رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
785   مشاهدة  

البارودي ومأساة شاعر السيف والقلم.. عاش منفيا ومات كفيفا

البارودي
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



بأبياتٍ ثلاثة نسج محمود سامي البارودي، قصيدة شعرية وهو في طريقه للمنفى الذي ظل فيه سبعة عشر عاماً يعاني الوحدة والمرض والغربة عن وطنه:

ولما وقفنا للوداع وأسبلت * أهبت بصبري أن يعود فعزّني
وما هي إلا خطرة ثم أقلعت * مدامعنا فوق الترائب كالمزنٍ
وناديت حلمي أن يثوب فلم يغن * بنا عن شطوط الحي أجنحة السفن

مأساة البارودي كانت صعبة فبعد أن بلغ الستين من عمره اشتدت عليه وطأة المرض وضعف بصره وبناء على توصية الاطباء تقررت عودته إلى وطنه مصر للعلاج ، فعاد إلى مصر يوم 1900 م ومات بعدها بـ 4 سنوات.

نهاية البارودي كانت حزينة فقد كان يشتاق لمصر وقبل أن يعود لها بعام ، أصيب بارتشاح في القرنيتين ولما علم الجميع بأمره أصدر عباس حلمي الثاني عفواً عنه ومنحه حقوقه المدنية ، لكن كان قد أصابه العمى وعاد لمصر كفيفاً ولم يلبث بعد عودته من المنفى سوى 4 سنوات ورحل سنة 1904 م.

محمود سامى البارودي
محمود سامى البارودي

كان محمود سامي البارودي المولود في 3 أكتوبر من عام 1839 م نجلاً لحسن بك حسني عبدالله الجركسي أحد قادة المدفعية ومدير دنقلة في عصر محمد علي باشا.

سُمي بـ البارودي كون أنه ينتسب من جهة جده مراد البارودي المولود في إيتاي البارود، تلقى مبادئ العلم في منزله ثم التحق بالمدرسة الحربية سنة 1850 م وتخرج منها في عصر سعيد باشا سنة 1854 م ، ومع تخرجه إتجه على الشعر العربي وحفظ دواوين كبار الشعراء.

عقب سفره إلى الآستانة التركية ونيله وظيفة في بلاط السلطان العثماني تمكن من إتقان اللغتين التركية والعثمانية ، حتى عاد سنة 1863 م مع الخديوي إسماعيل إلى مصر وتدرج وظيفياً بحكم رعاية الخديوي له حيث تمت ترقيته عام 1863 إلى رتبة البكباشي (مقدم)، وأرسله الخديوي إسماعيل في بعثة علمية عسكرية لحضور المناورات العسكرية السنوية في فرنسا، ثم
عرج منها إلى انجلترا للاطلاع على التقدم الحربي في مجال التسليح العسكري وخططه.

رقي إلى رتبة قائمقام (عقيد) بالآلاي الثالث من السواري عام 1864، ثم رقي إلى رتبة أميرالاي (عميد) وعهد إليه قيادة الآلاي الرابع من عسكر الحرس الخديوي.

اشترك محمود سامي البارودي مع الجيش المصري في حرب كريت 1866 بناء على طلب السلطان العثماني من الخديوي إسماعيل وأنعم عليه السلطان العثماني بالوسام العثماني من الدرجة الرابعة، وأرسله الخديوي إسماعيل مبعوثاً له إلى الآستانة عام 1874، ابن حروب السلطان العثماني ضد الصرب والحرب البلغارية، فقام بدور بارز هناك أظهر فيه حنكه سياسية.

البارودي اشترك أيضا في الحرب بين تركيا وروسيا عام 1877 بجانب الدولة العثمانية، ونظراً لشجاعته، أنعم عليه برتبة اللواء وبالوسام المجيدي من الدرجة الثالثة ونيشان الشرف.

محمود سامي البارودى
محمود سامي البارودى

بعد الحرب تدرج في الوظائف المدنية حيث عين مديراً للشرقية عام 1879، ثم محافظاً للقاهرة عام 1880، وتولى مهام منصب ناظر المعارف والأوقاف في وزارة شريف باشا الثانية، ثم ناظراً للأوقاف في عهد نظارة محمد توفيق الثانية ، ثم وزيراً لنفس الوزارة في وزارة رياض الأولى.

مظاهرة عابدين بقيادة أحمد عرابي
مظاهرة عابدين بقيادة أحمد عرابي

عقب قيام الثورة العرابية في مصر 9 سبتمبر 1881 عين ناظراً للجهادية والبحرية في نظارة محمد شريف الثالثة خلفاً لعثمان رفقي الجركسي.

ومع استمرار وتيرة الأحداث السياسية التي شهدتها مصر ، ووفق كتاب تاريخ الثورة العرابية للمؤرخ عبدالرحمن الرافعي فقد تم كشف مؤامرة قام بها بعض الضباط الجراكسة لاغتيال البارودي وعرابي، وتم تشكيل محكمة عسكرية لمحاكمة المتهمين، فقضت بتجريدهم من رتبهم ونفيهم إلى أقاصي السودان، ولمّا رفع “البارودي” الحكم إلى الخديوي توفيق للتصديق عليه، رفض بتحريض من قنصلي إنجلترا وفرنسا، فغضب البارودي، وعرض الأمر على مجلس النظار، فقرر أنه ليس من حق الخديوي أن يرفض قرار المحكمة العسكرية العليا وفقًا للدستور، ثم عرضت الوزارة الأمر على مجلس النواب، فاجتمع أعضاؤه في منزل البارودي، وأعلنوا تضامنهم مع الوزارة، وضرورة خلع الخديوي ومحاكمته إذا استمر على دسائسه.

انتهزت إنجلترا وفرنسا هذا الخلاف، وحشدتا أسطوليهما في الإسكندرية، منذرتين بحماية الأجانب، وقدم قنصلاهما مذكرة في 25 من مايو 1882م بضرورة استقالة الوزارة، ونفي عرابي، وتحديد إقامة بعض زملائه، وقد قابلت وزارة البارودي هذه المطالب بالرفض في الوقت الذي قبلها الخديوي توفيق، ولم يكن أمام البارودي سوى الاستقالة، ثم تطورت الأحداث، وانتهت بدخول الإنجليز مصر، والقبض على زعماء الثورة العرابية وكبار القادة المشتركين بها، وحُكِم على البارودي وستة من زملائه بالإعدام، ثم خُفف، في 3 ديسمبر 1882، إلى النفي المؤبد إلى جزيرة سرنديب، سري لانكا حالياً.

إقرأ أيضا
مجلة فارس للأطفال
البارودي
البارودي

رجوعاً لمذكرات عرابي باشا فقد أقام البارودي في الجزيرة سبعة عشر عامًا وبعض عام، وأقام مع زملائه في كولومبو سبعة أعوام، ثم فارقهم إلى “كندي” بعد أن دبت الخلافات بينهم، وألقى كل واحد منهم فشل الثورة على أخيه، وفي المنفى شغل البارودي نفسه بتعلم الإنجليزية حتى أتقنها.

مضت به أيامه في المنفى ثقيلة واجتمعت عليه علل الأمراض، وفقدان الأهل والأحباب، فساءت صحته، واشتدت وطأة المرض عليه، ثم سُمح له بالعودة بعد أن تنادت الأصوات وتعالت بضرورة رجوعه إلى مصر، فعاد إلى مصر في 12 سبتمبر 1899 وكانت فرحته غامرة بعودته إلى الوطن وظل في مصر بعيداً عن الأضواء حتى مات سنة 1904 م.

إقرأ أيضاً

خالتي بمبة وحكايات مظاليم الفن.. حسن البارودي أصيب بالشلل و”الست”طالبت الدولة بعلاجه

الكاتب

  • البارودي وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان