همتك نعدل الكفة
5   مشاهدة  

الأحاديث وكيف يستخدمها الإرهاب لتبرير وَحشيته؟ 1-2

الأحاديث
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



الخلفاء الراشدون، وهم أقرب الخلفاء إلى النبي محمد في حياته، لم يقم أي منهم خلال فترة حكمه بالعمل على جمع أحاديث النبي، كما حدث مع القرآن، بل إن زخائر التراث الإسلامي ضمت عديدًا من الروايات والروايات المضادة حول موقف الخلفاء الراشدين من تدوين الأحاديث.

وبين هذه الرواية وتلك تبقى حقيقة أن الجمع والتدقيق تما طبقًا لقواعد تعتمد الشفاهة، وأن عملية الجمع الرسمية للأحاديث تمت في ضوء رعاية رسمية من الدولة؛ بالتالي لم يختفي الغرض السياسي من مشهد الجمع، وحاليا تعتمد جماعات الإسلام السياسي بشكل رئيسي على الأحاديث في شرعنة وجودها وأفعالها.

تسييس الدين

حين نجح النبي في السيطرة على شبه جزيرة العرب، وحين ألقى على المسلمين في “حِجَة الوداع” قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).. وحين فارق الحياة كان (الإسلام/الدين) مكونًا من كتاب واحد لم يتم تجميعه.

بينما خلال الفترة من تأسيس المسلمون لإمبراطورية حكمت نصف العالم المعروف آنذاك.. إلى يوم انهارت هذه الدولة؛ أصبح (الإسلام) يتكون من أطنان من الكتب، هذا لإنه أصبح يجمع بين (الدين والتدين) معًا.

ثم نتوقف كثيرًا عند حقيقة إن الفروق (العقدية) الشاسعة بين المذهبين الأكبر في الإسلام (الشيعي والسُني) تكونت كلها خلال (فترة التديُن)؛ التي بدأت بخلاف سياسي على خلفية قبلية.. أطرافه المتحاربة وبحسب لحظتهم التاريخية لم يشكلا حزبان سياسيان يتنافسان على إدارة “الدولة” بل شكلا نواة مذهبين أقتسما “الدين”.

YouTube player

نهي نبوي عن تدوين الحديث

بالنظر إلى السجال الخاص بتوقيت إنطلاق عملية جمع الأحاديث سنجد أنفسنا، بعيدًا عن التعصب، أمام تصور أقرب للحقيقة يقول: إن النبي بالفعل نهى أن يكتب عنه غير القرآن.

لا تكتبوا عني شيئًا إلا القرآنَ، فمن كتب عني غيرَ القرآنِ فلْيمحْه، وحدِّثوا عني ولا حَرَجَ، ومن كذبَ عليَّ متعمِّدًا، فلْيتبوأْ مقعدَه من النارِ (حديث صحيح) الراوي: أبو سعيد الخدري – المصدر: صحيح الجامع – أخرجه مسلم

وفي رواية أخرى عن أبي هريرة قال:كنا قعودا نكتب ما نسمع من النبي، فخرج علينا فقال: ما هذا تكتبون؟، فقلنا: ما نسمع منك. فقال: أكتاب مع كتاب الله؟، فقلنا: ما نسمع، فقال: أكتاب غير كتاب الله؟ امحضوا كتاب الله وأخلصوه، قال: فجمعنا ما كتبنا في صعيد واحد، ثم أحرقناه بالنار. قلنا: أي رسول الله أنتحدث عنك؟ قال: نعم، تحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار. قال: فقلنا: يا رسول الله! أنتحدث عن بني إسرائيل؟ قال: نعم، تحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، فإنكم لا تحدثون عنهم بشئ إلا وقد كان فيهم أعجب منه (حديث صحيح).

مشروع أموي

كذلك لن نجد أي توجه رسمي من “دولة الخلافة” بتجاوز أمر عدم تدوين الحديث.. إلا تزامنًا مع مئوية الهجرة النبوية؛ أي بعد وفاة النبي والصحابة والتابعين وتابعي التابعين، وورد ذكر ذلك عند ابن حجر العسقلاني (1372-1449) في كتابه “فتح الباري شرح صحيح البخاري“.

كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم انظر ما كان من حديث رسول الله فاكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ولا تقبل إلا حديث النبي ولتفشوا العلم ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا حدثنا العلاء بن عبد الجبار قال حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن عبد الله بن دينار بذلك يعني حديث عمر بن عبد العزيز إلى قوله ذهاب العلماء“.

الأحاديث
غلاف فتح كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري

مبادرات فردية

في الوقت نفسه لا يمكن إنكار وجود محاولات فردية أقدم مثل (الصحيفة الصادقة)، المنسوبة لعبد الله بن عمرو بن العاص (616-683)، كان عمره 16 عام عند وفاة النبي؛ وجمعها من أقوال النبي بعد أن أستأذنه في الكتابة عنه فروى 700 حديث، اتفقا له الشيخان على سبع وانفرد البخاري (810-870) بثمانية ومسلم (822- 875) بعشرين.

فكانت بمثابة الأرضية التي إنطلق منها مشروع دولة بني أمية. مشروع تمت مهاجمته من معارضي الأمويين بمختلف إنتماءاتهم وولاءاتهم؛ ذلك عبر أتهام بعض المحدثين المشاركين في المشروع بـ”السير في ركاب الأمويين وإرضائهم بوضع ما يروق لهم من الأحاديث التي تثبت دعائم ملكهم، وترد على خصومهم” كما ورد عند د. محمد عجاج الخطيب في كتابه “السنّة قبل التدوين“.

الأحاديث
قبر د. محمد عجاج الخطيب

الحديث.. بوابة العنف الديني

حاليًا يمكننا أن نرى الأحاديث كنصوص ظهرت وتكدست عبر مُمَاشَتها لواقع سياسي مُتغير.. لكنها أستولت على ما يملكه (الدين) من سُلطة وتأثير، وتلقفتها جماعات عنف سياسي تبحث عن شَرعَنِة جرائمها.

إقرأ أيضا
المخللات

فنتج بسبب هذا النشاط السياسي معارك تنظيرية دينية، حول حُجية الأحاديث ومدى دقة عملية جمعها.. إلخ. فجمع فريق من الباحثين الروايات القائلة برفض الخلفاء الأربعة لجمع الأحاديث؛ لدرجة حرق ما كُتب منها كما نُسب “الصدِّيق” في رواية أوردها الإمام الذهبي (1274-1348) في “تذكرة الحافظ” وقال إنها لا تصح.  أو سَجنَ من يكتُبها كما ورد في الكتاب نفسه عن “الفاروق”، وهذه لم ينكرها الذهبي.

وفريق أخر عمل على جمع الروايات التي تؤكد إن الجمع بدء في حياة النبي لكن بمجهودات فردية وبعد أستأذان النبي؛ كما يقال عن عبد الله بن عمرو بن العاص.

ومن الجدير بالذكر إن جميع الروايات تم جمعها والتحقق منها عبر آلية شفاهية بالكامل، فالروايات نفسها تناقلت شفاهةً ثم عملية التحقيق أعتمدت بشكل كبير على البحث في سيرة الرواة وذلك أيضًا أعتمادًا على الشفاهة.

بالإضافة إلى أرتكان جماعات الإسلام المسلح تعتمد بشكل كبير على نصوص الأحاديث والروايات في شرعنة جرائمها، لكن لهذا مقال قادم… انتظرونا.

الكاتب

  • الأحاديث رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان