إعلان أورانج “باب رزق” مشاهد إنسانية لم تتصدر الترند على غير العادة
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
موسم الإعلانات الرمضانية بدأ بمفاجآت عديدة شغلت المتابعين، وكعادتها كل عام أطلقت شركة أورانج إعلان “باب رزق” بصوت الجسمي؛ مما أحدث ردود فعل متباينة بعد أقل من 24 ساعة من عرضه. المشاهد الإنسانية النمطية ودعم المرأة والمشروعات الصغيرة، كانت عنوان الحملة التي حققت 5 مليون مشاهدة خلال نصف يوم لم تكن كافية للصدارة؛ خاصةً بعد سيطرة إعلان فودافون بظهور صلاح وعائلته لأول مرة.
سباق الإعلانات هذا العام خطفته فودافون بظهور محمد صلاح مع زوجته ونجلتيه لأول مرة؛ مما جعل معظم الإعلانات غير قادرة على إيجاد رقعة في الساحة، على سبيل المثال لم يجد ظهور حمزة نمرة لأول مرة مع عسيلي في إعلان بنك مصر الصدى المتوقع، الترند محجوز بالكامل لفودافون التي تصالح جمهورها بعد سقطة إعلان عيد الأم. لكن أورانج مع الجسمي نجحت في حجز مكانها في سباق رمضان 2023، وإن كان أقل من المعتاد في كل عام.
إعلانات حية في الذاكرة حتى الآن
بعد سنوات من تصدر إعلانات أورانج الترند بأغاني ومشاهد لا نزال نتذكرها حتى يومنا هذا، صوت الجسمي في إعلانات رمضان 2021 “رمضان في مصر حاجة تانية“– الأغنية التي أصبحت أيقونة رمضانية-، وإعلان فترة الحظر رمضان 2020 “سُنَّة الحياة” وغيرها. الكلمات القريبة من القلب والمشاهد العفوية المستوحاة من الواقع المصري كانت سر نجاح تلك الإعلانات، وبالطبع صوت حسين الجسمي المميز كان مؤثرًا؛ لكن لا يمكن إغفال نجاح عدة إعلانات أخرى بأصوات شابة أقل شهرة مثل إعلان رمضان 2013 “دايما مع بعض“.
الضجة التي حولت العديد من إعلانات أورانج إلى ترند على مدى السنوات الماضية كانت نابعة من رد فعل المتابع؛ الأغاني التي لمست قلوبهم وحياتهم فأصبحت جزء من قائمة استماعهم دون الالتفات لكونها حملة دعائية، حتَّى المشاهد تنوعت ورصدت مواقف حياتية حقيقية بعيدًا عن شكل الحياة البلاستيكي الذي تقدمه الإعلانات.
الأمر الذي ظهر إعلان أورانج في رمضان 2022 “رمضاننا ربيع” بشكل بعيد عنه تمامًا؛ نقلة كان يمكن أن تأتي بصورة أفضل، فثلاثية “منى زكي، نيللي كريم، دينا الشربيني” لم تكن على مستوى المواسم السابقة. التنوع في لون وشخصيات الإعلان مطلوب، لكن قد ينقلب السحر على الساحر ويقل زخم الإعلان، ليسقط من ذاكرة الجمهور بمجرد انتهاء الموسم. من الجدير بالذكر أن الإعلان حقق نجاحًا لا يمكن تجاهله، وسجل 28 مليون مشاهدة خلال عام من عرضه.
لفتات إنسانية ورسائل داعمة للمرأة
هذا العام حاولت أورانج العودة إلى التابو القديم “المشاعر والإنسانيات”، كوبليه البداية “صباح الخير على ناسنا والغاليين أهالينا وحبايبنا، على الشارع وبيوتنا والدكاكين”، مصاحبًا لمشاهد إلى حد ما قريبة من واقعنا عجوز يفتح دكانه، وزوجان شابان يباشرا مشروعًا صغيرًا، عبارة عن سيارة قديمة تقدم المشروبات على الطريق. ثم يدخل شاب في مقتبل العمر ترافقه الكاميرا في رحلة البحث عن عمل؛ حالة مست بالفعل المتابعين الذين علقوا على هذا المشهد بالذات.
سلط الإعلان الضوء على معاناة المرأة المعيلة في عملها، والوظائف التي استطاعت النساء اقتحامها مؤخرًا، إضافةً إلى المشروعات الصغيرة التي يبتكرها الشباب لفتح “باب رزق” جديد. وفي لفتة لطيفة أشار إلى التأثير الإيجابي لوسائل التواصل في مساعدة الغير، وهو رصد لبعض حملات الفلوجرز الداعمة للمطاعم والمحلات الصغيرة غير القادرة على شراء الإعلانات.
لماذا خسرت أورانج الصدارة؟
العودة لنمط الإنسانيات والمشاعر لم يؤتي بثماره كحال كل موسم، وهو ما يمكن تفسيره بسيطرة إعلان فودافون على الترند باكتساح؛ بسبب مشاهد جمعت صلاح بزوجته وابنتيه لأول مرة في إعلان، خاصةً وأن عائلة نجم الدوري الإنجليزي نادرة الظهور في الإعلام، ودائمًا ما تحتل الترند بأبسط صورة أو إشارة لها.
رغم ضعف فرص مزاحمة صلاح صاحب الشعبية الجارفة، إلا أن باب رزق نجح في استحواذ جزء من اهتمام المتابعين، والذين اعتبروه يلقي الضوء على حياتهم بتفاصيلها الدافئة التي تهون الصعاب، ناهيك عن الإعجاب الواضح بأداء الجسمي.
لكن الإنسانيات المعتادة تلك لم تغطي على الانتقادات؛ فكرة باب رزق المكررة والنمطية بشكل كبير كانت نقطة ضعف كبيرة في الإعلان، أمَّا كلمات الأغنية وألحانها لم تكن على مستوى يمكن أن يعلق في الأذهان، وهو ما لم يعتاد عليه الجمهور مع صوت مثل الجسمي وشركة سيطرت على ترند إعلانات رمضان لسنوات.
الكاتب
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال