همتك نعدل الكفة
252   مشاهدة  

الأدلة البديهية.. على المركزية العروبية (02)

  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



في الجزء الأول من الأدلة البديهية.. على المركزية الأوربية رصدنا مدى التطابق بين المركزية الأوروبية والمركزية العروبية في عملية “تزييف الوعي”.. وكيفية تنفيذها.

الجزء ده هنقف مع تَلَت نقط تانية:

  • فرض المُسميات.
  • تسييد الأسطورة.
  • تصدير الحروب.

أما اللي عايزين يستزيدوا خصوصًا في معرفة “الأثار السلبية الملموسة للمركزية العروبية” يقدروا يرجعوا لحلقة المركزية العربية القرشية مع المخرج والكاتب إسلام ملبا في ضيافة المترجم مؤمن سلام.

YouTube player

فرض المسميات

الأوروبيين والعرب كانوا بيسموا الشعوب التانية على مزاجهم، وبما إن كل فرقة منهم شكلت مركزية مؤثرة، فكل فريق منهم تسبب في طمس أسماء دول وشعوب وتبديلها بمسميات جديدة من أفتكاس الحاج صاحب المركزية.. وأفضل نموذج ع الحكاية دي هو إحنا.

بلدنا الجميلة ليها أسمين غير بعض ومالهومش أدنى علاقة ببعض، مصر وEgypt، وفي الواقع الإتنين مش إسم بلدنا أصلا.. ولا عُمر حد من أجدادنا قال استخدم الأسامي دي.

المركزية العروبية
ميم خاص بالمقال

Egypt:

المركزية الأوروبية أنتجت اسم Egypt وتبنته.. وإحنا لبسناه.

أصل كلمة «إيجيبت» يرجع لتسمية قديمة لبلدنا في لغتنا الأصلية اللي كان بيتكلم بيها أجدادنا بناة الأهرام، بالتحديد في عصر الدولة الحديثة كانت العاصمة هي «منف» (الجيزة واللي منها) ووقتها كان «بتاح» رب رئيسي في الأسطورة بتاعتنا للوجود، فتم اختراع أسم «حت كا بتاح» ومعناها «مقر قرين بتاح».

وحسب كلام باسم الشماع: (فبمرور الزمن الكلمة أتحورت، فنجد أنه في ملحمة الشاعر الإغريقي الشهير «هوميروس» التي تسمى «الأوديسا»، المكتوبة في القرن الـ9 قبل الميلاد تقريبا، ظهر اسم مصر باسم «إيجوبتس»، أي أن هذا كان اسم مصر عند اليونانيين.

المركزية العروبية
عملة رومانية قديمة يظهر عليها اسم إيجيبتوس

وأنه عند تفحص الاسم نجده مشتق من الاسم المصري «حت كا بتاح»، واليونانيين عندما دخلوا مصر وجدوا صعوبة في نطق حروف معينة، من ضمنها حرف «الحاء»، الذي هو بداية ونهاية اسم مصر، فاستبدلوا «الكاف» بحرف «الجيم» وتحولت إلى «حت إيجوبت»

بالإضافة إلى ذلك، فأهل اليونان كانوا يضيفوا حرف «السين» مسبوق بحرف من حروف الحركة في نهاية الكلام، لذا يصبح الاسم النهائي لمصر عند اليونانيين «إيجوبتس»، كما ورد في ملحمة «هوميروس»، ومن النطق اليوناني، اشتقت اللغات الأوروبية الحديثة، الكلمة التي تدل على مصر مثل «إيجيبت» في الإنجليزية، و«إيجبتن» بالألمانية).

يعني مجرد اختلاف بين لغتنا الأصلية ولغة الأوروبيين بسببه ماكنوش عارفين ينطقوا لأسم بلدنا فبقوا يقولوا عليها أسم تاني، أسم نتيجة للمركزية الأوروبية بقى هو الأسم الرسمي لينا وأسمنا الأصلي اختفى.

مصر:

نفس الكلام حصل مع الأسم التاني، مصر، وإن كان بتفاصيل مختلفة.

الأسم وبما إنه «عربي» فله أكتر من رواية، ناس بتقول إن النبي نوح كان عنده حفيد اسمه “مصرايم” والشاب ده، جِه نواحينا فالبلد كلها أتسمت على اسمه.

وده طبعًا كلام تراثي مانقدرش نستدل على صحته، ومهواش علمي زي ما مولنا بيقول.

فيه رواية تانية بتقول إن هو ده الاسم اللي ورد في القرآن فخلاص تم اعتماده زي ما هو، أرض تم تسميتها كده من فوق سَبَع سموات… معقولة المؤمنين بالكتاب هيكون ليهم رأي تاني؟؟

وفيه رواية تالتة، أقرب للمنطق، بتقول إن الاسم ده هو كمان مجرد تحريف لمسمى قديم، والرأي ده بيقول إن الشرقيين في الهلال الخصيب والنواحي دي اختلفوا في تسمية بلدنا.. كل حد حسب لغته فكانت:

اللغة الأكدية = مصرى، اللغة الآشورية = مشر، اللغة البابلية = مصر، اللغة الفينيقية = مصور، اللغة العربية القديمة = مصرو، العبرية = مصراييم.

والناس دي كلها كانت بتلف حوالين المسمى ده أنطلاقًا من مسمى حقيقي استخدموه أجدادنا وهو «مجر» أو «مشِر»، بمعنى المكنون أو المُحصّن، وهي كلمة تم استخدامها كوصف لبلدنا بسبب جغرافيتها اللي جعلتها محمية، من الشمال بحر والجنوب فيه جنادل (صخور ضخمة) تمنع الملاحة في النيل ومن الشرق بحر ومن الغرب صحرا.

YouTube player

فيه رواية بقى غير كُل دول بقى بتقول حاجة سهلة خالص، مصر في العربي يعني أرض أو بلد وجمعها أمصار، فالاسم ده جِه كده، بلد واضحة وحددة ومش عارفين ينطقوا اسمها.. فسموها مصر/بلد، زي برنامج «البرنامج» كده، والرأي ده له آثار جانبية أهمها إن «مصر» المذكورة في القرآن مش طول الوقت هي بلدنا إنما ممكن تكون أي مدينة تانية.

يعني باختصار أسم بلدنا الحقيقي زي أجدادنا ما سموها راح في الوبا وبقينا إحنا نفسنا «أحفادهم» بنستخدم أسماء مستوردة من ثقافات تانية، ثقافات أصحابها وعبر غزو عسكري وفكري قدروا يكونوا مركزية عالمية ندور إحنا في فلكها.

تسييد الأسطورة

أكيد مش محتاجين أي أمثلة أو إيضاحات لتبني المركزية الأوروبية للمسيحية والمركزية العروبية للإسلام، وإن كل فريق تعامل مع لا معقوليات دينه بوصفها حقايق مطلقة وبالمقابل سَفِه من شأن معتقدات الشعوب التاني وتعامل معاها ودونها بوصفها «أساطير» أو «حكايات شعبية» أو أي مسمى تاني يقلل من شأنها ويبعدها عن مركز ثقافة المجتمعات المُحتلة.

في حين إن لو فكرنا بشكل منطقي بعيد عن الإيمان الغيبي وإعتقاد دين بعينه.. هنلاقي إن كل الأديان فيها ما لا يصدقه عقل وما ينافي المنطق.. والإيان بالخوارق دي هو صُلب العقيدة.

فنلاقي إن المُحتل الأوربي صنف أساطير الشعوب في أفريقيا أو آسيا أو الأمريكتين بوصفها «أساطير شعبية» أو «فولكلور» أو أي من المسميات دي، في حين قدم لهم أسطورته عبر إرساليات تبشيرية مختلفة بوصفها حقيقة بديهية، فيبقى تواصل الإنسان في نوبة الجبال مع أرواح أجداده عن طريق الكوجور خرافة محلية، إنما حمل السيدة مريم وهي عذراء أمر عادي ومنطقي.

إقرأ أيضا
مسار إجباري

من الناحية التانية المحتل العربي قدم رحلة الإسراء أو سفينة نوح أو ظهور حوت في وسط العراق يبلع النبي يونس بوصفها معجزات إلهية قابلة للحدوث لإن قدرات الله غير محدودة، وطبعًا على الجميع احترامها.. واللي ينكرها يتسجن، في حين يتم وصف كل سرديات أجدادنا عن نشأة الكون والحياة بوصفها «أساطير الأولين» ويحق لأي مسلم يطلع فوق أي منبر ويتريق عليها ويوصم حضارة كاملة بالوثنية.. عادي جدًا.

وفي الحالتين إيزيس وأوزوريس بالقطع خرافة وآدم وحوا معلوم من الدين بالضرورة، بالتالي اللي يحاول يستنسخ نمط حياة القرشيين خلال القرن السادس الميلادي وفرضها ع المجتمع ككل.. يتقال عليه «سَلَفِي» وينفع يبني دور عبادة ويفتح قناوات فضائية وأحزاب سياسية ومدارس يعلم فيها عيالنا، إنما لو حد فكر مع نفسه إنه يتمسك بأسطورة أجدادنا.. فهيتسمى «كافر» ومصيره الحتمي السجن أو هيتسمى «مجنون» ومصيره مستشفى الأمراض العقلية.

المركزية العروبية
التاسوع المقدس

تصدير الحروب

العلاقة بين المركز والهامش هي نفسها العلاقة بين العاصمة والأقاليم، فلما المركز يدخل حرب من البديهي إن الهوامش التابعة له هتتورط معاه فيها، زي كده الجنرال الراحل عبناصر من مقره في القاهرة لما قرر يدخل حرب اليمن أو لما أعلن الحرب على إسرائيل، فيه جيلين من شباب كافة أقاليم البلد شبابهم كله راح ع الجبهة، ومدن القناة أتضربت وأهلها أتهجروا وسينا تم احتلالها.. إلخ.

نفس الشئ حصل لما الدول الأوروبية وقعت في بعضها خلال الحرب العالمية الأولى والتانية، المركز الأوروبي بيتخانق مع بعضه.. فالهامش التابع ليه «من مستعمرات» هو كمان بقى متورط في حرب، عشان يموت ويتشرد حوالي 100 مليون إنسان حول العالم بسبب إن دول أوروبا واقعة في بعضها.

على الناحية التانية نلاقي إن خلاف، من خمستاشر قرن، بين عيلتين من قريش على مين يحكم أمبراطوريتهم الصاعدة، الخلاف ده تطور لصراع مسلح بينهم.. ثم تطور أكتر إلى صراع مذهبي «سُنة V.S شيعة».. عشان نبقى عايشين النهارده في واقع سياسي حاضر فيه وبقوة مصطلح «الصراع السني الشيعي»، صراع بنشوف بسببه تفجير جوامع وأضرحة ومصايب، صراع في أساسه عائلي بين ولاد عم من قريش في القرن السادس أحد تجلياته في القرن الواحد وعشرين إن مجموعة من أهالي أبو النمرس يهجموا على جار ليهم يقتلوه ويمثلوا بجثته لمجرد إن حد قال إنه شيعي.

YouTube player

ختام

الأدلة البديهية على وجود مركزية عروبية ومدى تأثيرها على حياتنا النهارده لا تنتهي، وينفع أفضل أكتب فيه لحد أخر السنة على الأقل، وبرضه بالأمثلة والنماذج والمقارنة مع المركزية الأوربية لزيادة التأكيد والبرهنة على التأثير أو الهيمنة الثقافية والسياسية.

بس عشان نختصر ممكن كل شخص بيقرا الموضوع ده يسأل نفسه عن أسامي خمس شخصيات تاريخية من الحجاز وزيهم من بلدنا.. وكل حد يشوف مع نفسه قدر يفتكر مين أسرع.

وممكن نسهلها أكتر ونخليها شخصية واحدة، كام حد فينا يعرف الخليفة المأمون اللي دبح وشرد وهجر آلاف من أجدادنا؟ وكام حد يعرف مينا أباكير اللي كان ضمن الثوار المدبوحين.

المركزية العروبية
بوستر من أحد صفحة الصحوة القومية

 

الكاتب

  • رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان