الأسماء v.s. الموضوعات
-
إيمان أبو أحمد
مترجمة وصحفية مصرية، عملت في أخبار النجوم وفي مجال ترجمة المقالات في عالم الكتاب ولها العديد من المقالات المترجمة، وعملت في دار الهلال ومجلة الكتاب الذهبي التابع لدار روزاليوسف. ولي كتاب مترجم صدر في معرض الكتاب 2021
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
مع انتهاء موسم رمضان، ومع اتضاح الرؤية، ومتابعة اتجاه الجمهور وميوله هذا العام إلى أين اتجهت، وجدنا أن الجمهور رجح كفة الموضوعات أمام كفة أسماء النجوم الكبار.
في هذا العام لم تشفع للنجوم أسماءها لتنجح مسلسلاتهم صاحبة الموضوعات المستهلكة، والحكايات المكررة، والقصص التي لا تعبر عن الجمهور، ولم تشفع البيوت الفارهة ولا الكمباوندات أو الفيلات الغالية، ولم تسحره السيارات الفارهة والملابس الغالية، وكأنما حدثت حالة من التشبع لدى الجمهور، ومل من هذه النوعية من المسلسلات ومشكلات الخيانة، والسرقات، وأزمات الملايين، التي لم يجد فيها نفسه أو مشكلاته، لم يرى على الشاشة منزله، أو جيرانه.
وربما أجواء الكورونا وارتفاع حالات الوفيات والإصابة بالفيروس جعلت الجمهور يبحث عن شيء ينفث فيه ومن خلاله، لم يعد يتحمل مشكلات وآلام فوق ما يتحمل، وبخاصة أنها لا تخصه ولا تلمسه، فقرر هذا العام أن يبحث عن جديد وتغيرت ذائقته، وفجاءنا حضرة المحترم المشاهد بأن التف حول موضوعات جديدة لم تطرح من قبل، وأسماء صغيرة وفي أول المشوار ولكنها قدمت أفضل ما لديها.
فإذا حاولنا وضع قائمة مبدئية للمسلسلات التي نجحت، ونجّحها الجمهور، وكتب عنها الكثير من النقاد والجمهور العادي على وسائل التواصل الاجتماعي، سنجد أن مسلسل “خلي بالك من زيزي”، و”أولاد ناس”، و”بين السما والأرض”، ويليهم “مسلسل لعبة نيوتن”.
وبالنظر لهذه المسلسلات سنجد أن “مسلسل خلي بالك من زيزي”، يناقش موضوع جديد لم تتطرق إليه الدراما المصرية من قبل وهو مشكلة من مشكلات صعوبات التعلم وتشتت الانتباه، موضوع جديد وقُدم في قالب كوميدي خفيف، وهذه نقطة غاية في الذكاء فلو كان قُدم في صورة درامية وكم من الشجن والحزن ربما قلل هذا من نجاحه.
واعتمد على ممثلين شباب مثل أمينة خليل ومحمد ممدوح وعلي قاسم، فجميعهم أسماء أثبتت نفسها ونجحت في أعمال وبطولات جماعية، وخلا المسلسل من مظاهر البهرجة والمكياج والملابس الغالية والبيوت الفارهة، بل على العكس فالبطلة “أمينة خليل” طوال المسلسل ترتدي ملابس رياضية واسعة، وأحذية رياضية، ووجهها خالي من المساحيق الزاعقة، والمنازل عادية تشبه منازل الكثير منا، وكان الحوار لطيف وخفيف، وعلى الرغم من أن المسلسل يناقش أحد الأمراض النفسية التي يعاني منها الكثير من الأسر، وموجود في العديد من البيوت، إلا أنه تم النقاش بصورة كوميدية خالية من الدراما والدموع، واستنزاف المشاعر.
وبساطة التناول في كل تفصيلة في المسلسل ساعدت على نجاحه، ووقوفه في وجه مسلسلات كبار النجوم، واقتنص منهم المكانة الأولى بين مسلسلات رمضان هذا العام.
ويليه مسلسل بين السما والأرض والذي تدور معظم أحداثه في كابينة أسانسير، يعيش فيه أبطال العمل وتدور معظم الأحداث في هذا المكان الخانق الضيق، وكان من الذكاء أن تكون عدد الحلقات 15 حلقة، وعدم الاجترار وراء فكرة الثلاثون حلقة والتي ستتطلب اللجوء للمط والتطويل وسرد أحداث غير مفيدة، ومن ثم ينفلت المشاهد ويهرب من المتابعة وبخاصة أن ضيق المكان سيتسبب للكثير في الشعور بالاختناق والضيق، وكانت مخاطرة كبيرة أن تطول مدة المسلسل عن ال15 عشر حلقة.
وكان هناك تتابع للأحداث وتدفق جعل المشاهد يجلس ويتابع دون ملل أو ضيق، بالإضافة لجودة أداء الممثلين، فأبطال العمل هم الفنان “هاني سلامة، سوسن بدر، أحمد بدير، يسرا اللوزي، ودرة” وإخراج محمد العدل.
والمسلسل مأخوذ من رواية الأديب نجيب محفوظ التي حولها المخرج الكبير صلاح أبو سيف في الستينات إلى فيلم سيمائي، ويأتي المخرج محمد العدل بعد أكثر من خمسون عاما ليحولها إلى مسلسل ناجح.
وأيضا يستطيع ان يقف هذا المسلسل ذي البطولة الجماعية في وجه مسلسلات النجوم الكبار، ويلكمها لكمة قاضية ويقتنص منها الصدارة.
ومسلسل “ولاد ناس” والذي يقدم حكاية التربية في البيوت ومشكلاتها من خلال حادثة أتوبيس مدرسة وإصابة الأطفال، ونشاهد فساد الإدارة وفساد البيوت، ورغبة كل من له سلطة في استغلال سلطته لحماية من يخصه، ومن خلال تتابع الأحداث فإننا نواجه أنفسنا بمشكلات نواجهها في بيوتنا ومع صغارنا، وفي بيوت المحيطين بنا، ومن المؤكد أنك عندما تجلس أمام المسلسل ستجد نفسك على الشاشة أو قريب لديك، وترى مشكلة واجهتها مع أبناءك أو أبناء المحيطين بك.
وبذلك وفي نهاية الموسم الرمضاني نجد أن حضرة المشاهد وضع كلمته وأعطى الكأس لمن جذبه، وسيطر على تفكيره وهو الموضوعات ولم يهتم بحجم الاسم طالما ليس هناك موضوع يجعله يترك كل شيء ليتابع نجمه المفضل والذي ظل لسنوات يحبه وينتظر ما يقدمه، ولكنه هذا العام قرر الثورة على الموضوعات المستهلكة القديمة، واحتفى بالجديد المحترم الذي ينتظره.
ففي هذا العام أثبت الجمهور كذب مقولة الجمهور عاوز كدة لتبرير الفن الرديء أو الغير متقن.
الكاتب
-
إيمان أبو أحمد
مترجمة وصحفية مصرية، عملت في أخبار النجوم وفي مجال ترجمة المقالات في عالم الكتاب ولها العديد من المقالات المترجمة، وعملت في دار الهلال ومجلة الكتاب الذهبي التابع لدار روزاليوسف. ولي كتاب مترجم صدر في معرض الكتاب 2021
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال