همتك نعدل الكفة
299   مشاهدة  

ابتهالات وترانيم ورقص مولوي.. “مشروع روح” يجمع الأديان السماوية داخل المعبد اليهودي

المعبد اليهودي
  • صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال



على أنغام الموسيقى وتحت قبة المعبد اليهودي بالقاهرة، علت أصوات “مشروع روح” بابتهالات مسلمة وترانيم مسيحية تتآلف رغم تناقضها، وتكتمل اللوحة بفتاة المولوية تؤدي رقصتها الصوفية الشهيرة ليصبح المشهد أكثر مثالية من أن يصبح حقيقة. 

المشهد السابق محاولة بسيطة لوصف لوحة فنية مذهلة رسمها فريق مشروع روح خلال حفل افتتاح المعبد اليهودي بمصر الجديدة بعد 30 عامًا من إغلاقه، رسالة سلام وتعايش لا يمكن أن تصبح حقيقية إلا على أرض مصر. بحضور ماجدة هارون، رئيسة الطائفة اليهودية في مصر، وقساوسة من كنيسة الفاتيكان؛ أطرب محمد بكر ومينا القمص مزيج من الابتهالات والترانيم التي تميز بها مشروع روح. مع فقرة الرقصة المولوية الصوفية التي تؤيدها أفنان شاهر، إحدى أول راقصات المولوية في الوطن العربي.  

بدأ مشروع روح منذ 2017، في وقت عاصرنا فيه حادث اعتداء إرهابي على إحدى الكنائس المصرية عشية عيد القيامة المجيد. عرض غير تقليدي جمع بين التواشيح والابتهالات الإسلامية بصوت الشيخ الأزهري محمد زغلول،- رحمه الله-، مع الترانيم المسيحية التي يؤديها مينا القمص من كاتدرائية العباسية. موسيقى مبتكرة تناجي السماء بمختلف الطرق واتفاق الوسيلة، وتزداد الأجواء ألفة بفقرة أفنان راقصة المولوية الصوفية

رئيسة الطائفة اليهودية تطلب سماع المزيد وممثلي الفاتيكان يشيدون بعرض لم يروه من قبل


لم يكن بكر وأعضاء مشروع روح يدركون أن فريقهم الصغير الذي اجتمع على مسرح الكلية، سيصنع حدث غير مسبوق في العالم؛ حين تلقى دعوة من مبادرة تراث مصر الجديدة برعاية وزارة الآثار المصرية لإحياء حفل افتتاح المعبد اليهودي أمام الزوار. في حواره مع الميزان أطلعنا بكر على تفاصيل الاحتفال قائلًا “حين تواصلت معنا المبادرة للمشاركة في الافتتاح، لم نتردد لحظة لأننا شعرنا أن العرض سيكتمل بتقديمه على أرض المعبد اليهودي”.

وتابع “كان فريقنا متحمس جدًا للعرض تحت قبة المعبد اليهودي؛ لأننا شعرنا أن رسالتنا ستحقق بشكلها الكامل في هذا الحفل. بالطبع كنا متخوفين من رد الفعل الجمهور المميز في ذلك اليوم، خاصةً ممثلي الفاتيكان ورئيسة الطائفة اليهودية؛ لكننا تفاجئنا بتقبلهم للعرض وتفاعلهم معه.حتى أن السيدة ماجدة رئيسة الطائفة طلبت منا إلقاء فقرة أخرى قبل الختام. وفي نهاية العرض تحدث معنا قساوسة الفاتيكان وأشادوا بالحدث والتناغم الذي قدمه الفريق بين الابتهالات والترانيم؛ معبرين عن سعادتهم بحضور حدث يجمع بين الأديان السماوية الثلاثة بهذا الشكل”.

من المعبد اليهودي لمهرجان الثقافة الصوفية بالمغرب.. مشروع روح رسالة تعايش مصرية

مشروع روح
فريق مشروع روح (الشيخ محمد زغلول رحمه الله، محمد بكر، مينا القمص)

“احنا ماشيين صح” هكذا عبر بكر عن ارتياحه بعد نجاح الحدث غير المسبوق على مستوى العالم. مؤكدًا أن رسالة مشروع روح فنية بحتة من خلال كل الثقافات والأديان، بل وبكل ألوان الموسيقى التي يحاول دائمًا أن يجعلها متنوعة بين الإيقاع الخليجي والنوبي والجاز؛ ليخاطب الجمهور بكل الأذواق.

استطاع فريق مشروع روح مقاومة هجوم بدأ مع ولادة الفكرة، من متعصبين مسلمين ومسيحيين على حد سواء؛ لكن المثير للإعجاب أن بعض الرافضين للعرض غيروا أفكارهم وأصبحوا من جمهور المشروع. عرضهم داخل المعبد اليهودي محطة هامة في طريق طويل، سيمر قريبًا بمهرجان المغرب للثقافة الصوفية، حيث سيشارك الفريق في دورته السادسة بروح التراث المصري.

أفنان راقصة المولوية “نبحث جميعًا عن الله وعرضنا داخل المعبد اليهودي كسر كل التابوهات”


تضمن عرض مشروع روح داخل المعبد اليهودي رقصة المولوية، والتي تؤديها أفنان شاهر منذ بداية الفريق في 2017، لتصبح من أوائل النساء المؤديات لذلك النوع من الفن إن لم تكن الأولى. تحدثت أفنان مع الميزان عن شعورها بالفخر بعد أداء العرض في المعبد اليهودي لأول مرة على الإطلاق “العرض الذي شاركنا فيه غير تقليدي ويكسر كل الثوابت الخاطئة في المجتمع، ورغم مروري بفترة صعبة من حياتي حرصت على  المشاركة؛ لإيماني بفكرة مشروعنا وقيمة الحدث”.

أكدت أفنان أن التجربة تلك المرة كانت مختلفة، خاصةً عندما طلبت رئيسة الطائفة اليهودية من الفريق أداء ترنيمة وابتهال بدون موسيقى، وقامت باحتضانها بحرارة بعد العرض. كما تحدثت عن سعادتها بردود فعل الجمهور بعد الاحتفال، لاسيما الأطفال الذين حرصوا على الاستفسار عن تفاصيل الرقصة ومعناها.

المعبد اليهودي
من حفل مشروع روح في المعبد اليهودي

“نحن جميعًا نبحث عن الله” هكذا وصفت أفنان رحلتها مع الرقص المولوي، الذي تحاول تأسيس فريق نسائي لعرضه بشكل دائم. المولوية بالنسبة لأفنان ليست مجرد عرض أو رقصة، بل طريقة لإعادة شحن الطاقة ومواجهة الحياة.

إقرأ أيضا
يوري مرقدي

بعيدًا عن كلام الأغاني وكليشيهات الوحدة الوطنية المعتادة، الحقيقة أن الإنسان يخاف من المجهول خاصةً إن تعلق بعقيدة أوهمه البعض أنها موضع خطر؛ والمصريون رغم طيبة قلوبهم إلا أن للكلام عليهم سلطان. مشروع روح خطوة حقيقية ناجحة، تقول للجميع “يمكنكم الاطمئنان؛ الجميع هنا بشر، يحب، ويناجي، ويبتهل”.

في النهاية الحب الإلهي إنساني أكثر من كونه متعلق بدين معين، الطرق كثيرة ومتداخلة وأحيانًا مبهمة؛ لكن الحب طريق بسيط وواضح، لا ندرك نهاية مطافه على وجه التحديد كل ما نعرفه أنه رحلة ونحن من نقرر كيف تسير. 

الكاتب

  • المعبد اليهودي إسراء أبوبكر

    صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان