إلهام شاهين ومقاومة محاكم التفتيش
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
ربما في تاريخ الفن المصري لم تتعرض فنانة إلى ما تعرضت إليه إلهام شاهين منذ عام 2011 وحتى الآن، في كل فترة تثار حملة شرسة على إلهام شاهين بعضها وصل لحد الخوض في عرضها علنًا وعلى الفضائيات إبان حكم الجماعة التكفيرية المحظورة، بل وزعت صور من أفلام سينمائية وأخرى مفبركة على جموع من المتظاهرين ضد إلهام شاهين في مشهد سيظل خالد في تاريخ العبثية التكفيرية في مصر.
العديد من الحملات الشرسة والتي اعتبرت الهام شاهين هدفًا للنيل منها وصولًا لإطلاق تظاهره كانت بعنوان “مليونية إسقاط إلهام شاهين!” ومعها تصاعدت سلطوية محاكم التفتيش الإلكترونية والهجمات الإلكترونية لدرجة أنها أصبحت مؤثرة بشكل مخيف في الواقع المصري، بل أصبحت السوشيال ميديا تتحكم في العديد من القرارات على أرض الواقع، ولكن ظلت إلهام شاهين على موقفها وجرأتها المعتادة.
الحقيقة أن إلهام شاهين ليست شخصية جريئة في الحياة العامة ولكنها أيضًا جريئة على المستوى الفني، جريئة في اختيار أدوارها ودفعت ثمن هذه الجرأة كبيرًا خلال الفترة من عام 2011 وحتى 2013، جريئة في الموضوعات التي تناقشها في الأفلام التي تنتجها، والتي جاءت في فترة كانت السينما المصرية فيها في أضعف حالتها.
واحد صفر ويوم للستات وغيرها من الأفلام التي أنتجتها إلهام شاهين بالإضافة لتاريخ فني حافل بالأفلام والأعمال الدرامية المميزة والفارقة والخالدة في وجدان المجتمع المصري، بالإضافة للعديد من الجوائز والتكريمات الدولية، كلها تكشف جرأة إلهام شاهين في اختيارها للأدوار وأيضا لخوضها تجربة الإنتاج في وقت شائك للغاية
ولكن كل تلك الجرأة تتضاعف حينما تقرر إلهام شاهين إبداء رأيها الشخصي في أي مسألة عامة، فلا تتردد للحظة في النطق بما تفكر فيه رغم أنها تعرف أنها ستتعرض لهجوم شرس وعنيف للغاية، وربما أخرها الفيديو الذي انتقدت فيه ما قام به أحد المخرجين بترك موقع التصوير للصلاة.
-
في إحدى رحلات السفر الطويلة، ركبت حافلة كان موعدها تنطلق بعد منتصف الليل، وظللت أمني نفسي بالجلوس فيها لنيل قسط من النوم خاصة وأني واصلت يومين بدون نوم، ولكن السائق قرر أن يقوم بتشغيل القرآن الكريم بصوت عالي للغاية، فلم استطيع النوم، وطلبت منه ببساطة أن يخفض الصوت قليلًا فنظر لي كأن الشيطان نفسه أمامه واخفض الصوت على مضض وسط همهمات كل من في السيارة تقريبا حول هذا الكافر الذي يطلب بخفض صوت القرآن الكريم لينام، وخلال دقائق كانت الحافلة كلها تغض في سبات عميق، وفي الاستراحة تحدث إلي أحد الركاب شاكرًا مستغربًا من جرأتي حيث لم يجرؤ على هذا الطلب خاصة وانه يريد النوم هو الآخر –
والحقيقة أنه غالبيتنا يشعر بالضيق إذا كان يذهب لأداء أحد المهام فوجد المسئول غير موجود بغرض الصلاة، وهي فقط أعربت عن رأيها ليس إلا، ولكن من يجرؤ على قول مثل هذا بشكل علني من يجرؤ في زمن محاكم التفتيش على أن ينتقد تعطيل مصلحة أو التسبب في إزعاج بسبب أداء – غير منطقي – لفريضة دينية، هل يجرؤ أحد على الاعتراض على إذاعة القرآن الكريم بصوت عالي للغاية في أحد الأماكن؟!
إلهام شاهين بجرأتها الفنية استطاعت أن تحجز لنفسها مكانًا مميزًا في مسيرة السينما المصرية، واستطاعت أن تقدم أدوار مختلفة مثل دورها في فيلم خلطة فوزية والتي حصلت عنه على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان روتردام السينمائي الدولي، ودورها شديد التميز في فيلم خالي من الكولسترول، ودورها في فيلم يا دنيا يا غرامي، ولكنها أيضًا استطاعت حجز مكانة مميزة لها في مقاومة تيارات التكفير ومحاكم التفتيش الغوغائية وفي رأيي أن هذا الدور هو الأصعب والأكثر تكلفة على إلهام شاهين ولكنه الأكثر تأثيرًا فربما يتشجع أخرون للوقوف أمام تيارات محاكم التفتيش الإلكترونية لتصبح موضة وتخلصنا منها.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال