همتك نعدل الكفة
23   مشاهدة  

الأكثر انتشارًا في أفريقيا .. عن الطريقة التيجانية ودورها في القارة السمراء

الطريقة التيجانية
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



تعد الطريقة التيجانية واحدة من أكثر الطرق الصوفية تأثيرًا في العالم الإسلامي، حيث لعبت دورًا محوريًا في نشر الإسلام وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والسياسي في أجزاء كبيرة من أفريقيا. وتأسست الطريقة التيجانية على يد الشيخ “أبو العباس أحمد بن محمد التيجاني الحسيني” في أواخر القرن الثامن عشر، وسرعان ما انتشرت عبر الصحراء الكبرى، لتصبح رمزًا دينيًا واجتماعيًا يمتد تأثيره حتى اليوم.

نشأت الطريقة التيجانية في سياق تاريخي شهد توترات سياسية ودينية كبيرة في المغرب العربي وأفريقيا الغربية ـ الاحتلال الغربي لأفريقيا ـ ، وكان الشيخ “أحمد التيجاني”، الذي وُلد عام 1737م في عين ماضي بالجزائر، كان من بين العلماء الصوفيين البارزين الذين سعوا إلى تجد يد التصوف وتوحيد العقيدة الإسلامية في مواجهة تحديات تلك الفترة. من خلال رحلاته العلمية المتعددة، وقد استطاع “التيجاني” تكوين فهم عميق للتصوف ونشر تعليماته التي تركز على تطوير علاقة روحانية مباشرة مع الله تعتمد على الذكر والصلاة والالتزام بالعبادات.

الطريقة التيجانية

اختار “التيجاني” مدينة فاس المغربية لتكون مقر طريقته، حيث استطاع من هناك أن يصوغ مبادئ الطريقة التيجانية وينشرها بين مريديه. تميزت تعليمات الطريقة برفضها التوسل بالأولياء والأضرحة، والتركيز على توحيد العبادة لله وحده. وقد أضفى هذا التجديد روحًا جديدة على الفكر الصوفي، ما جذب إليها الكثيرين.

كان انتشار الطريقة التيجانية سريعًا في أفريقيا بفضل الموقع الجغرافي المميز لفاس، الذي كان يقع في ملتقى طرق التجارة بين شمال وغرب أفريقيا، وقد ساهمت القوافل التجارية في نقل تعاليم الطريقة إلى العديد من المجتمعات الأفريقية التي سرعان ما تبنتها بفضل قدرتها على التكيف مع التقاليد الثقافية المحلية الأفريقية. ومن ثم، انتشرت الطريقة بشكل واسع في دول مثل السنغال ومالي والنيجر ونيجيريا وتشاد.

الزوايا التيجانية 

وقد ساهمت الطريقة التيجانية في تعزيز التعليم الإسلامي من خلال إنشاء زوايا ومدارس دينية أصبحت مراكز للتعليم والتربية الروحية في المناطق التي انتشرت فيها. ولم يقتصر دور الزوايا على التعليم فقط، بل أصبحت أيضًا مراكز للإيواء و ساهمت في ومراكز للتجارة والزراعة، ما ساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية للمجتمعات المحلية، كما في السينغال.

كما لعبت الطريقة دورًا اقتصاديًا مهمًا، إذ ارتبطت بأنشطة تجارية واسعة النطاق. وكانت زواياها بمثابة مراكز للتجارة، وخاصة بين شمال وجنوب الصحراء الكبرى، ما ساهم في تعزيز التجارة ورفع مستوى المعيشة للمجتمعات المحلية. وقد ارتبطت التيجانية أيضًا بالزراعة والحرف اليدوية، حيث ساعدت المجتمعات في تطوير مهاراتها وزيادة إنتاجيتها.

الطريقة التيجانية
الزوايا التيجانية في أفريقيا

أما من الناحية التعليمية والثقافية، فإن الزوايا التيجانية كانت مراكزًا للعلم والثقافة الإسلامية. فإلى جانب العلوم الدينية، كان يتم تدريس العلوم الشرعية وتخريج علماء دين مؤهلين لنشر الإسلام الوسطي في المجتمعات الأفريقية. كما لعبت الزوايا دورًا مهمًا في الحفاظ على المخطوطات الإسلامية ونسخها، ما ساهم في إثراء التراث الثقافي الإسلامي في أفريقيا.

مقاومة المحتل وتحقيق السلم الاجتماعي 

كما لعبت التيجانية دورًا محوريًا في تحقيق السلم الاجتماعي والسياسي، خاصة في مناطق مثل السنغال ومالي، والنيجر حيث أسهمت في مواجهة التطرف الديني وتعزيز الاستقرار، وركانت تعليمات التيجانية، التي تدعو إلى الاعتدال والتسامح، تشكل حصنًا ضد الجماعات المتطرفة مثل “بوكو حرام” و”تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي”. كما لعب شيوخ التيجانية دورًا مهمًا في حل النزاعات الداخلية وتوسطوا بين القبائل المتصارعة.

في فترة الاستعمار الأوروبي لأفريقيا، خاصة في القرنين التاسع عشر والعشرين، كان للتيجانية دور بارز في مقاومة الاحتلال. أحد أبرز الشخصيات التيجانية في تلك الفترة كان الشيخ عمر الفوتي، الذي أسس دولة إسلامية في غرب أفريقيا قاومت الهيمنة الفرنسية. وعلى الرغم من فشل المشروع العسكري في النهاية، إلا أن الطريقة التيجانية ساهمت في الحفاظ على الهوية الإسلامية والثقافية للمجتمعات الأفريقية في مواجهة محاولات التفتيت الثقافي التي تبنتها القوى الاستعمارية.

إقرأ أيضا
جريدة صوت الأزهر
الطريقة التيجانية
الطريقة التيجانية في أفريقيا

في العقود الأخيرة، أصبحت التيجانية محط اهتمام وتنافس بين دول مثل المغرب والجزائر، حيث سعت كل من الدولتين إلى استخدام علاقاتها بالطريقة لتعزيز نفوذها السياسي في أفريقيا، خاصة في دول غرب القارة. فقد نظمت المغرب مؤتمرات دولية للطريقة وسعت إلى استخدام تأثيرها الروحي في تعزيز مواقفها السياسية، ولا سيما في قضية الصحراء الغربية.

تظل الطريقة التيجانية واحدة من أهم الحركات الصوفية في التاريخ الإسلامي، بفضل تأثيرها العميق في نشر الإسلام وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والسياسي في أفريقيا. لقد نجحت الطريقة في التكيف مع الظروف المتغيرة، وأصبحت رمزاً للسلام والتعايش، مما جعلها قوة مؤثرة لا يمكن إغفالها في المجتمعات التي تحتضنها.

اقرأ أيضًا : كلمة شيخ الأزهر تعيد صراع السلفيين والأشاعرة للواجهة 

الكاتب

  • الطريقة التيجانية مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان