همتك نعدل الكفة
74   مشاهدة  

الأسباب الفنية لتميُز لام شمسية

لام شمسية
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



خلال عرض سِت حلقات من أصل خمستاشر انهالت ردود الفِعل الإيجابية على مسلسل لام شمسية، إن كان من الجمهور أو العاملين في الوسط أو الصحافة الفنية أو النقاد والمتخصصين، ورغم إن الآراء دي تكاد تكون كلها مرتكزة على نقطة الاختيار الجريء والجيد للقضية محور العمل؟ لكن في الواقع المسلسل يمتلك نقاط قوة وإمتاع متعددة.

التفصيص المجتمعي

كُتاب المسلسل، ورشة سرد بقيادة الكاتبة مريم نعوم، شمروا كِمامهُم ومدوا إيديهم يفصصوا بقايا الطبقة الوسطى تفصيصَا، إن كان سكانها الأصليين اللي نجحوا فالتشبُث بمكانهم رغم الهزات الاقتصادية العنيفة.. أو الساقطين عليها من الطبقة الأعلى نتيجة تآكل وإنكماش القيمة الشرائية لمدخراتهم وأرصدتهم بشكل أكبر وأسرع من قدرتهم على توفير حلول.

انتشار روح التنافس بشكل هوسي بين أفراد الطبقة؛ فنلاحظ تركيز الأمهات “الماميز” على تطور مستوى يوسف في العربي وسرعة اتفاقهم مع نفس المدرس الخصوصي “وسام” عشان يدرس لعيالهم.

أستاذ جامعي بيدي دروس خصوصية لتلاميذ في إبتدائي، وهي التفصيلة الخطأ الوحيدة في المسلسل لغاية دولقتي؛ فإزاي يكون “وسام” هو مسؤل النشاط المسرحي في المدرسة المعروف بتركيزه على عنصر اللغة.. وفي نفس الوقت مافيش حد من “الماميز” يعرف عنه حاجة بما فيهم واحة من العاملات في المدرسة.

هوس الكُبار ينعكس على سلوك العيال في صورة التباهي الاستهلاكي (الموبايل في هدية عي الميلاد نموذجًا).. وبمستوى السكن (التركيز على الفارق بين شقة الأب وفيلا الأم.. إن كان من يوسف أو إسماعيل منافسه اللدود).

رسم العلاقات

كمان برع فريق “ورشة سرد” في رسم العلاقات بين الشخصيات من ناحية وخلق الأزمة الرئيسية من ناحية تانية، فأسرة المتهم “وسام” مكونة منه هو كشخص مظهره ووظيفته ومكانة عيلته كلها أمور في صفه وتستبعده كمحل شك.. وعلاقته التاريخية مع “طارق” تجعله في نظره فوق مستوى الشبهات.

أما زوجته “رباب” فهي سِت تعاني من مشاكل نفسية تستدعي إنها تاخد مجموعة أدوية بشكل مستمر، والعلاقة بينها وبين جوزها متوترة.. وإحنا كمشاهدين لا نعرف السبب ولا نقدر من الأحداث نحسم مين صاحب حق ومين غلطان؛ نقدر بس نشك في “وسام” رغم لُطفُه الشديد في التعامل معاها، والشك هنا مش مصدره الوحيد رعبها الشديد منه اللي نقلته بوضوح لطبيبها النفسي د. نبيل القُط.. إنما تضارب الأقوال حوالين تكرار أدويتها.

من الناحية التانية عندنا “طارق” طليق “هبة” (أم يوسف) ومتجوز “نيللي” ومخلِف منها طفل تاني “ياسين”.. وكمان بيخونها مع زميلته في شركة الدعاية والإعلان “نهال”؛ واللي بتبلغه في اليوم ده إنها حامل.

أما “نيللي” فهي سِت سهل التعاطف معاها، زوجة مجتهدة قادرة توفق بين شغلها وبيتها.. مرات أب مثالية مش بتفرق بين ابنها “ياسين” وابن جوزها من طليقته “يوسف”، بس كمان بتعاني من مشاكل نفسية مؤثرة بتتجلى في 3 نقط؛ كوابيس متكررة.. لما تعمل سكس بتحس بآلم شديد الطبيبة أكدت إن مالهوش سبب عضوي فحولتها على طبيبة نفسية.. متعودة على استخدام المهدئات.

والابن نفسه “يوسف” من أول لحظة بنشوفه بنلاقيه عيل عِنَّدِي وعصبي وثم خلال دقايق من بداية المسلسل بنكتشف كمان إنه عنيف.

في وسط الكوكتيل البشري ده بعلاقاتهم الإنسانية المتشابكة بينفجر الحدث الرئيسي؛ “نيللي” بتشوف -من ورا إزاز مصنفر لونه عَسلي- صورة ضبابية ومشوشة جدًا لتحركات تشُك إنها تقارب جسدي غير بريء بين “وسام” و”يوسف”.. تقتحم الأوضة بسرعة فتشوف الإتنين بيبعدوا عن بعض بتوتر واضح جدًا.

خلق العقدة

بالنسبة لخلق الأزمة الرئيسية للعمل “العقدة الدرامية” فكل تفصيلة تمت بذكاء شديد؛ عشان تكوِن وضع معقد جدًا بدون افتعال أو خطأ فني.

بعد نهاية الحفلة كل المعازيم روحوا وفضل بس صحاب البيت (طارق، نيللي، يوسف، ياسين) والأصدقاء الأقرب (وسام، رباب) بالإضافة للشغالة.

نيللي تشوف مشهد مش واضح أبدًا فتعتقد إنه تحرش جنسي.. بس رد فعل “وسام” و”يوسف” يدعم اعتقادها جدًا (قصاد نفسها).

واحدة بشخصيتها (زي ما شوفنا أبعادها الفقرة السابقة) فمنطقي جدًا إنها هتتصرف زي ما حصل في المشهد بالظبط؛ تقتحم الأوضة وتهاجم (ما تراه) مصدر خطر على ابنها (غير البيولوجي) بكل قوتها، وكمان تكون هيستيرية في رد فعلها بالقدر الكافي لكهربة الجو تمامًا وتفويت أي فرصة على عقل جوزها “طارق” إنه يحاول يتصرف بهدوء.. خصوصًا إنه أساسا مسحول مع نفسه في حدوتة حمل “نهال”.

أما بالنسبة للثنائي “وسام” و”يوسف” فبرضك ردود أفعالهم مناسبة جدًا للحدث، والبراعة الشديدة إنها مناسبة في حالة إن فيه بينهم علاقة جنسية أو لأ؛ فالطفل “يوسف” منكمش على نفسه وفي حالة صدمة من الموقف شديد التوتر.

كمان “وسام” مصدومة عشان أتقفش أو عشان بيتم اتهامه اتهام خطير زي ده، فالأول بيحاول يشرح الموقف (أو يكذب) لكن في الحالتين طريقة كلامه مرتبكة.. ثم مع هجوم “نيللي” واشتباكها معاه جسديا بيدافع عن نفسه، وبرضه بشكل طبيعي بيحاول ينسحب بمراته من المشهد والمكان كله.

حالة الصراخ المستمر والتوتر الشديد المحطوط فيها “طارق” بتخليه يمنع صاحب عمره وصندوقه الإسود من الخروج بشكل عنيف.. وسؤال إبنه (إيه اللي حصل؟).. وطبعًا الطفل كل ما يزيد الصراخ بيزيد إنغلاقه على نفسه.

“وسام” -لو بريء- فبيعتبر تصرف صديق عمره إتهام صادم فبيقول جملته الأخيرة بعتاب، واللي لو كان مذنب فبرضه هيستخدمها بغرض التوقيع بينهم وخلق معركة مختلفة: (هتصدق مراتك؟! اللي أنت بتقول عليها بنفسك إنها…)

أيًا كان وضع “وسام” فاختيار “طارق” لقطع جملته ببوكس غشمولي هو الاختيار الأمثل لزوج خاين مش عارف ممكن مخزن أسراره يطلع منه إيه في لحظة زي دي.

لام شمسية
وسام بعد سقوطه بالضربة القاضية

التصعيد في لام شمسية

تصعيد الحدث الرئيسي وتابعاته برضه تم بحرفية شديدة، إصابة “وسام” وما يترتب عليها من حبس “طارق”، بالتالي تقديم “نيللي” لبلاغ تحرش (هتك عرض)، اكتشاف “نيللي” لواقع إن ماعندهاش أي دليل فعلي على كلامها.. وإنها حتى ماشفتشي المشهد واضح.

“يوسف” مفتقد “وسام” جدًا وتوتره وعدوانيته يزيدوا أكتر.. في رد فعل يزود الشك في شكل علاقتهم؛ ويزيد أكتر بعد رجوع “وسام” لحياته الطبيعية مع الحفاظ طبعًا على مسافة معه ورؤية مدى تأثير ده على الولد بالضيق والتوتر.

إقرأ أيضا
القرصانة

ثم مع اقتراب خصمه اللدود “إسماعيل” من “وسام” يظهر بوضوح شعوره بالغيرة؛ وده سلوك طبيعي في حال إن بينه وبين “وسام” علاقة جنسية.

بس كمان ينفع كل ده يتشاف بشكل تاني؛ زي إن مثلًا الولد من البداية مضطرب ومتعلق بأستاذه خصوصا وإنه مُسلي ودمه خفيف وبيجيب له هدايا بيحبها.. إلخ، وإن موقف “وسام” طبيعي بعد كل المصايب دي.. صحيح بالغ شوية خصوصا في موضوع توزيع شخصيات المسرحية؛ بس برضه الراجل شاف الموت بعينيه و”نيللي” نفسها موجودة معاه مشرفة على فريق المسرح.

لام شمسية نموذج لبراعة الحبكة

مفردات مسلسل لام شمسية من كتابة الجيدة جدا وإخراج بديع لكريم الشناوي بالإضافة لإبداع كل الممثلين بلا استثناء في تأدية أدوارهم؛ كل دي عوامل ورطت الجمهور في الحدوتة.. وحطتنا كلنا قصاد مُعضلة “نصدق مين؟”

هل نصدق “نيللي” وهي ماشفتش غير شوية خيالات مش واضحة ولما ماكنش فيه أي حاجة حاصلة والإتنين لابسين هدومهم كاملة؟ وكل تأكيدها لتفسير عقلها للصورة المهزوزة هو رد الفعل المرتبك جدًا من الولد وأستاذه.

ولا نصدق “وسام” ونفسر إن الأرتباك سببه دَخلِة المُخبرين بتاعت “نيللي”، ونتغاضى عن علاقته المرتبكة بمراته “رباب”، أه مافيش دليل على إنه أساء ليها بس كمان اللي يطلع من قضيتين براءة بيتحول لمصدر شبهة، خصوصا لو القضيتين التهمة فيهم واحدة… أو يبدو كذلك.

ويكون إتهام منهم هو عبارة عن محاولة مراته (اللي علاقته بيها مثيرة للشك) استغلال غيبوبته والهروب منه مع بنتهم، ثم اكتشاف إنها حاطة كاميرا مراقبة في أوضة بنتها.

فهل صدفة إن إتنين مش منضبتات نفسيًا يتهموه بنفس التهمة؟ ولا -زي العمل بيصدرلنا بدون إفصاح- إن “رباب” سبقلها شافت “وسام” بيتحرش ببنتهم؟

ختام

لام شمسية عمل شديد الإمتاع والتكامل لحد دلوقتي، الحلقة الساتة، أتمنى يكمل على كده.. ولو حصل أضمن له بلا منازع لقب أفضل عمل درامي في موسم رمضان 2025.

الكاتب

  • لام شمسية رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان