همتك نعدل الكفة
180   مشاهدة  

الإيد الشقيانة كسبانة.. ” أم عواد” حكاية ربع قرن في بيع الفطائر

أم عواد
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



في أحد الأماكن الشعبية بمنطقة شبرا الخيمة التابعة للقاهرة الكبرى، تنادي “أم عواد” بصوت منغم على فطائرها لتلفت انتباه المارة لشرائها، وبين كل نغمة ونغمة تطلق أنفاسها الحارة بين كفيها لتتلمس الإحساس بالدفء .

“أم عواد” البالغة من العمر 62 عامًا تقصد كل يوم قبل بزوغ الشمس جارتها التي تُشاركها في مشروعها الصغير لتأمين احتياجات العمل اليومية من فطائر وعسل أبيض وعسل أسود وجبنة قديمة ثم الإتيان بها من الشرقية إلى القاهرة.

تجلس المرأة الستينية أعلى كوبري المشاة الذي لا يخلوا من الناس لتباشر عملها بتوزيع العسل والجبن على جانبي مكان جلوسها و تنتصف الفطائر أعلى “طشت” وإلى جوارها مجموعة أخرى من الباعة الجائلين .

تعمل “أم عواد” في بيع الفطائر منذ أكثر 25 عامًا، بعد أن ضاقت بها السُبل في قريتها الريفية وضاق الرزق فشاركت جارتها في تنفيذ هذه الفكرة فجارتها تصنع الفطائر وهي تقوم ببيعها لرفع جزءٍ من المعاناة التي تعيشها أسرهم .

لا يُمَلّ من أحاديث” أم عواد” عند مجالستها في مكانها الصغير أعلى كوبري المشاه ورائحة تلك الفطائر الشهية التي قد حملتها قرابة الـ 3 ساعات حتى تصل إلى موقعها هذا وسط نسمات الشتاء الباردة.

تترقب زبائنها بلهفة تشعر معها بأنها في خضم عراك مع شيء مجهول وقاهر في آن واحد وفجاءة تتضحك حينما ينصرف الزبون دون أن يشتري وتقول بنفس تلك الضحكة ” أنا مش بزعل من معاملتهم ” ثم تربت على كتفك وتقول ” الإيد الشقيانة كسبانة ..صحيح تعبك الحلال يوجع ضهرك بس ميكسرش عينك”.

أم عود تعمل وسط ظروف صعبة فالزبائن لا تشتري كما السابق، والفطائر قد ارتفت أسعارها وهي تجلس لساعات طوال حتى تستطيع بيع بضاعتها، وهنا تشتكي من البرد الذي نخر عظامها ولكن هي رسالة لن تكف عن هذا حتى تنهيها على أتم وجه.

عانت “أم عواد” كثيرًا بعد وفاة زوجها في سبيل إنجاح حياة أبنائها فقد أصرت على تعليمهم إلى أن يحصلوا على أرفع الشهادات ولم يخزلها أبناءها الخمسة إناثًا وذكورًا فهذا معلم وهذه محفظة قرآن وهذا مهندس.

إقرأ أيضا
مقام الكُرد

تسرد “أم عواد ” بشغف قصة أبنائها فلم ترى يومًا أن تعليمهم فقط هو رسالتها بل جزء من رسالة يجب أن تقضيها وأن رسالتها مع أبنائها ” تعليم جيد وطعام جيد وزواجة جيدة” وقد كان، فقد زوجت 4 من الأبناء وظل واحدًا يقضي خدمته العسكرية بعد أن فرغ من تعليمة ليتبقى لها جزء من تلك الرسالة وهي زواجه في شقة ملكه.

رفضت” أم عواد” العيش مع ولدها الأكبر أو مع إحدى بناتها فهي امرأة شامخة ترى أن ظروف الحياة صعبة على الجميع وهي لا تود أن تحمل أولادها ما قد يرهقهم ولا تستطيع أن تأخذ ما ليس لها ولا من حقها  فتعيش بفلسفة حياتية وهي” أنه لا معنى للحياة دون أن تعيش عزيزًا وراضيًا “.

الكاتب

  • أم عواد مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان