيفية الاستفادة بأكبر قدر من المعلومات عند زيارته .. لذلك حاولنا التطرق لما هو أبعد قليلًا، حيث أسرار الدير المحفوظة بالأحبار على الأوراق والمخطوطات، وفي ذلك دراسة قصيرة قدمها فريق بحثي أمريكي استطاعوا تفريغ بعض المكتوب بمخطوطات الدير وتصويره.. وفي ذلك بعض الملحوظات المذكورة بالدراسة .
سانت كاترين والمخطوطات العربية
ترجع أقدم مخطوطتين بالدير إلى القرنين الثالث والرابع الهجري ، والأولى نسخة من الأناجيل الأربعة: متي ومرقي ولوقا وبوحنا، مكتوبة بالخط الكوفي وتاريخها يرجع لسنة 284 . وهي مجلدة تجليدًا متقنًا ومكتوبة بالحبر الأحمر والحبر الأسود . ويقتصر الحبر الأحمر على كتابة عناوين الأناجيل والصلوات ومواقيت قراءتها . ويلي الأناجيل في هذه المخطوطة مقالات : أحدهما لأويل أو قرة والثاني لباسليوس القديس . وتنتهي المخطوطة هكذا : “وكتب المسكين في أشهر العجم في أول شهر اذار، ويكون من حساب العالم على ما تحسبه كنيسة بيت المقدس القيامة المجيدة من سنة ستة آلاف وثلثمائة وتسعة وثمانين سنة، ومن سنين العرب في شهر المحرم من سنة أربعة وثمانين ومائتين سنة. رحم الله من قرأ وكتب، ووهب الفهم والحفظ للوصايا آمين.”
والمخطوطة الثانية أربعة أناجيل مكتوبة كذلك بالخط الكوفي وتاريخها ذي القعدة سنة 392 ه . وشغلت الأناجيل النصف الأول من المخطوطة، أما النصف الثاني فرسالة عنوانها ” برهان يدل على أن للخلق يكسر قول الدهريين الذين يزعمون أنه ليس الله” وفي نهاية المخطوطة تاريخ كتاباتها واسم كاتبها، وجاء في ورقة مُلصقة بتلك المخطوطة ومكتوبو بخط أسقف الدير أن القمر والشمس كسفتا في الرابع عشر والثامن والعشرين من شهر رجب سنة 380 ه .
المخطوطات المغسولة وحشو الجلود :
وكان معروفًا في العصور القديمة، لجوء البعض إلى غسل المخطوطات وإعادة الكتابة عليها ولا يكون ذلك ميسورًا بالطبع إلا حين يكون النص القديم مكتوبًا على الرق، فتغسل الصحيفة من الحبر القديم لتكون معدة للكتابة عليها من جديد. وفي مجموعة سانت كاترين مخطوطات كثيرة من هذا النوع. وتبدة بين سطور بعض الصفحات كلمات من الكتابة السابقة . كما اُكتُشِفَ واحدًا من المجلدات الضخمة حُشيت جلدته السميكة بطبقات من ورق البردي ذي الكتابات. وأثار ذلك اهتمام الجميع ولكن لم يكن من السهل الاستمرار في البحث دون الأضرار بجلدة المخطوطة ولعل الإشارة إلى هذه الظاهرة هنا توجه الانتباه إلى كثير مثله .
المصادر :
- موقع وزارة الآثار المصرية الرسمي
- كتيّب مخطوطات ووثائق دير سانت كاترين
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال