إلى جريدة الوفد: مافيش فايدة!
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أنا سأضحك حتى أموت .. وسأضحك حين يصرخ الناس ألمًا .. وسيخالط صوت قهقتي صوت الصواريخ، وسأضع الدم في القنينة وأرشه على الناس ليظنوا أنه أحد أنواع الكاتشب على سبيل الكوميديا، وسأركل الرؤوس المقطوعة وسأستخدمها في لعب الكرة وسأضحك حين أحرز هدفًا وسأمسك بالكرة وأُقّبلها، وسأجعل صوت بكاء الأطفال المختبئين في الخنادق رنّة على تليفوني، وسيكون مشروبي المفضّل دموع الثكالى وسأضحك كثيرًا عندما أشربه ، وسآكل لحوم الموتى من الجنود بشرط أن يكون طازجًا. أيها السادة أنا أكثر خلق الله خفة دم !
منذ أن بدأت الأخبار تتواتر عن حرب بين الدولة الروسية وجارتها الأوكرانية، وانقسم الناس ثلاثة أقسام، إما قارئين للأخبار ومتابعين للأوضاع متمنيين الله أن (تيجي سليمة) وألا يتضرر الكثيرين، وإما متخصصين ومحللين سياسين يعدّون العدّة لينفعوا المشاهدين والمتابعين بما أوتوا من علم أو بما وضعتهم فيه الأقدار .. وهذين الصنفين طبيعيين جدًا على مستوى التفاعل أو التخصص .. لكن صنفًا ثالثًا لاح في الأفق، وهو صنف من الذباب الإلكتروني، الذي يُستخدم في صناعة تبلّد المشاعر، مجموعة من أصحاب اللامشاعر، في الغالب لا يشعرون بأهمية شئ مهما بلغ أهميته، ويختبئون خلف حاجز “الدم الخفيف”، ومعاملة هؤلاء على محمل الجد أو محاولة تقويمهم ونصيحتهم هو نوع من المشاركة في تلك الجريمة.. ولا أجدى نفعًا من فتح أبواب السرايا الصفراء لمختلين العصر الحالي .
هو ليس شيئًا غريبًا ولا أمرًا مثيرًا للحديث عن محتوى خبري وإعلامي خارج الوعي والزمن على مواقع الصحف المصرية التي كانت – وللأسف- يومًا ما منارة للوعي والجدال والخبر الصحيح وانتقاء الموضوعات التي تصلح للنقاش من الأساس .. وناهيكم عن تريندات حسام بوجي، ووائل السخن، وصاحب أكبر دراع في مصر، وشبيه محمد منير الذي لا يشبهه، وشبيه آسر ياسين، وشبيهة عبلة كامل،وشبيه الشعراوي، وشبيه ساديو مانيه، وشبيه أمير كرارة، والقطة التي لها ذيلين، والكلب ذو الخمسة أرجل، وفوضى اللايف ولايف ما بعد اللايف لمتابعة الفراغ الذي أضافة اللايف الأول، وتارجت المراسيلين في المحافظات بعدد اللايفات فحمل الجميع هواتفه وهرع إلى الشارع يصور عربات الكبدة وعربات الجبن القديم، وأي امرأة في خلاف مع زوجها، وأي طفل يبكي لتعثره في طوبة بالشارع، واستجدى الجميع الإنسانية في موضوعات سخيفة هدفها ابتزاز المجتمع بتصوير أصحاب الهمم، وغيرها من الفوضى التي خلقت عالمًا هزليًا على رأسه أغلب الصحف والمواقع .
وظن الناس أن حدثًا جللًا ربما يوقف هؤلاء عند حدودهم ويعودون وقتها لطريق المشاعر الإنسانية الصحيحة، ولا حدثًا أجلّ من الحرب .. الحرب التي يشيب لها الولدان، وتتوقف القلوب عن الخفقان، وتتشرد بسببها العائلات، وتنقلب بسببها الأحلام لكوابيس، وتنهار على فوهات أسلحتها مضمون الإنسانية .. لكن، ولأن المرض قد تفاقم حد أكل صاحبه، وجدنا أن الحرب تصلح مادة للسخرية .. توقعنا أن السخرية صادرة من مراهقي الفكر الغير مسؤولين .. لكننا – وبلا فخر- وجدنا أن السخرية قد صدرت من صحيفة مصرية عريقة ذات تاريخ عميق في جذور الصحافة العربية، وشاهدة على التاريخ، وكتب لها أكثر الأقلام احترافية .. جريدة الوفد، وقد نشرت تغطية خاصة لسخرية المرضى النفسيين من الحرب وأسمتهم “المصريين”، وسخرية أكثر خصوصة من المرأة عمومًا في استغلال حالة الحرب في علاقات اللاجئات الأوكرانيات مع الذكر المصري .. حتى إنك لا تستطيع الرد والتفنيد على هذه الظاهرة النفسية المعقدة .. ربما تحتاج لتجمع أطباء النفسية حول العالم .. ولا تسطيع إلا أن تقول إلى جريدة الوفد : مافيش فايدة !
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال