أول مرة عمرة (4)
-
إيمان أبو أحمد
مترجمة وصحفية مصرية، عملت في أخبار النجوم وفي مجال ترجمة المقالات في عالم الكتاب ولها العديد من المقالات المترجمة، وعملت في دار الهلال ومجلة الكتاب الذهبي التابع لدار روزاليوسف. ولي كتاب مترجم صدر في معرض الكتاب 2021
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
وياما شفت جمال يا عين
رجعت من الحرم النبوي في حالة نفسية مرتفعة، لدرجة إني كنت حاسة إني محتاجة وقت أستوعب زيارتي الحرم النبوي ، والظروف ساعدتني لأن محمد ابن وائل دخل المستشفى فاتأجلت رحلة مكة، وزي ما يكون ربنا بيديني فرصة آخد نفسي لأن موضوع زيارة الحرم النبوي أكبر من استيعابي.
وفعلا إتأجلت الرحلة أسبوع و”زمزم” صديقتي المقيمة في المملكة بتزن عليا، إنه يا إيمان لازم تروحي الحرم، الكعبة غير، ولما أحكيلها على جرعة النور اللي أخدتها في المدينة المنورة، تقولي بيت الله الحرام مختلف، لازم تروحي، يمكن ربنا يرزقك مرة كمان.
اتفقنا على يوم الجمعة يوم خروج محمد من المستشفى، وجه يوم الجمعة ولكن محمد ما خرج وتم تجديد المدة، فحسيت بالقلق وقررت آآجل، لكن زمزم بقت تشدني لأنه لا لازم تعمليها وما تأجلي، وكمان نشوى رفضت تماما، وطلبت مني أروح علشان أدعيله هناك.
في جدة وانت في الشارع ممكن تلاقي واحد بملابس الإحرام بيدور على مواصلة توديه فين؟ “باب مكة!!!!”، إنت متخيل تبقى راكب ميكروباص، ويكون راكب جنبك واحد مُحرم رايح يركب من باب مكة، إيه باب مكة ده، ده مكان تجمع للمواصلات اللي بتودي للمسجد الحرام.
ولأن وائل كان مشغول مع ابنه رحنا بالمواصلات من باب مكة، ركبنا ميكروباص شيك مع معتمرين تانيين.
بدأت الرحلة وعنيا زي الكاميرا بتلقط كل تفصيلة، وبعد فترة عنيا شافت مجسم المصحف المتعلق في الهواء، وفهمت إننا وصلنا مكة، وبدأ عقلي ياخد الإشارة، والقشعريرة زادت في جسمي، وبدأت أسأل نفسي، هنا كان سيدنا محمد بيمشي؟، هنا كان سيدنا عمر بن الخطاب وسيدنا أبو بكر الصديق؟، هنا كان على وعثمان ابن عفان؟، وهنا كمان كان أبو جهل وأبو لهب؟ وهنا كانت أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد؟، هنا كانت بنات النبي والسيدة عائشة وحفصة؟، وهنا جرت أحداث حياة النبي؟، هنا كان سيدنا جبريل بينزل بآيات القرآن؟، هنا حصلت حادثة أبرهه وطير الأبابيل؟، هنا تمت أحداث الدين الأولى؟.
وقف الميكروباص قدام الحرم بالتحديد قدام البلاط الأبيض نزلت من الميكروباص ورفعت راسي لقيت قدامي المنظر اللي بشوفه في التليفزيون والمآذن المهيبة واقفة في السما.
الجو سخن والرطوبة عالية، لكن مجرد رجلك ما تلمس البلاط الأبيض اللي خارج المسجد، بتقابلك نسمة باردة وريحة حلوة، وبتنتابك حالة من الخشوع والسكينة.
من أول عيني ما وقعت على المسجد وأنا أغنية الشيخ بيرم التونسي بتتردد في وداني ” القلب يعشق كل جميل”، واستشعرت كلماته لأول مرة بالشكل ده، ولأول مرة أحس بمعانيها وأتخيل الحالة اللي كان فيها لما كتب الكلمات دي، صدقت يا بيرم وياما شفت جمال يا عين بس هو في جمال كدة؟.
زمزم كانت أكثر دراية بالمكان، ولأنها عارفة المكان كانت بتخطي بسرعة وتجري وأنا رجليا مش شيلاني وبحاول أتماسك لكن للحظة حسيت إني مش قادرة وفجأة صرخت قولتلها لا بالراحة مش قادرة أمشي، وهنا يبان فرق المشاعر احنا الاتنين مشتاقين وفرحانين لكن اللي أول مرة يشوف غير اللي شاف وداق.
دخلت المسجد وانا بترعش وبحاول أقول قرآن أو أذكار تهديني، لكني نسيت كل اللي حافظاه من آيات وأذكار.
كانت زمزم سنداني وبتحاول تجري بيا لصحن الكعبة، ولكني طلبت أصلي ركعتين قبل ما أدخل للكعبة، وأنا بدور على مكان لمصلى النساء، بصيت قدامي لقيت جزء من كيان أسود ضخم ظاهر من بين فتحات وأبواب المسجد، ولقتني ببكي بشوق.
صدق اللي قال اللي شاف غير اللي سمع، الكعبة ليها جلال ورهبة، قلبك بيتخلع من الرهبة والجلال، بتقف متسمر قدام هذا الكيان الضخم الرابض في مكانه من آلاف السنين تتغير أجيال وتتبدل أجيال وهو موجود شاهد علينا.
أول ما عينك تقع على الكعبة مابتقدرش تمنع دموعك، ولا اهتزاز كيانك كله، دخلت صليت وأنا ببكي، وبدأت أتوجه ناحية الصحن وفجأة لقيت نفسي وجها لوجه أمام الكعبة.
بدأنا الطواف، المنظر مهيب ودموعي مش بتقف وصوت الست ” دعاني لبيته لحد باب بيته وأما تجلالي بالدمع ناجيته” بيرن في ودني، مكنتش حاسة إني ع الأرض، ولا موجودة وسط الناس، كنت مسحورة ودموعي غالباني.
كان العدد مش كبير فكنت قريبة م الكعبة، وبدأت أقرب لقتني قدام مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام، وشفت مقام قدمه الشريفة، وقفت وألقيت عليه التحية حبيبي يا خليل الله ما أعظمها مكانة، وبدأت أسمع مناجاه بكل اللغات اللي سمعتها واللي عمري ما سمعتها، رفعت راسي شفت أجناس من كل بقاع الأرض في مكان واحد، الكل بيدعي والكل بيبكي، اللي ماسك كتاب بيقرا منه، واللي بيدعي بقلبه، واللي بيقوله مش عارف أقولك إيه أنت عارف وعالم، ستات شايلة أطفال، وشباب ساندة أباء وأمهات، والكل في حالة وجل وعظة.
خلصنا الطواف وربنا يسر وكان في تنظيم للصلاة في حجر إسماعيل، صليت ركعتين في حجر إسماعيل، خرجنا من حجر إسماعيل لقيت متيسر القرب من الكعبة ولمس أستارها، ولمس الحجر اليماني.
لما بتلمس الكعبة بتحصلك حالة غريبة من الخشوع والرهبة ودموعك بتجري أكتر، وربنا بيطلق لسانك بالدعاء.
صليت ودعيت إلى الله، وأنا في حالة من الرهبة والخشوع وعدم التصديق، وجت مرحلة السعي بين الصفا والمروة ودي قصة تانية.
الكاتب
-
إيمان أبو أحمد
مترجمة وصحفية مصرية، عملت في أخبار النجوم وفي مجال ترجمة المقالات في عالم الكتاب ولها العديد من المقالات المترجمة، وعملت في دار الهلال ومجلة الكتاب الذهبي التابع لدار روزاليوسف. ولي كتاب مترجم صدر في معرض الكتاب 2021
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال