الإخوان بين ثنائية مصطفى النحاس وإسماعيل صدقي “كيف وقفت الجماعة ضد الشعب ؟”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في أواخر عشرينيات القرن الماضي تأسست جماعة الإخوان، وبعد 14 سنة بدأت العلاقة بين الجماعة ورئيسي الوزراء مصطفى النحاس وإسماعيل صدقي باشا.
الإخوان والوفد وصدقي .. علاقات وخلافات وتفاهمات
رشح حسن البنا نفسه عن الإسماعيلية لعضوية مجلس النواب وقد استدعاه النحاس باشا البنا بمكتبه برئاسة مجلس الوزراء حيث أفهمه أن سياسة الحكومة تسمح بالدعوة الدينية للجماعة على ألا تعمل هذه الجماعة بالسياسة أو تقحم نفسها فيها، ولم يحتدم الخلاف بين الوفد والإخوان المسلمين إلا بعد أن تولى المرحوم إسماعيل صدقي كرسي الوزارة سنة 1946 حيث أراد أن يواجه الوفد بالإخوان المسلمين.
ينقل محمد فرغلي باشا عن فؤاد باشا سراج الدين حقيقة مخفية في التاريخ تفيد بأن علاقة الإخوان بالوفدي كانت طيبة وأنه خطب ذات يوم بالمركز العام بالحلمية وشجع الجمعية بوصفه وزيرا للشئون الاجتماعية، ثم قال فؤاد سراج الدين أنه يأسف لتدهور العلاقات بين الوفد والإخوان فيما بين عامي 1945 و 1950 حيث تغيرت الصورة تغيرًا كبيرًا إذ حاولت الحكومات أن تتخذ من الإخوان قاعدة شعبية لمحاربة الوفد، وقد مهد لهم حسنين باشا وغيره الذي كن يتصل بزعمائهم كما اتصل بهم إسماعيل صدقي باشا لاستغلالهم في المجال السياسي.
ويكمل فؤاد سراج الدين روايته بقوله “لما شعر المرشد العام بهذا الاهتمام دارت رأسه وظن أنه أصبح زعيما حيث يتودد إليه القصر وكذلك الحكومات والأحزاب وكان الوفد يساعده ولكن في حزم إذ أنه في عام 1944 تلقى وزير الداخلية تقريرًا بأن الإخوان يستقبلون المرشد العام بمظاهرات في الشوارع وهم في ملابس المليشيا، فاستدعي المرشد العام وخبره بأن تظل الجماعة جمعية دينية أو تتحول إلى حزب سياسي يمكن أن تعامله الحكومة كما تعامل باقي الأحزاب، ولكن المرشد العام قال إنه لا يستطيع أن يستعيض بالدعوة إلى الله أي دعوة أخرى وأعلن أنه سيوقف كافة هذه الإجراءات”.
الإخوان وموقفهم من المعاهدات مع بريطانيا .. بروز إسماعيل صدقي
بعد تأسيس الإخوان بسنوات أُبْرِمَت معاهدة 1936 والتي كان فيها نص يقضي بجواز النظر في أحكامها بعد انقضاء عشر سنوات من توقيعها، فجاء النقراشي عام 1945 وطالب الحكومة البريطانية فتح باب المفاوضات للنظر في تعديل المعاهدة وخاصة بعد انقضاء الحرب العالمية الثانية وما قدمته مصر من تضحيات وخدمات لصالح الحلفاء ولكن وزارة النقراشي باشا استقالت من الحكم إثر حوادث الطلبة سنة 1946 وخلفتها وزارة إسماعيل باشا صدقي الذي ما لبث أن عقد مفاوضات مع بريطانيا انتهت اتفاقية صدقي- بيفن.
ثارت الصحف الوفدية على سياسة صدقي باشا مما اضطره إلى مصادرتها أولا ثم إلغاء تراخيص إصدار بعض هذه الصحف وزج بمحرريها في السجون، وكانت الحكومة البريطانية قد طلبت إشراك الوفد في المفاوضات فلما لم يشترك ما طلت في توقيع المعاهدة الجديدة رسميا بعد أن وقعت بالحروف الأولى في لندن بوساطة إسماعيل صدقي باشا وإبراهيم عبد الهادي باشا وزير الخارجية بعد استقالة لطفي السيد باشا من هذه الوزارة لعد موافقته على النص النهائي للمعاهدة الجديدة.
في مذكراته عشت حياتي بين هؤلاء حكى محمد فرغلي عن تلاقي الإخوان وإسماعيل صدقي فعندما شعر الأخير بأنه لن يصل مع الإنجليز إلى اتفاق ما رأى الملك فاروق أن يتعهد شخصيا بتنفيذ أي معاهدة يتم الاتفاق عليها وعث برسالة خاصة إلى السفير المصري بلندن عبد الفتاح عمرو باشا.
اقرأ أيضًا
ماذا لو التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي مع حسن البنا مرشد الإخوان ؟ “حوار تخيلي”
عندما توصل إسماعيل صدقي باشا مع مستر بيفن إلى التفاهم على الخطوط العريضة لمشروعها توهم الإخوان المسلمين قاعدة شعبية ذات وزن فاستدعى المرشد العام بعد وصوله من لندن بساعتين وأطلعه على مشروع الاتفاقية قبل أن يطلع عليه النقراشي وهيكل المشاركين له في الحكم وحصل على موافقته على المشروع وهنا أحس المرشد العام بأنه أصبح زعيما فوق الأحزاب لدرجة أن عرض عليه مقابلة النحاس باشا فطلب أن يذهب النحاس باشا إليه، ولما اشتدت المظاهرات الشعبية ضد هذه المعاهدة طلب صدقي باشا من المرشد العام أن يركب سيارة سليم زكي باشا مساعد الحكمدار المكشوفة ليعمل على تهدئة الجماهير، واستجاب المرشد العام لطلب صدقي باشا.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال