“إدارة التوحش” قصة كتاب بحثت الـ CIA عن مؤلفه والتكفيريين اختلفوا حوله

إذا كان البحث عن «أسامة بن لادن» قد أتعب كل أجهزة العالمية في العثور عليه فإن تحديد هوية مؤلف كتاب إدارة التوحش لا يقل صعوبة، نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في قتل بن لادن يوم 2 مايو سنة 2011 م، لكنها لم تستطع تحديد من هو مؤلف الكتاب الأشهر في أدبيات التكفيريين.

الجذور الفكرية لكتاب إدارة التوحش

كان كتاب معالم في الطريق لـ «سيد قطب» هو أول المرجعيات الحديثة لكافة التنظيمات الإرهابية، ثم تطور الفكر الأيدولوجي للإرهاب بكتابات أبي الأعلى المودودي عن الحاكمية في الإسلام، ومع جيل السبعينيات أصدر محمد عبدالسلام فرج قبل مشاركته في عملية اغتيال السادات كتابه الأشهر «الفريضة الغائبة»، وظل هذا الكتاب هو صاحب المركز الثاني ـ بعد سيد قطب ـ في التأثير عقائديًا لدى الجماعات الإرهابية.

اقرأ أيضًا
سيد قطب يكتب مقالاً في الأهرام عام ٣٨ مطالبا بالعُري

تشكل تنظيم القاعدة وظهر رسمياً بعد أحداث 11 سبتمبر، وجاء ظهور كتاب «إدارة التوحش» ليرسم الفكر العقائدي لدى تنظيم القاعدة وهو الكتاب المعتمد عند كل التنظيمات الإرهابية التي ظهرت في سنوات ما يسمى بـ «الربيع العربي».
تغيرت أيدولوجية السلفية الجهادية بعد صدور الكتاب والذي أعطى نظرة مغايرة للفكر الجهادي، حيث طالب بضرورة مقاتلة العدو القريب من المنافقين قبل قتال العدو البعيد من غير المسلمين.

كلام داعش يؤكد المسألة حين أصدر التابعين للتنظيم الإرهابي بيانًا في 8 يوليو سنة 2014 م، أوضحوا فيها السبب الذي يمنعهم عن قتال إسرائيل وقتل أفراد جيوش الدول العربية والمدنيين منهم.

حيث قال التنظيم في بيانهم «الجواب الأكبر في القرآن الكريم، حين يتكلم الله تعالى عن العدو القريب وهم المنافقون في أغلب آيات القران الكريم لأنهم أشد خطرا من الكافرين الأصليين، والجواب عند أبي بكر الصديق حين قدم قتال المرتدين على فتح القدس التي فتحها بعده عمر بن الخطاب».

وتابع التنظيم «الجواب عند صلاح الدين الأيوبي ونورالدين زنكي حين قاتلوا الشيعة في مصر والشام قبل القدس وقد خاض أكثر من 50 معركة قبل أن يصل إلى القدس، وقد قيل لصلاح الدين الأيوبي: تقاتل الشيعة الرافضة ـ الدولة العبيدية في مصر- وتترك الروم الصليبيين يحتلون القدس؟.. فأجاب: لا أقاتل الصليبيين وظهري مكشوف للشيعة».

لغز مؤلف الكتاب

أثار الكتاب جدلاً واسعًا دفع وليم مكانتز إلى ترجمته وإهداءه لـ «مركز مكافحة الإرهاب في كلية ويست بوينت العسكرية»، ولم يذكر أي تعريف لمؤلفه سوى أن اسمه أبو بكر ناجي ونشر هذا الكلام في منتدى اسمه «أنا مسلم».

وبدأت قصة الكتاب سنة 2008 م حين عثر رجال الـ CIA على وثائق ورسائل مكتوبة بخط اليد إلى «أسامة بن لادن» وكان بها 113 صفحة لكتاب حمل اسم «إدارة التوحش»، وانكب جهد أجهزة الأمن العالمية في معرفة مؤلفه «أبي بكر ناجي».

اعتقد الأمن البريطاني أن مؤلف الكتاب هو «أبو مصعب السوري» المسجون في سوريا باسمه الحقيقي «مصطفى عبدالقادر»، والذي كتبه أثناء وجوده في إسبانيا وبريطانيا قبل إلقاء القبض عليه في 2003 م.

إقرأ أيضا

“هل قالها أصلاً؟” حول إساءة عمرو بن العاص لسيدات مصر بمقولة نساؤها لعب

المهتمين بشأن تنظيم القاعدة اختلفوا مع المخابرات البريطانية حيث رأوا أن مؤلف الكتاب رجل مصري اسمه محمد صلاح الدين زيدان والذي صار لاحقاً يحمل اسم «سيف العدل» والذي قاد عمليات تفجير سفارات الولايات المتحدة في تانزانيا ونيروبي يوم 7 أغسطس 1998 بالتزامن مع الذكرى السنوية الثامنة لقدوم القوات الأمريكية للمملكة العربية السعودية.

الوحيد الذي اختلف مع هؤلاء كان هاني السباعي، مدير مركز المقريزي للدراسات في لندن، والذي يذكر أن مؤلف كتاب إدارة التوحش هو محمد خليل الحكايمة، الذي عرف بكنية «أبو جهاد»، وهو قيادي الجماعة الإسلامية بأسوان، ثم انشق عن الجماعة احتجاجًا على المراجعات الفكرية والفقهية التي على أساسها تم الإفراج عن أفرادها.

ويكشف السباعي أن الحكايمة ألف الكتاب وهو في إيران بعد شهرة كتابه السابق «وهم القوة»، وذكر بيانات عن الحكايمة في لقاءه مع «الشرق الأوسط»، حيث قال أن الحكايمة من مواليد 1961 م، ثم انضم إلى تنظيم القاعدة مع أيمن الظواهري في التسعينات، وعمل في بيشاور شمال غربي باكستان في مجال الإعلام، ثم في إذاعة فلسطين من إيران في ذلك الوقت، قبل أن ينتقل إلى بريطانيا طلبا للجوء السياسي، ومن هناك رحل مرة أخرى إلى إيران مع أسامة حسن، صهر الظواهري، ومنها إلى إقليم وزيرستان الباكستاني الحدودي، حتى قتل في 2008 بطائرة من دون طيار على الحدود الباكستانية.