“الأهلي ميتر”.. أنت اللي اخترت يا زعيم!
واجه لاعبو الأهلي وإدارته موجة عاتية من الهجوم الجماهيري في الساعات الماضية، بعد أن خسر الأهلي فرصة الصعود لنهائي كأس القارات للأندية الأبطال (الإنتركونتينيتال) ومواجهة ريال مدريد على اللقب.
الأهلي الذي لم تنصفه ركلات الترجيح، فقد الصعود إلى النهائي في محاولته السابعة -إذا اعتبرنا أن البطولة الحالية هي امتداد لكأس العالم للأندية بنظامها القديم- وهنا نطرح السؤال: هل يعد عدم بلوغ الأهلي (المصري) نهائي البطولة ولو مرة واحدة في سبع محاولات هو فشل؟
طموح
يعد الأهلي هو أكثر الأندية العربية والأفريقية بل والشرق الأوسط مشاركة في بطولات فيفا، وهو لا شك النادي الأكثر شهرة عالميا ونجاحا من بين أندية المنطقة.
كي تتأهل إلى كأس العالم للأندية بنظامها القديم أو كأس الإنتركونتينتال حاليا، فأنت كناد مطالب بالفوز بالدوري المحلي أو الحصول على مركز مؤهل لدوري الأبطال في بلادك، قبل أن تواجه منافسيك أبطال بلادهم في البطولة الأقوى في قارتك وتفوز بها لتحصل على فرصة المشاركة في بطولات فيفا.
الفوز بالبطولة القارية هو حلم كبير على أكثر الأندية، تسعى معظمها سنوات طويلة ربما تمتد لعقود لنيل هذا الشرف ولو مرة، وبالطبع مع استحداث الاتحاد الدولي لكرة القدم لبطولات عالمية للأندية وما يصاحبها من شرف كبير وأموال كثيرة، أصبحت المنافسات القارية أصعب كثيرا من ذي قبل.
كل ناد يفوز ببطولة قارية واحدة في تاريخه، يكتب اسمه بحروف من ذهب في سجلات التاريخ، ما بالك بالأندية التي اعتادت الفوز بدوري الأبطال؟.. وهنا تستوطن المشكلة ويكمن التحدي.
الأهلي ميتر
انتزع الأهلي مكانته كزعيم لأندية أفريقيا والشرق الأوسط بفضل إنجازاته وأصبح مضربا للمثل كأنجح مؤسسة رياضية في المنطقة، صنع شهرة واسعة باستمرارية المشاركة العالمية، وتحقيق برونزية كأس العالم 4 مرات. وهو أمر لو تعلمون عظيم، فالأهلي يأتي من منطقة المستوى التنافسي أبعد ما يكون فيها عن نظيريه في أوروبا وحتى في أمريكا الجنوبية. ورغم هذه التحديات نجح الأهلي بشكل لافت في فرض اسمه في المحافل الدولية.
مؤخرا فاز الأهلي بدوري أبطال أفريقيا 4 مرات من أصل خمسة، وخسر نهائيا واحدا، لا يخفى على أحد أنه كان بفعل فاعل، وشارك في كأس العالم 5 مرات متتالية، من أصل 10 مشاركات في 19 عاما!.
استمرار الأهلي في الظهور العالمي، ووقوف لاعبيه 4 مرات على منصة الشرف، أصبح أمرا معتادا لدى جماهيره، بل تصاعدت طموحات هذه الجماهير لتحقيق ما هو أبعد من ميدالية برونزية أصبحت معتادة لا تروي ظمأ ولا تشبع جوعا. ورغم أن النظر إلى ما يحققه الأهلي بعين منصفة تضع في عين الاعتبار مستوى المنافسات المحلية والقارية التي يخوضها الأهلي، وتضع كذلك في تقييمها الظروف الاقتصادية التي تواجهها البلاد والتي لا شك تحد من قدرة النادي على مواجهة التحديات، سترى أن ما يحققه الأهلي هو إعجاز بكل المقاييس. فنحن هنا لا نتحدث عن ناد ظهر مرة وحقق إنجازا ثم اختفى، لكننا نتحدث عن ناد يتواجد بشكل شبه دائم ويعتاد تحقيق ميدالية فيما يقرب من نصف مشاركاته!.
وضع الأهلي نفسه بنفسه خارج منافسة أندية المنطقة، واختار بنفسه ألا تقاس إنجازاته ونجاحاته بنفس مقياس منافسيه، ورفع من سقف تطلعات جماهيره إلى حد أن تحقيق ميدالية برونزية في كأس العالم هو أمر (عادي) وأن دون ذلك هو الفشل.
فرصة مهدرة
باعتماد القياس بـ (الأهلي ميتر) يرى الكثير أن زعيم أفريقيا أهدر فرصة الصعود إلى نهائي الإنتركونتينينتال، وفشل في تحقيق الهدف المرجو من المشاركة في البطولة، وواجه لاعبوه وإدارته سيلا من الهجوم الجماهيري الشرس في ظل رغبة الجماهير في تحقيق إنجاز جديد أظهر الأهلي بالفعل قدرته على تحقيقه.
لكن، هل كان إهدار لاعب أو اثنين لفرص محققة أو ركلات ترجيح هو السبب في هذا الإخفاق؟. الحقيقة أن بوادر الإخفاق ظهرت الصيفين الماضيين، بعد أن فرغ الفريق من عدد من أبرز لاعبيه طوعا أو كرها، دون التعاقد مع بدلاء على نفس المستوى أو أفضل.
الأمر بدأ في الصيف قبل الماضي ببيع عقد نجم وسط الفريق ومنتخب مصر حمدي فتحي إلى نادي “الوكرة” القطري، دون تعويض الفريق بلاعب يحمل نفس المواصفات، صحيح أن الأهلي تعاقد في نفس الفترة مع إمام عاشور قادمًا من نادي “ميتلاند” الدنماركي، وهو لاعب جيد جدا ومثل إضافة حقيقية للفريق، لكنه لا يحمل نفس خصائص حمدي فتحي، الذي فضلا عن قدراته الدفاعية الكبيرة وشراسته، فهو كان حلا هجوميا رائعا في ظل لعب الفريق دون مهاجم صريح (رأس حربة)، فحمدي كان يستطيع اقتحام منطقة الجزاء كمهاجم ثان والتهديف بالرأس والقدم، وهي أمور لا يجيدها إمام عاشور الذي يتألق أكثر خارج منطقة الجزاء.
في نفس الصيف باع الأهلي عقد مهاجمه محمد شريف لنادي “الخليج” السعودي، وأيضا لم يستطع الأهلي تعويضه، حتى مع التعاقد في الوقت الضائع مع مهاجم صاحب اسم كبير كـ “أنتوني موديست” الذي كان على مشارف الاعتزال. لكن لم يقدم “موديست” إضافة حقيقية للفريق، ومع إصرار “مارسيل كولر” على إعطاءه الفرصة، خسر الفريق كذلك “محمود كهربا” الجناح الذي عاد من الإيقاف ليشغل دور المهاجم؛ ويؤدي نصف موسم في منتهى القوة ساهم بشكل فعال في فوز الأهلي بخماسية تاريخية، توج هو خلالها هدافا لدوري الأبطال.
وبقيت بعد رحيل “موديست” قبل انتهاء الموسم مشكلة النقص العددي الحاد في مركز الهجوم، فلا يوجد سوى وسام أبو علي و”كهربا” الذي يعاني نفسيا ولم يقدر “كولر” على إفاقته من جديد.
المزيد من الهدر
في الصيف الماضي، باع الأهلي عقد المدافع الأفضل في أفريقيا محمد عبد المنعم إلى “نيس” الفرنسي، وتعاقد مع مدافع منتخب المغرب “أشرف داري” تعويضا له، وهو في ظاهره تعويض مناسب، أخرجت نجما وأتيت بنجم. لكن فضلا عن عدم مشاركة “داري” مع الفريق حتى الآن بسبب الإصابة، إلا أن خصائص “داري” تختلف عن “عبد المنعم”. صحيح أن المغربي مدافع قوي يملك خبرات كبيرة وتميزا كبيرا في التمركز والانقضاض وألعاب الهواء، إلا أنه لا يشبه “عبد المنعم” المميز جدا في بناء اللعب، وكان الأهلي يعتمد عليه مع علي معلول في الخروج بالكرة من الحالة الدفاعية، وهي أمور افتقدها الأهلي بانتقال منعم إلى “نيس” وإصابة “معلول”.
تعاقد الأهلي كذلك مع المدافع القطري مصري الأصل يوسف أيمن، الذي يجيد بناء اللعب، لكنه أتى من مستوى تنافسي أقل كثيرا من المستوى الذي يخوض فيه الأهلي بطولاته، ولم يستطع مدافع منتخب قطر أن يحجز مقعدا في تشكيل الأهلي، وأصبح رحيله في يناير المقبل أقرب من بقائه.
كذلك أخرج الأهلي جناح الفريق أحمد عبد القادر إلى قطر على سبيل الإعارة دون تعويضه بأي جناح سواء محلي أو محترف، فقلص الأهلي عدد أجنحته المتاحة للعب، وقلص كذلك الحلول الهجومية المتاحة للفريق.
“أليو ديانج” المالي المحترف، خرج كذلك في إعارة إلى الدوري السعودي، وإذا كان لدى الكثير بعض التحفظات على أداء “ديانج” في مركز الوسط المساند لمحدودية قدراته في الثلث الهجومي، لكنه كان يقدم إمكانية رائعة ومتنفسا كبيرا كحامل للكرة يستطيع نقل الفريق إلى الوضعية الهجومية بفضل سرعته وقوته الجسدية، وهي خصائص افتقدها الأهلي برحيل “ديانج” وعدم تعويضه بلاعب يرضي المدير الفني الذي لا يبدو راضيا عن التعاقد مع عمر الساعي.
في نهائي دوري الأبطال أمام الترجي فقد الأهلي نجمه الأول علي معلول، الذي أصيب بقطع في وتر أكيليس، ثم أصيب بديله كريم فؤاد بقطع في الرباط الصليبي، واضطر الأهلي لتعديل استراتيجيته في الميركاتو الصيفي وبدء البحث عن لاعب يستطيع تعويض الثنائي المصاب.
ونجح النادي فعلا في التعاقد مع نجم المنتخب المغربي يحيى عطية الله وهو لا شك تعاقد مميز وقدم نفسه بصورة جيدة، لكن “عطية الله” يتميز أكثر دفاعيا، في حين كان “معلول” هو صانع الألعاب الأول في الفريق، وفقد الأهلي مع إصابته كثيرا جدا من قوته الهجومية.
الحقيقة وراء إمام عاشور
يرى الكثير من متابعي الفريق أن إمام عاشور يعاني من تراجع في مستواه وبعد أن بدأ بشكل ممتاز في الموسم الماضي، أنهى الموسم بشكل باهت واستمر أداؤه باهتا في الموسم الحالي. وحمل الكثير اللاعب مسئولية تراجع مستواه وهو أمر أرى أن به بعض الإجحاف.
بدأ “عاشور” مع الأهلي لاعبا في مركز الوسط المساند؛ في ظل “تركيبة” تتكون من مروان عطية (وسط مدافع) وأليو ديانج (ارتكاز مساند يمين) وإمام عاشور (ارتكاز مساند يسار).
مع إصابة “ديانج” وابتعاد عمرو السولية بسبب توالي الإصابات أصبح “كولر” مضطرا للدفع بأكرم توفيق في خط الوسط إلى جانب “عطية” و”عاشور”، وفي ظل اختلاف خصائص “توفيق” المميز دفاعيا والفقير هجوميا عن “ديانج”، اضطر “كولر” إلى تحريك “إمام” إلى مركز (10) أو صانع الألعاب؛ فأفقده أهم مميزاته وهي كشف الملعب وحمل الكرة أو إرسال الكرات الطويلة، وأصبح “عاشور” مضطرا للعب في مساحات أضيق وتسلم الكرة في وضعيات لا تناسبه.
لحل هذه المشكلة صمم “كولر” على التعاقد مع محمد علي بن رمضان، وبالفعل قطع الأهلي شوطا كبيرا في المفاوضات مع النادي المجري، قبل أن يتراجع فجأة وتتوقف الصفقة لأسباب غير معلنة. الأمر الذي ساهم بشكل مباشر في عدم ظهور “عاشور” بصورة جيدة في الموسم الجديد.
والحل؟
الحل أن يكون الأهلي بدأ فعليا في تدارك أخطاء مواسم الانتقالات السابقة، وأن يتعاقد في يناير مع لاعبين يستطيعون تقديم الإضافة العددية والنوعية للفريق، فضلا عن خطة للتعاقد مع لاعبين فترة بطولة كأس العالم للأندية القادمة، وهو ما بدأه الأهلي فعلا بإعلان التعاقد مع لاعبه السابق حمدي فتحي للمشاركة في البطولة.
وقدمنا في “الميزان” تصورا لكيف يدير الأهلي ملف التعاقدات يمكنك قراءته من هنا.
أخيرا، من الجحود أن نتهم إدارة وفريق حققوا في سنواتهم السبع الأخيرة 4 بطولات دوري أبطال أفريقيا، ووصلوا للنهائي في مناسبتين أخريين، وحققوا 3 ميداليات عالمية فضلا عن البطولات الأخرى القارية والمحلية بالفشل المطلق.
لكننا باعتماد (الأهلي ميتر) نشير إلى قصور كبير في إدارة ملف التعاقدات في الفترة الأخيرة، وكذلك نشير إلى عدم قدرة المدير الفني في الاستفادة من اللاعبين المتاحين، الذين خسر بعضهم بسبب تهميشه لهم. ونقول إن الهدف المعلن من قبل النادي بالوصول إلى نهائي كأس الإنتركونتينتال لم يتحقق، لذا من حق الجماهير أن تغضب.