رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
503   مشاهدة  

أن تكون موظفا وطفلا.. الرواية كما يراها أورهان باموق

أورهان باموق


في روايته ثلج، وصف الروائي التركي أورهان باموق والحائز على جائزة نوبل للآداب عام 2006، بطل روايته والمسمى باسمه، أورهان، بالموظف الكتابي، الذي يجلس في نفس الوقت كل يوم.

يتبع باموق نفس النظام الصارم، لكنه على عكس الكثير من الأدباء لا يرى أي إهانة بأن يوصف بالكاتب الموظف، فكل يوم يذهب إلى مكتبه الذي يحرص أن يكون منفصلا عن محل إقامته، كما لو كان ذاهبا إلى العمل ليقضي عشر ساعات يوميا.

يقول في حواره مع باريس ريفيو والذي ترجمته سحر توفيق ضمن عدد من مقالات باموق التي نشرت في كتاب “ألوان أخرى“: نعم، أنا عامل مجتهد، استمتع بعملي. يقول الناس أني طموح، وربما تكون هذه حقيقة أيضا. لكني أحب ما أعمل. واستمتع بالجلوس إلى مكتبي كطفل يلعب بالدمى. إنه العمل، جوهريا، لكنه ممتع وهو لعب أيضا.

يؤكد صاحب “اسمي أحمر” على الطبيعة الكتابية للروائي، باعتبارها مختلفة عن طبيعة الشاعر، حيث يقول: الروائي في الأساس شخص يغطي مسافة من خلال صبره، ببطء مثل النمل. الروائي يؤثر فينا ليس عن طريق رؤيته الخيالية والرومانتيكية، ولكن عن طريق صبره، عندما كنت في الثامنة عشر من عمري، نشرت بعض القصائد في تركيا، ثم توقفت، وتفسيري هو أني اكتشفت أن الشاعر شخص يتحدث الله من خلاله، لابد أن يكون الشعر هاجسا يستولي عليك. وقد جربت يدي في كتابة الشعر، لكني اكتشفت بعد بعض الوقت، أن الله لا يتحدث لي. وقد شعرت بالأسف لهذا، ثم حاولت أن أتخيل إن كان الله يتحدث من خلالي، فماذا يمكن أن يقول؟ بدأت أكتب بصبر وببطء، محاولا أن أفهم ذلك. وهذه هي الكتابة النثرية، الكتابة القصصية، ومن ثم فقد عملت مثل الكاتب الموظف. بعض الكتاب الآخرين يعتبرون هذا التعبير نوعا من الإهانة، لكني أقبله، نعم، أنا أكتب مثل “الكتبة”.

لا يمكنك كتابة رواية بدون إلهام، تلك اللحظات التي تعتقد فيها أن شخصًا آخر يهمس لك بما تكتبه. لدي أيضًا هذه اللحظات عندما أكتب الروايات لكنني أعود لتحريرها أيضا، أقضي أغلب الوقت في الكتابة وإعادة الكتابة والتصحيح. كتابة الرواية هي مزيج من الإلهام والتأليف، يقول باموق في حواره المصور على قناة Big think.

YouTube player

 

يشرح صاحب “غرابة في عقلي” الأمر بشكل أوضح لطريقة عمله، حيث يقوم بتدوين فصول الرواية مع بضع كلمات عما قد يحدث وبعض التفاصيل وربما بعض السطور، قبل أن يشرع في كتابتها، رغم ذلك يقول إنه لا يمنع نفسه مما قد يأتي إلى عقله أثناء عملية الكتابة، فلا يمكنك على حد تعبيره من تخيل الرواية بالكامل قبل أن تبدأ في كتابتها، لأن للعقل والمخيلة والذاكرة البشرية حدودا معينة. كما أنه لا يخطط للحبكة، ولا يسمح للشخصيات أن تفلت من سيطرته، بتلك الطريقة قد لا يكتب الفصول بترتيب انتهائها، فإذا ما شعر بحبسة الكتابة أثناء كتابة الفصل السابع على سبيل المثال، قد يتركه ويبدأ في الكتابة في الفصل الثلاثين.

فضلا عن الروايات التي تحتاج إلى البحث التاريخي عبر القراءة كرواية “اسمي أحمر” فباموق، يلجأ باموق إلى أن يجري المقابلات مع الناس، كما فعل قبل كتابة رواية ” غرابة في عقلي” والتي تدور قصتها حول بائع متجول على مدار أربعة عقود يرصد عبرها التغيرات في المدينة، من بين هؤلاء اللذين أجرى معهم مقابلات حية، بائعا متجولا هاجر إلى إسطنبول في الستينات، بدون أسرته، ليشيد كشكا من الصفيح، ليتحول بعدئذ إلى مبنى من عشرين طابقا.

لا يخشى أورهان باموق من دعوة الناس إلى بيته، بائعين متجولين، حفارون، عمال يومية، سكارى، عمله هو أن يشجعهم على الانفتاح والتحدث معه بلا خوف، وهي عملية صعبة لأنهم في الأغلب يخافون من الحديث في السياسة أو من الآخرين وبعضهم يكون خجلا من حياته السيئة، وصفة باموق هي أن تكتسب ثقتهم أولا، حينها قد لا يكتفون بإخبارك قصصهم، بل يعرضون قصص أقربائهم وأصدقائهم أيضا.

يصف أورهان باموق الروائي بأنه شخص لا ينتمي إلى جماعة، ولا يشارك في الغرائز الأساسية للجماعة، بل هو شخص يفكر ويحكم على الأشياء بثقافة مختلفة عن الثقافة التي يعيش فيها، وبمجرد أن يكون وعيه مختلفا عن وعي الجماعة التي ينتمي إليها، فهو إذن شخص خارجي، شخص وحيد منعزل. ويأتي ثراء نصوصه من تلك الرؤية المختلسة لشخص من الخارج. وبمجرد أن تعتاد النظر إلى العالم هكذا، وتكتب عنه بمثل هذه الطريقة، تكون لديك الرغبة في الانفصال عن الجماعة.

إقرأ أيضا
البابا

لكن الروائي في الآن عينه بالنسبة إليه ليس إلا طفل يلعب ولكنه في نفس الوقت يحمل قناعة عميقة بأنه أكثر جدية من الآخرين، وهذا لأنه لا يستطيع أن ينظر مباشرة إلى مركز الأشياء بنفس الطريقة التي لا يفعلها سوى الأطفال.

الكتابة الجيدة وفقا لتعريفه هي أن تتيح للقارئ أن يقول” كنت أريد أن أقول نفس الشيء، لكني لم أستطع السماح لنفسي بأن أكون بهذه الطفولة”

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان