الأشجار المقدسة (4) شجرة الجميز .. أبعاد دينية طبية بنكهة مصر القديمة
-
نفيسة السنباطي
كاتب نجم جديد
نستكمل سلسلة الأشجار المقدسة بالحلقة الرابعة حيث شجرة الجميز التي ارتبطت بأيدولوجيا معينة لدى قدماء المصريين أخذت طابعًا روحيًا وأنماطًا دينية وأشكالاً طبية أثارت شغف كل علماء المصريات
شجرة الجميز وأسطورة نشأة الكون عند قدماء المصريين
ذكرت أحد الأساطير المصرية أنه يوجد في السماء شجرتي جميز بلون فيروزي تقفان على البوابة الشرقية للسماء وتشرق الشمس من خلالهما كل يوم، وظهرت شجرة الجميز في كتب العالم الآخر فنرى الجميزة السماوية (نوت، أو حتحور، أو ايزيس) وهي تطعم وتسقى “كا، وبا” الإنسان بعد الموت أي: تعطيه الطاقة.
اقرأ أيضًا
الأشجار المقدسة (1) شجرة آدم بين تفاح وتين وكأس نبيذ
والكا والبا هي أحد المكونات التسعة للإنسان وهي ليست أجسام مادية بل أجسام أثيرية من الطاقة، وقد عبر الفنان المصري عن هذه الطاقة بشكل الخط الزجزاجي المتعرج.
كان المصريون القدماء يعتقدون أن الإنسان هو ابن النجوم وأنه ابن نوت فيعود لأمه السماوية من جديد بعد انتقاله للعالم الآخر لذلك كانوا يصورون نوت على الغطاء الداخلي للتوابيت.
اقرأ أيضًا
الأشجار المقدسة (2) .. النخلة عمة البشر
فالجميزة السماوية هي رمز للأمومة السماوية عند المصري القديم أما الجميزة الأرضية فقدسها أيضا وعرف أنها مصدرًا قويًا وجاذبًا للطاقة الحيوية والشافية ولذلك فقد كانت شجرة الجميز أكثر الأشجار انتشارا في مصر، وقد ذكر هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد أن مصر كانت تشبه غابة من الجميز.
عصا حورس
اخترع المصري القديم ما عرف بعصا حورس وهي عصا اسطوانية قصيرة في حجم قبضة اليد يمسكها الملك أو الكاهن في كلتا يديه لتقوم بخلق توازن للطاقة الكهربائية والمغناطيسية في الجسم، وقد استوحاها المصري القديم من شكل جذع الشجرة الاسطواني الذي ينقل الطاقة بين الأرض والسماء ويوازن بين الطاقة الكهربائية والمغناطيسية.
يذكر سليم حسن في موسوعة مصر القديمة الجزء الأول: “إن تابوت الإله أوزير صنع من خشب شجرة الجميز، وكانت تظلله بفيئها من اليوم 24 من شهر كيهك إلى نهايته وهذه المدة هي وعيد الإله أوزير وكان خشب الجميز يستعمل لصنع التوابيت والتماثيل والأثاث، أما ثماره كانت تؤكل وتقدم قرابين”.
الجميز في أدبيات الطب عند المسلمين
سرد ابن سينا فوائدها الصحية فقال: “الجميز في لبنه قوة ملينة محللة للدم جدا، وقيل إن لبن هذه الشجرة ملزقة وملحمة للجراحات العسيرة، وكذلك يحلل الأورام العسيرة”.
أما ابن البيطار فيقول عنها: “يستخرج في أيام الربيع من هذه الشجرة لبنا قبل أن تثمر ويجفف ويقرص ويخزن في إناء من خزف، ويستخدم كمليّن ولازق للجروح ومحلل للأورام العسيرة، وقد يشرب ويمسح به لنهش الهوام ووجع الطحال ووجع المعدة والاقشعرار، إذا طبخت ثمرته نفع لمن كان محرورا، ونافعا من السعال المزمن، ورقه إذا سحق وشرب منه على الريق نفع في الإسهال الذي يعجز عنه المعالجون”.
ويقول داود الأنطاكي: “ينفع من أوجاع الصدر والسعال ويصلح الكلى ويذهب الوسواس، ويقطع الإسهال ويسقط الجنين ويدر الطمث، وورقة يقطع الاسهال ويمنع القروح الساعية والآكلة، ورماد حطبه يمنع القروح ذرورا، إذا رضت أوراقه وأطرافه الغضة وثمرته الناضجة وطبخ الكل حتى ينهري وصفي وأضيف له السكر وأخذ لعوقا كلن جيدا لا مثل له لعلاج السعال المزمن وعسر النفس والربو ويصفي الصوت”.
كما يؤكد الطب الحديث قدرة ثمار الجميز في علاج النزلات المعوية وانتفاخات البطن والإمساك بتناول المريض كوبا من عصير الثمار صباحا على الريق، ومضغ ثمار الجميز لأطول فترة ممكنة في الفم، أو استعمال عصيرها كمضمضة لعلاج التهابات وترهلات اللثة، كما يساعد في علاج مرض الصدفية وبعض الامراض الجلدية الاخرى على شكل دهان موضعي، حيث إن لبن الجميز يحتوي على المضادات الحيوية القادرة على إبادة الجراثيم ومواد أخرى تساعد على التئام الجروح.
الكاتب
-
نفيسة السنباطي
كاتب نجم جديد