أين الطب النفسي من البرامج الدينية؟!
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
“يا شيخ سمعت حماتي بتدعي عليا اسقط بعد حملي فحكيت لجوزي ولما واجهها قالت له اللي عيزاه عشان تسبني في حالي يا اخدمها يا يطلقني، ولما جوزي خيرها يجب لها خدامة بس تبعد عني أصرت يطقلي، ولما وقف في صفي وقالها دا مش عدل قاطعتنا بالسنين وقاطعت حفيدها اللي ملوش ذنب!”
حكت لي صديقة عن شكوى هذه المتصلة بأحد البرامج الدينية، وبعد جفاء طويل تعرضت له من معاملة حماتها، والفُجر في الخصومة الذي عانت منه، قال لها الشيخ أن خطأها كان نقلها لزوجها ما سمعته من حماتها بالدعاء عليها وعلى الجنين الذي حملته ببطنها قبل أن يأتي للحياة وتقاطعه!
ننادي بالعدل وألا تُلام المرأة على كل شرور الكون فنتراجع خطوات إلى الوراء بسبب ما يحدث بالبرامج، وليست هذه هي المرة الأولى التي يطالب فيها الشيوخ المرأة أن تتحمل وضع لا يحتمل، أو يُعاتب فيها امرأة مظلومة.
قصة أخرى
“يا شيخ جوزي مش بيديني مصروف كفاية وأنا معايا تلات بنات”
ينصحها الشيخ المُسن بأن تدبر أمورها ولا تفرط في الإصراف، وأن تصبر وتحتسب، ولم يُعاتب الزوج، فينتفض أحد الرجال دفاعًا عن المرأة، ويتصل ليعاتب الشيخ:
“إزاي يا شيخ تقولك الست جوزي ما بيصرفش عليا ولا على البنات وتقولها تصبر عليه وتدبر أمرها وخلاص؟!”
يعترف الشيخ بخطأه أمام المُتصل الشجاع، ويقول له أن الرأي بتدبير الأمر ما طرأ لذهنه، وأنه بشر يخطئ ويصيب، والسؤال هنا: لم لا يوكل الشيوخ هذه الأمور لأصحابها طالما على علم بأن هذه المشكلات بعيدة عن تخصصهم؟
إحقاقًا للحق هناك بعض الشيوخ يستخدمون الحكمة مع هذه النوعية من المشكلات، وخاصة أساتذة الأزهر من السيدات اللاتي تم تخصيص برامج لهن مؤخرًا، ولكن هذا لا يحدث بأغلبية البرامج الدينية، وبالنهاية أين دور المختصين مما يحدث؟
معظم البرامج الدينية أصبحت مكانًا للشكوى التي تتعلق بمشاكل الزواج، أو العلاقات الإنسانية بوجه عام، لا تتعلق أغلبها حول أسئلة تحتاج إلى فتوى، ولكنها فقط تحتاج لأخصائي أو طبيب نفسي.
يردد الشيوخ دائمًا أنهم أهل الفتوى والعلم الديني، ويتعصبون عندما يحاول العامة التفنن في الفتاوى، وهذا حقهم بكل تأكيد، فمن باب “إدي العيش لخبازه” لا نستطيع أن نوكل أمور الدين لمن ليسوا أهلًا لها فيتخبط الناس.
بنفس المنطق لم نرَ كم هذه الشكاوى بالبرامج الدينية يرد عليها الشيوخ؟..الأمر يضر بالشيخ الذي يتحمل فوق طاقته، وتقاطعه اتصالات الناس بشكاوى بعيدًا عن عنوان الحلقة، ويضر المُشاهد.
يثق الناس بالمشايخ؛ لذلك مهتمهم ليست بالهينة، وهم من بيدهم قلب موازين الدفة، وهذا ما تفعله لجان الإفتاء فيما يتعلق بفتاوى الطلاق، وتخصص أخصائين نفسيين للصلح بين الأزواج قبل أن يصروا على الطلاق.
لو خرج كل شيخ يخاطب الناس بما قاله الرسول صلى الله عليه سلم عندما قال “أنتم أعلم بشؤون دنياكم” لتغيرت حياتنا جميعًا؛ نعم كانت ستتغير حياتنا دون مبالغة، لو حث الشيوخ الناس على اللجوء للأخصائي العلاقات العاطفية، والأطباء النفسيين لم رأينا كل هذه الصراعات بين الناس، وعدم السواء المنتشر بيننا.
نحتاج أن يقف الشيوخ مع الإعلام يدًا بيد في تصدير الأطباء الثقة في البرامج الدينية ، وألا نرى وجوهًا تتلاعب بالألفاظ وتدعي العلم من أجل الشهرة، حتى لا يفقد الناس مع الوقت ثقتهم بالشيوخ والأطباء النفسيين معًا!
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال