همتك نعدل الكفة
63   مشاهدة  

أول مقهى للخرس في مصر “صنعت بذرة كيان للصم والبكم”

أول مقهى للخرس في مصر
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



في الوقت الذي اتسعت فيه شهرة شارع كلوت بك كأحد أكبر بؤر الدعارة المققنة داخل القاهرة، نجح الحاج سيد محمد عيسوي أن يؤسس أول مقهى للخرس في مصر كلها.

مقهى الصم والبكم في مصر .. الزبون والصبي كانا أخرسين

مدخل قهوة الخرس في حارة بين الحارات
مدخل قهوة الخرس في حارة بين الحارات

كانت حينها قهوة المعلم سيد العيسوي تقع في شارع كلوت بك وتحديدًا في حارة بين الحارات التي هي أول حارة بعد شارع باب البحر من ناحية ميدان رمسيس (حينه كان اسمه ميدان المحطة قبل أن يصبح ميدان باب الحديد)؛ وتلك الحارة لا زالت موجودة، لكن لا وجود للمقهى الآن.

اقرأ أيضًا
“صور نادرة” الظهور الأول لنشاط التعليم والثقافة داخل قهوة خفاجي في الإسكندرية

المساحة الإجمالية لمقهى المعلم سيد محمد عيسوي هي 5 أمتار طولاً ومتر واحد عرضًا وليس به مدخل للنور أو منفذ للهواء، وقد تفقده محرر مجلة الدنيا المصورة في منتصف عام 1930م بعدما صار المقهى بمثابة الملتقى للصم والبكم بالقاهرة.[1]

إن كان لافتًا أن زبائن المقهى من الصم والبكم، فإن صبي المعلم سيد أيضًا كان أبكمًا، وقد اختاره المعلم خصيصًا لأنه يعرف في كثير من البساطة رغبات زبائنه؛ وكان لهم لغات إشارة مميزة حينها، فمثلاً لو أراد الزبون فنجان قهوة كان ترجمته مص شفتيه مرة واحدة وكانت تعني قهوة سكر زيادة، أما لو مص شفتيه مرة واحدة وأرفقها بإشارة من طرف أصبعه كان المعنى هو زيادة السكر أكثر، أما إن كرر العملية وحرك طرف أصبعه ثم بإشارة لا، فهذا يعني أنه يريدها سادة؛ بينما لو أراد مغات فإنه يضع يديه على بطنه ثم يفتحهما في الفضاء.

كان للخُرْس جمعية غير حكومية

حسين أفندي زعيم الخُرْس في القاهرة
حسين أفندي زعيم الخُرْس في القاهرة

الوضع الذي كان فيه مجتمع الصم والبكم لدرجة تأسس مقهى خاص بهم سنة 1930م، ما كان ليتم لولا وجود بعض العناصر الخاصة بهم، منها مثلاً وجود تشكيل نقابي لهم وهو حسين أفندي أحمد شعبان وكان الخُرْس يدينون له برابطة التضامن والاتحاد وأصبح موضع تقديرهم وعنايتهم على حد وصف محرر مجلة الدنيا المصورة حينها والذي استقبله على مقهى المعلم سيد، وكان ذلك التشكيل بداية بذرة الكيان للصم والبكم كجزءٍ من المجتمع عانى تهميشًا.

لكن يبقى أهم عنصر جعل للصم والبكم بذرة كيان داخل مصر هو التعليم، فأغلب زبائن قهوة سيد العيسوي كان يجيد القراءة والكتابة وذلك بفضل مدرسة تأسست في منطقة باب الخلق أواخر عشرينيات القرن الماضي؛ وتلك المدرسة كانت ملهمةً لمدارس أخرى أشهرها مدرسة مدام تسوتسو اليونانية والتي أسست مدرسةً أهلية للصم سنة 1933م، بهدف تخريج جيل من المدرسين الذين فقدوا السمع والبصر حتى يعلموا تلامذةً من الصم والبكم، وهو ما حدث بالفعل عندما تأسست مدرسة معلمات القبة وكان بها فصلين يتسع ل20 طفلاً وبعد نجاح التجربة قررت وزارة المعارف نقل الفصلين لمعهد المطرية وكانت فريدة موافي هي أول ناظرة لذلك المعهد سنة 1949م.[2]

ألهمت تجربة مقهى سيد العيسوي آخرين، فأسس الحاج عبدالهادي مقهى أخرى سنة 1935م في سوق التوفيقية عُرِفَت لاحقًا باسم قهوة الخُرْس[3]، ووصل ذلك التأثير إلى الإسكندرية حيث مقهى علي الهندي والتي كانت أقدم من الجميع لكن كثرة الخُرْس فيها جعلها أكثر مقاهي الخرس في مصر شهرةً، لدرجة أنه تأسس بجانبها جمعية الرابطة الأخوية للصم سنة 1950م.[4]

إقرأ أيضا
طهران

[1]  محرر، كيف يتفاهم الزبون الأخرس مع الجرسون الأخرس، مجلة الدنيا المصورة، ع67، 1 يونيو 1930م، ص5.
[2]  سامي يعقوب، صانعات المعجزة، جريدة البلاغ، 31 مايو 1949م
[3]  أحمد حربي، كل قهوجى بالإشارة يفهم، موقع اليوم السابع، يوم 14 مايو 2009م
[4]  البراء عبدالله، مقهى في الإسكندرية ملاذ لأصحاب لغة الإشارة منذ عقود، موقع جريدة الشرق الأوسط، يوم 9 مارس 2019م

الكاتب

  • أول مقهى للخرس في مصر وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان