“بلاك تيما.. سيرة الفرقة التي تغني للـ”الناس
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
لم يكن الغناء في طموح الفنان أمير صلاح الدين مؤسس فرقة “بلاك تيما” الغنائية، بل كان مخرجًا مسرحيًا وملحنًا لأغنيات العروض المسرحية التي كان يشارك فيها، لكن الصدفة جمعته بالفنان محمد عبده عضو فريق بلاك تيما عام 2000، أثناء مشاركاتهم في ورشة المخرج المسرحي خالد جلال بالمسرح العائم في المنيل، وورشة الارتجال بالمشاركة مع الفنان شريف صبحي في مسرح الغد.
شارك الفنان أمير صلاح الدين بمهرجان الشباب المبدع الذي نظمه مركز الثقافة الفرنسي بعرض مسرحي كان قد جهزّه أثناء فترة دراسته بالجامعة، بعد أن كوّن فرقة “كاريزما” المسرحية، وحصل على المركز الأول في المسابقة، وفي وقتها طلبت منه إحدى السيدات المسؤولات بالـثقافة الفرنسي المشاركة في مهرجان الموسيقى العالمي بدار الأوبرا المصرية وذلك من خلال فرقة غنائية.
انضم الفنان محمد فهيم برفقة مجموعة من أصدقاء أمير صلاح الدين المسرحيين وأدوا بروفاتهم على مسرح مركز شباب الجيزة، وقدموا حفلتهم الأولى تحت اسم فرقة “كاريزما”، وتفرق الجميع.
بلاك تيما
يقول أمير صلاح الدين ” بعد عودة محمد عبده من أسوان نتيجة لإنشغاله بالدراسة، اتفقنا على ضم الفنان أحمد بحر بعدما شاهدناه في إحدى الحفلات يغني على آلة الأورج، فوافق وغادر الفرقة الغنائية”30 فبراير” التي كان ضمن أعضاءها، ولا تزال في بداياتها”.
الصدفة جمعت ثلاثة مطربين يتميزوا بالبشرة السمراء، أمير صلاح الدين، أحمد بحر، محمد عبده، لذا كانت الحيرة في اختيار اسم للفرقة الغنائية، ما بين “كاريزما” وما بين اسم يدل على ثلاثة مطربين بشرتهم سمراء يقدمون موسيقى السُمر، البلوز والجاز والراب والهيب هوب والنوبي.
يروي الفنان أحمد بحر عن اللقاء الأول الذي جمعه بـ”أمير” و”عبده”، يقول، كانوا يغنون في حفلة من تنظيم دار الأورمان، وكنت أعرفهم من خلال أصدقاؤنا في المسرح، فعرضوا عليا الإنضمام، فشعرت بتوافق بيني وبينهم، فوافقت.
يقول أمير صلاح الدين، في البداية كان لدي إصرار على عدم أداء أغنيات محمد منير، محمد منير، أو الأغنيات النوبية، ليكن لنا هويتنا الخاصة، فقد كان لدينا 60 أغنية خاصة من تأليفنا وألحاننا، فلم نغني لمطرب آخر إلا بعد عشر سنوات، بعدما تحقق نجاحنا بشكلنا الخاص.
ويكمل، التقيت بالصحفي بجريد ة روز اليوسف حماده حسين أثناء ظهوري في برنامج على شاشة قناة دريم، فاحتفى بنا كفرقة غنائية، فاقترحت عليه اسم الفرقة “بلاك A” فاقترح “تيما” بعدما كان ينوي إطلاقه على مجلة فنية، فمن هنا كان “بلاك تيما”.
كانت أول حفلات “بلاك تيما” في شهر أغسطس لعام 2004 بساقية الصاوي، بحضور 156 فردًا وهو ما يعتبره الفنان أمير صلاح الدين نجاحًا كبيرًا، فقد كانت ساقية الصاوي لا تزال في عامها الأول، فضلًا عن عدم وجود وسائل التواصل الإجتماعي.
لا للتصنيف
يرفض الفنان أمير صلاح الدين تصنيف فرقة “بلاك تيما” على أنها فرقة غنائية نوبية، أو فرقة “أندرجراوند”، يقول ” نحن أول فرقة غنائية يُكتب على تذاكر الدعاية لحفلاتها “أغاني مصرية بديلة”، وكان لنا السبق في تدشين هذا المصطلح، وكنت أقصد به أنه لدينا أغنيات بديلة عن الرائج في السوق، وقت أن كان المطرب الفرد وفرقة وسط البلد، هم المسيطرين وقتها”.
كما يرى الفنان أحمد بحر، أنهم لا يرتاحون للتصنيف سواء في ناحية الأندرجراوند أو أي مسمى آخر، بل يصر على أنهم “فرقة موسيقى فقط”.
بعد نجاحنا عام 2004 نظمنا حفلة بدار الأوبرا المصرية عام 2005، فتشجعت على تقديم حفلة غنائية على خشبة المسرح المكشوف، فطُلب مني إسطوانة لحفلاتنا، فلم يكن متوفرًا لدنيأ أية توثيقات أو تسجيلات لكل أعمالنا أو أغنياتنا، نظرًا لأننا نؤديها “لايف”، فاتفقت مع الإدارة على موعد وكان “معاد أي كلام”، كما كتبوا على دعوات الحفلة الدعائية “الفرقة النوبية بلاك تيما”، فأثرت مشكلة بسبب ذلك “إحنا مش فرقة نوبية، وإزاي بتتساهلوا كده”، رغم أن ذلك كان في صالحنا وسيسهل علينا فرص العمل العديدة، من إحياء الحفلات والأفراح، لكن ذلك لم يكن هدفنا من البداية، فلم نغني إلا في حفلتين أفراح بناءً على دعوة من جمهورنا”.
اعتمد أمير صلاح الدين، محمد عبده، أحمد بحر على الهواية، لم يدرس أي منهم الموسيقى، لديهم موسيقاهم الخاصة، فهم الخلطة الموسيقية المصفاة من كل موسيقى السُمر في العالم.
أما عن البوستر الدعائي لفرقة “بلاك تيما” يقول “صلاح الدين” : ” كان عبارة عن صورة التقطت لنا أمام قصر شاملبيون بوسط البلد، وبجوارنا القُمامة، كنت أقصد البساطة، وصممه تيودور أمين، وكان شعارنا “إحنا مش بنغني للناس، ولا بنغني على الناس، إحنا بنغني مع الناس”، وحقق لنا رواجًا كبيرًا، فقد حضر أولى حفلاتنا جماهير من أصحاب الأعمار السنية الكبيرة، وكنت دائما بقول لأصحابي، متجيش لوحدك، هات معاك والدك أو والدتك، كنت مصرًا على أن يرى الآباء نوعية الموسيقى التي يحبها أبناءهم، ولا يخجل الشباب من أن يرى آبائهم أيضًا الفن الذي يمتعهم مهما كان نوعيته”.
يحفظ أمير صلاح الدين الجمهور عن ظهر قلب، فيعرف جيدًا الجمهور الذي قد يكون حاضرًا للمرة الأولى، والجمهور الذي يواظب على حضور حفلاتهم.
كانت فرقة بلاك تيما أولى الفرق الغنائية التي يُكوّن لها أولتراس خاص بها، فكان جمهور الناديين الأهلى والزمالك من أولتراس “بلاك تيما” وبدأت تظهر الشماريخ في حفلاتهم، ويحضر الجمهور بعدد أكبر من الذي يستوعبه المسرح المُعد للحفلة، يقول الفنان أحمد بحر، بعد الإثارة التي نجمت عن إزدياد عدد الجمهور ووظهور الشماريخ في حفلاتنا، اتفقنا مع الجمهور على إنهاء هذه الأمور، لذا لجأ الجمهور على الحضور بيافطات كُتب عليها كلمات أغنياتنا.
في عام 2009 وقعت فرقة بلاك تيما مع شركة “أرابيكا” على ألبوم “بحار” ونجح فيديو كليب الأغنية، وزاد عدد الحفلات التي ينظمونها، ثم صدر لهم فيديو كليب أغنية “إيه يعني لما سبتيني” وحقق نجاحًا كبيرًا، وكانت طريقة تصوير الفيديو كليب مبتكرة يقول “أمير صلاح الدين”: “كنَا نايمين على الأرض 16 ساعة ومتلزقين”.
المشاركة في الثورة
قبل انطلاق ثورة يناير 2011، كان لفرقة بلاك تيما، أغنيات ضد حكومة “مبارك”، مثل أغنية “شيراتون” تقول كلماتها: “الحزب اللب المادة 76، الشد والجذب بشر هناك واقفين، الكلام والصمت، ايدين تتحط، ع القلوب تتم، الزبون يتلط، واحد جاى فجأة نط، والحكومة عايزة ظبط، العيون مش لاقية شط، العيون مش لاقية شط، شيراتون هيلتون فورسيزون جراند حياة”.
يقول أمير صلاح الدين، سر علاقتنا القوية بالجمهور، والشعبية التي تتمتع بها الفرقة، كوننا نتماس مع أحوالهم، نغني لهم في كل الأحوال، سواء أغنيات إنسانية أو سياسية أو عاطفية.
بعد ثورة 2011 بدأت الفرق الغنائية الأخرى الموجودة بالسوق تغني للثورة، يقول أمير صلاح الدين: ” لم نغني في الميدان، لأننا ساعدنا في الثورة قبل عام 2001، أوجدنا ظروفها، فلم يكن هناك فرقة غنائية سوانا تغني ضد حكومة مبارك سوى فرقة “اسكندريلا” وكانت تغني أغنيات الشيخ إمام وسيد درويش فقط، لذا لم نظهر في ميدان التحرير بل كان الجمهور يغني أغنياتنا، فلم يكن لوجودنا هناك أية معنى “إحنا خلاص عملنا الثورة من زمان، وكنا نرفض فكرة مطربين الثورة”.
خسارة فادحة
نظرًا للظروف الإقتصادية التي حلت بسبب ثورة يناير 2011، فسخت شركة “أرابيكا” عقدها مع فرقة بلاك تيما التي توقفت لمدة 4 سنوات عن إنتاج ألبومات جديدة، لكنهم من خلال التمويل الذاتي أنتجوا لأنفسهم أغنيات مثل “حر” 2012 وحققت نجاحًا من خلال الحفلات، لكن لم يتم تسجيلها أو تصوير كفيديو كليب.
وفي عام 2015 أنتجت فرقة بلاك تيما ذاتيًا ألبوم غنائي “غاوي بني آدمين”، يقول أمير صلاح الدين ” تعاونا في هذا الألبوم من أكبر موزعيين موسيقيين في مصر، وضعنا كل ما نملك في إنتاجه، لكننا أخطأنا في عدم تصوير فيديو كليب، إعتمدنا على الأوديو وعلى عدد الأغاني، 14 أغنية، لذا لم يحقق الألبوم عائد مادي أو نجاح، خسرنا خسارة فادحة”.
ويرفض أعضاء “بلاك تيما” الرضوخ لشروط المنتجين التي يقيدونهم بها، لذا يرى الفنان أحمد بحر أن رفضهم لفكرة السفر وإقامة حفلات غنائية في الخارج، تأتي من خلال رفضهم لمبدأ الاستغلال الفني من خلال دفعهم لتقديم تنازلات عن حقوقهم المادية مقابل المشاركة في حفلات غنائية خارج مصر دون أن تكون ذات قيمة فنية، وهو الشرط الوحيد الذي يمكن أن يتنازلوا ماديًا من أجله.
أشاد الفنان محمد منير بفرقة بلاك تيما وطلب منهم الغناء معه في حفلة ختام مهرجان الإسكندرية السينمائي، نظرًا لوفاة شقيقه “فاروق” الذي كان سببًا في أن يكون “منير” مطربًا، يروي “صلاح الدين” : ” توقعت بعد نجاحنا في تقديم الحفلة في ظل حضور العديد من الفنانين المصريين أن يتم دعوتنا لحفلات عديدة، نغزو العالم، لكن ذلك لم يحدث”.
في السينما
الأغنية الأولى “خراسان” لفرقة بلاك تيما في السينما كانت من نصيب فيلم “بالألوان الطبيعية” للمخرج أسامة فوزي، يروي “أمير صلاح الدين” : ” الفنان كريم قاسم تحدث مع المخرج أسامة فوزي عن إعجابه بالفرقة، فسمع المخرج الراحل أغنيات الفرقة عبر إسطوانة، كما حضر إحدي حفلات الفرقة واختار أغنية “خراسان” لتكون أغنية فيلم بالألوان الطبيعية”.
ثم شاركت الفرقة بأغنية “باب الدنيا” في فيلم ألف مبروك، ثم تتر مسلسل ” أبو العروسة”، يرى أمير صلاح الدين أن مشاركة الفرقة في الغناء في السينما أو الدرما أفادتهم على المستوى المادي فقط، ولم يكن لذلك تأثير جماهيري على الفرقة.
الكاتب
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال