الإذاعة في مصر .. كيف وصلنا إلى هذا القاع؟
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
انا أحد عشاق الإذاعة المصرية ومنذ انطلاق ماسبيرو زمان وأنا أحد أكثر متابعيها لكن حظي السيء اليوم وضعني في مقارنة مخيفة سالت دموعي على أثرها حتى صرخت في نفسي : “كفاية افورة يا أسامة”.
حوار بين العندليب الأسمر ومفيد فوزي على ماسبيرو زمان، هذه المرة يستضيف حليم مفيد هو المذيع الذي يسأل ضيفه، حليم الذي تحدث بكل ثقافة ليسأل مفيد عن برامجه التي يعدها ويتسائل كيف تدع مذيعك يخرج في برنامج داخل الاستوديو وسيناريو البرنامج ليس Scripted
والله نطقها حليم كما كتبتها وكنت أظن هذا اللفظ مستحدث، ثم سأله هل نجحت الفوازي التي كتبتها يا مفيد، فأجاب مفيد فوزي محاولا “التزويغ : لو سألتك عن نجاح أغنية الوي الوي ستقول لي نترك الحكم للجمهور، فقاطعه حليم متسائلا : إيه العلاقة بين سؤالي وردك، ولو سألتني عن أغنية الوي الوي حقول نجحت، جاوب يا مفيد
لقاء شديد الامتاع بين صديقين فنان عبقري كبير للغاية وصحفي كبير للغاية مليئا بالصراع ومحاولة كشف الحقيقة والحصول على تصريحات حقيقة جديدة.
يقول نجيب محفوظ : رحل الشاعر، آخذ الراديو مكانه
أسترد سكينتي خلال قيادة السيارة على صوت الراديو، لا أستطيع النوم إلا على صوت مسلسلات وبرامج الإذاعة المصرية القديمة التي أستمع إليها عبر اليوتيوب حتى أغرق في النوم، تهبنا الإذاعة طمأنينة ما تعيدنا إلى عصر مضى كنا نشعر فيه بالأمان.
انتهى لقاء مفيد وحليم الجميل، فداعبت بيدي بكرة الراديو لانتقل إلى اذاعة أون تايم سبورت بحثا عن أخبار كأس الأمم، ليفاجئني صوت مزعج للغاية لمذيعة تنتقل سريعا بين فقراتها عن السوشيال ميديا قبل أن تعلن عن مداخلة تليفونية للكابتن أحمد شوبير.
أصابتني الدهشة بعد دقائق قليلة حين عرفت أن البرنامج اسمه “سلمى وشوبير”، وتقدمه ابنة لاعب الكرة الشهير مع والده فعجزت بعض الوقت عن استيعاب كيف تستضيف سلمي شوبير زميلها في الاستوديو في مداخلة تليفونية.
العجيب في الأمر أن الكابتن أحمد شوبير يتحدث طوال المداخلة كأب لا كضيف، يخبرها عن اصطحابه لها لبطولة أفريقيا ٢٠٠٦ وكيف كانت تبكي لو تأخرت التذاكر ثم يخبرها عن كيف جلب لها تذاكر بطولة أفريقيا ٢٠١٩، ثم يخاطبها مرة بأبلة سلمى ومرة أخرى بكابتن سلمى، وتحاول هي سؤاله فتسأله عن اختياراته لقرعة كأس العالم فيخبرها أنه طلب من الله إما السنغال أو تونس فتخبره أنها تشعر بالمفاجأة لانها نفس اختيارتها وكأن الجمهور لا يعرف أنهما يلتقيان في البيت.
قبل أن يخصص الكابتن أحمد شوبير فقرة كاملة للحديث عن ولده الحارس – المجتهد جدا – مصطفى شوبير وتحاوره في تلك الفقرة ابنته سلمى شوبير.
أغلقت الراديو غير قادرا على الاستمرار، في الحقيقة أحب الحارس الشاب وأتوقع له مستقبلا كبيرا لكن ما يحدث لا يمت للإذاعة بصلة، لم تعد الإذاعة المصرية نفسها ولم تعد حتى تلك التي انتقدناها منذ ١٥ عاما وأنها تحولت إلى مكلمة مصاطب بمذيعين عديمي الثقافة، لقد صارت مجرد مكالمة تليفون لا يصح لطرف ثالث أن يسمعه.
كيف وصلنا إلى هذا القاع؟
وكيف ننجو؟
الكاتب
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال