همتك نعدل الكفة
215   مشاهدة  

الانشطار النووي وميكانيكا الكم.. مفاتيح مشاهدة فيلم “أوبنهايمر”

أوبنهايمر
  • صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال



قبل أسابيع من عرضه أثار فيلم أوبنهايمر للمخرج الشهير كريستوفر نولان ضجة كبيرة، ليس فقط لأن الجمهور اعتاد من نولان الخوض في موضوعات غير مألوفة وثورية سواء علمية أو تاريخية، بل لأن قصة الفيلم تدور حول أهم حدث في تاريخ القرن العشرين إن لم يكن أهم حدث في تاريخ البشرية. يناقش الفيلم السيرة الذاتية لأبو القنبلة الذرية “روبرت جي أوبنهايمر”، متطرقًا إلى قصة صناعة أفتك سلاح اكتشفه البشر، والصراع الطويل بين رغبة الاكتشاف ورغبة التدمير وبين العلم والأخلاق. 

الفيلم حقق نجاحًا ساحقًا على غرار جميع أفلام نولان، حيث حقق نسبة 93% من النقاد على موقع “Rotten Tomatoes“، وحقق إيرادات 600 مليون دولار على مستوى العالم منذ بداية عرضه. وعلى الرغم من إجماع المشاهدين على أن الفيلم تحفة فنية أخرى من إبداع نولان، إلا أن البعض لم يخرج بتجربة مذهلة كما توقع. فقد تحدث مشاهدون في دور السينما عن خيبة ظنهم في الفيلم على ناحيتين، البعض رأى أن التفاصيل العلمية قد أبخست حقها، في حين تحدث آخرون عن صعوبة فهم التفاصيل البسيطة التي قدمها الفيلم على عجل دون شرح.

أسطورة بروميثيوس 

جي. روبرت أوبنهايمر
جي. روبرت أوبنهايمر يشرح الانفجار النووي

بما أن فيلم أوبنهايمر تسمى نسبة إلى لقب الفيزيائي الذي أشرف على فريق مكون من 4000 عالم لصنع أول قنبلة ذرية في تاريخ البشرية، فهو يؤرخ لقصة حياة الرجل الذي شبهه بـ”بروميثيوس” وليس في حاجة للتطرق إلى تفاصيل علمية أكثر على خلاف فيلم مثل Interstellar. أمَّا من ناحية إغفال شرح التفاصيل التي ذكرها فهو أمر مستحيل مع قصة تم تلخيصها في فيلم 3 ساعات، خاصةً وأنها يمكن أن تصنف كمعلومات عامة. لكن لأن التجربة تستحق أن تكون كاملة؛ نقدم في الفقرات التالية تفاصيل لا يجب أن تشاهد أوبنهايمر دون أن تعرفها “دون حرق” للأحداث.

“اليوم أصبحت الموت” هكذا كان تعليق أوبنهايمر في الـ16 من يوليو/ تموز 1945 حين شاهد بعينه أول انفجار نووي في التاريخ، خلال تجربة ترينيتي في صحراء نيو ميكسيكو، وهي جملة جاءت على لسان بروميثيوس الإله الإغريقي صاحب القدرة على التنبؤ ورؤية المستقبل، والذي أوكل إليه زيوس- كبير الألهة- مهمة تشكيل البشر، فقرر سرقة نار من جبل الأولمبوس ليعطيها لهم ويجعلهم أكثر تفوقًا؛ الأمر الذي أغضب زيوس ودفعه لمعاقبته في الأبدية. كان أوبنهايمر هو بروميثيوس العصر الحديث الذي أعطى البشر المعرفة (النار) التي يمكن أن تجعل حضارتهم تتقدم، تمامًا كما يمكن أن تهدمها في لحظة وتجعله يصبح تجسيدًا بشريًا للموت. 

ميكانيكا الكم.. “نظرية يستخدمها الجميع ولا يفهمها أحد”

ميكانيكا الكم التي ساهم أينشتاين في اكتشافها ثم سرعان ما رفض تصديقها حين علق بجملته المشهورة “إن الله لا يلعب بالنرد”، هي فرع من العلوم ظهر بداية القرن العشرين يختص بدراسة المستوى الذري للعالم. وكان مرفوضًا بشدة في بدايته؛ لأنه غير مفهوم وغير منطقي بالنسبة لقوانين الفيزياء المعروفة. وهو ما جعل دولًا عديدة تهمله وترفض تدريسه، حتى أن أوبنهايمر كان أول من افتتح قسما لتدريسه في الولايات المتحدة، وكان سابقًا قد اضطر إلى دراسته في بريطانيا وألمانيا. 

بدأت ميكانيكا الكم بناء على إحدى نتائج نظرية أينشتاين والتي تقول بإمكانية تحويل المادة إلى طاقة والعكس، وتحويل الكتلة إلى طاقة هائلة حاصل ضربها في مربع سرعة الضوء. وعلى خلاف الميكانيكا الكلاسيكية لا يوجد احتمال واحد للإجابة على سؤال بسيط مثل “أين يوجد هذا الجسيم؟”، بل مجموعة من الاحتمالات كلها صحيحة. مثال بسيط هو الضوء الذي أثبتت ميكانيكا الكم أنه موجة في أوقات وجسيم في أوقات أخرى، محطمة أعوام من التجارب التي أكدت أن الضوء موجة. علم ثوري رفضه أينشتاين المؤمن بضرورة وجود قانون محدد وإجابة وحيدة، في حين وصفه الفيزيائي الشهير “ريتشارد فاينمان” بأنه النظرية التي يستخدمها الجميع ولا يفهمها أحد على الإطلاق.

في هذا الوقت كان المستوى الذري للعالم غير مفهوم وبعيد عن أعين الاستكشاف، وكان من غير المعقول أن نكتشفه لنجد أنه لا يخضع لقوانين العالم التي أسست كل العلوم. في وقت مبكر استحال على العقل البشري استيعاب أن الذرات يمكنها أن تختفي وتظهر في مكان آخر دون أن تمشي ودون أن تخضع لقانون معين، فيما يعرف بالانتقال الكمي. 

الانشطار النووي

في عام 1938م نجح العالم الألماني أوتو هان مع فريتز ستراسمان في شطر ذرة يورانيوم دون أن يدرك ما فعله. في التجربة الأصلية كان العالمان يحاولان قذف ذرة اليورانيوم بعدة جسيمات؛ لدراسة النظائر- عدة أشكال لنفس العنصر- التي ستنتج. لكن إحدى النتائج التي خرجوا بها كانت غريبة ولا يمكن تصديقها، لدرجة جعلته يلجأ إلى زميلة دراسته القديمة ليز مايتنر، ويخبرها في خطاب عن التجربة التي أنتجت نظير للراديوم بخواص الباريوم على أمل أن يجد عندها تفسير. 

إقرأ أيضا
الصحفيون الفلسطينيون

بالفعل ردت مايتنر بالتفسير الذي أصبح بداية عصر القنبلة النووية، حيث توصلت إلى أن التجربة قد نجحت في شطر الذرة التي كانت معروفة باستحالة شطرها. التجربة لأول مرة أثبتت أن الذرة غير المستقرة يمكن قذفها بجسيم يقسمها إلى ذرتين، ويتحول جزء منها إلى طاقة، ويستمر الانشطار في تفاعل متسلسل لا يتوقف إلا بتدخل خارجي. وكانت تلك هي التجربة التي جعلت البشر يتوصلون إلى ما يعرف بـ”الطاقة النووية” المستخدمة اليوم في المفاعلات والقنابل على حد سواء. 

الكاتب

  • أوبنهايمر إسراء أبوبكر

    صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان