الأضحية في الفقه الإسلامي (1-2) الأحكام العامة وهل يجوز التوكيل فيها ؟
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
تمثل الأضحية في الفقه الإسلامي إحدى أهم أبواب ذلك العلم وذلك لارتباط الأضحية بالتقرب إلى الله وشكره اقتداءًا بالنبي إبراهيم عليه السلام.
الأضحية في الفقه الإسلامي .. مصادر التشريع وحكمها الشرعي؟
هناك أدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية على مشروعية الأضحية، فمن القرآن قول الله عز وجل “فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ”، وفسر العلماء الآية بقولهم “صلِّ العيد وانحر الأضاحي”، أما من السنة قول الرسول صلى الله عليه وسلم “مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلا يَقْرَبَنَّ مُصَلانَا”.
اقرأ أيضًا
تطيب الكعبة وغسلها “لماذا تقلصت عدد المرات إلى اثنين بدلاً من ثلاثة ؟”
ومع هذه الأدلة فقد اختلاف العلماء حول حكم الأضحية، فغالبية العلماء قالوا أنها سنة مؤكدة لا يأثم من تركها لكن يفوته الخير إن كان قادرًا، وعلماء آخرين منهم أبو حنيفة ذكروا أن الأضحية واجبة، فيما ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنها سنَّة عين سنَّة عين في حق المنفرد، وسنَّة كفاية في حق أهل البيت الواحد، وهذا رأي الشافعية والحنابلة.
أخذت دار الإفتاء برأي الشافعية والحنابلة وعللت بقولها “الشخص يضحي عن نفسه وعن أهل بيته ولو بالشاة الواحدة؛ قال أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه: “كُنَّا نُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ بَعْدُ فَصَارَتْ مُبَاهَاةً، وأهل البيت الواحد هم من تلزم الشخص نفقتهم، ومعنى كونها سنَّة كفاية سقوط المطالبة عن الجميع بفعل الواحد منهم، لا حصول الثواب لكل منهم، إلا إذا قصد المضحي تشريكهم في الثواب”.
موعد الذبح وكيفية التوزيع ؟
يهذب جمهور العلماء إلى أن ذبح الأضحية يبدأ بعد انتهاء صلاة العيد، وبعضهم ذكر أن الأفضل هو التأخير إلى ما بعد الخطبتين، لا تشرع صلاة العيد، فيجوز من فجر يوم النحر الصادق، وهذا رأي الحنفية، والأفضل الانتظار بقدر ما يسع انتهاء الصلاة؛ خروجًا من خلاف من اشترطه، والعبرة بمكان الذبح لا بمكان الموكل.
وذكرت دار الإفتاء أن آخر ميعاد للذبح هو آخر أيام التشريق؛ أي عند غروب شمس الثالث عشر من ذي الحجة، وهذا مذهب عدة من الصحابة والتابعين، وهو رأي الشافعية وقول للحنابلة واختيار ابن تيمية، ودليلهم حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي رواه ابن حبان عن جبير بن مطعم رضي الله عنه: كلُّ أيام التشريق ذبح، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “أيام النحر يوم الأضحى وثلاثة أيام بعده”، والأفضل التعجيل بالذبح قبل غروب ثاني أيام التشريق أي يوم الثاني عشر من ذي الحجة؛ للخروج من خلاف الجمهور.
ومن حيث كيفية التقسيم والتوزيع فالمستحب عند العلماء أن يأكل صاحب الأضحية منها ويطعم غيره ويدخر؛ لقوله تعالى: “وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ”، ولقوله عز وجل: “وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا».
وأفضل شيء في كيفية التقسيم أن أثلاثًا، ويعطي منها الغني والفقير، فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في أضحية النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدق على السؤَّال بالثلث”، وله التصدق بالجميع أو إبقاء الجميع، والتصدق بها أفضل من ادخارها إلا أن يكون المضحي ذا عيال وهو ليس ذا غنًى وبسطة، فالأفضل لمثل هذا أن يوسِّع على عياله؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: “ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا”.
أما من حيث توكيل الغير في ذبح الأضحية فهو جائز شرعًا وفي ذلك قالت لجنة الفتوى تعليلاً بالحديث المرفوع: “يَا فَاطِمَة، قُومِي إِلَى أُضْحِيتَكِ فَاشْهَدِيهَا”، وإن كان به ضعف إلا أن الفقهاء اتفقوا على صحة العمل بمضمونه، والأفضل أن يذبح بنفسه.
الكاتب
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال