بطولات الـ 100 يوم المنسية قبل معركة الإسماعيلية (3-5) موقعة القِسْم الأولى
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
اندلعت معركة الإسماعيلية الشهيرة في 25 يناير 1952 م وتصدت الشرطة المصرية لقوات الاحتلال البريطاني ببسالة كبيرة خلدها التاريخ وصار لها عيدًا.
اقرأ أيضًا
بطولات الـ 100 يوم المنسية قبل معركة الإسماعيلية (1-5) أول الشهداء
لكن المجهول أن معركة الإسماعيلية تلك كانت الثانية وليست الأولى، فأول هجوم بنفس الطريقة كان في 18 نوفمبر 1951 م.
اقرأ أيضًا
بطولات الـ 100 يوم المنسية قبل معركة الإسماعيلية (2-5) عمليات الشرطة والفدائيين
وبسببه تراجع الانجليز خطوة للوراء من أجل خطة على المدى البعيد جهزوها للإجهاز على القسم في 25 يناير 1952 م، بعد 100 يوم من البطولات التي قامت بها الشرطة مع الفدائيين في القنال.
مراحل الـ 100 يوم المنسية قبل معركة الإسماعيلية
تمثل مدينة الإسماعيلية أهمية عظمى لبريطانيا لأنها في منتصف قاعدتها بمدن القنال، وفي نفس الوقت فهي المدينة الحاضنة للفدائيين الذين نجحوا بعملياتهم في إرهاق البريطانيين، ففكرت بريطانيا في وضع حدٍ لها.
(مرحلة 18 نوفمبر 1951 ) | معركة الإسماعيلية الأولى
قبل 24 ساعة من معركة الإسماعيلية الأولى، وفي مساء 17 نوفمبر 1951 م حاولت دورية بريطانية عسكرية في حي الإفرنج بالإسماعيلية خطف أحد حرس قشلاق بلوكات النظام وراء جمعية الإسعاف، فقوبل الإنجليز بوابل من الرصاص.
أسفرت مواجهات 17 نوفمبر عن مقتل 3 عساكر بريطانيين وإصابة اثنين من أفراد الأمن وهما الأومباشي إسماعيل مصطفى والعسكري محمد حافظ عبده.
في صباح اليوم التالي وصل البريجادير اكسهام القائد الإنجليزي إلى مقر محافظة الإسماعيلية وطلب من المسئولين المصريين سحب جميع أفراد الشرطة من الإسماعيلية وأن يحل محلها الجيش البريطاني، وأمهلهم نصف ساعة ليتواصلوا مع الحكومة المصرية، مشيرًا إلى أنه بموافقتهم أو بدونها فسيحتل الإسماعيلية.
في الساعة الثالثة والنصف عصر 18 نوفمبر بدأ الهجوم الإنجليزي عندما وقف سيارة مصفحة أمام مبنى المحطة واشتبكت مع سيارة لوري من سيارات الشرطة، ثم انتشر أفراد القوات البريطانية على مبنى محافظة الإسماعيلية وقشلاق الشرطة فحوصر المبنيان بـ 100 دبابة.
اندلعت أعمال القتال حتى فجر 19 نوفمبر 1951 م ومع بسالة الشرطة تم اللجوء إلى حل وسط وهو أن لا يتم إخلاء الإسماعيلية من الشرطة وإنما تراجعهم إلى ثكناتهم للحيلولة دون احتلال المدينة بشكلٍ كامل.
وأسفرت المواجهات عن استشهاد 5 من رجال الشرطة و 5 من أهالي الإسماعيلية وإصابة 23 آخرين، فيما قُتِل 3 ضباط إنجليز و 4 جنود، ثم ازداد العدد ليصل إلى 35 إنجليزي، فيما قتُل إنجليزي في السويس.
وللتاريخ فإن شهداء معركة الإسماعيلية الأولى من الشرطة هم الأومباشي عبدالحكيم جاد الله محمد محرم، العسكري عبدالحميد سلمى، العسكري علي سيد أحمد أحمد الفرجاني، العسكري محمود محمد فودة، أما المصابين فهم سيدي أحمد عبده الديري، سعد محمود عطية، متولي أحمد سلام، عبدالرحمن حسن، عبدالستار عبدالفتاح، أنور أحمد صالح علي، أحمد علي القاضي، نصر عطية سلطان، محمد عطية بيلي، طلعت محمد ناجي، صابر هلال أحمد، خليفة مرسي دكروري، محمد محمد شرف، يوسف إبراهيم شيلي، حسن محمد خضر، يونس السيد محمد.
أما شهداء معركة الإسماعيلية الأولى من الأهالي فهم عبده مجادي خفير عمارات أبو ذكري، السائق محمد محمد الهادي الشامي، الجنايني خليل الشيخ، الطالب محمد عبدربه، بينما المصابين فهم العامل محمد علي أبو شوشة، التلميذ إبراهيم رجب، الحداد محمود محمد موسى، التاجر محمد عسران محمد، الموظف في وزارة الأشغال توفيق إبراهيم، العامل أبو النجا مطاوع جاد الرب، الميكانيكي عاطف محمد علي، التلميذ محمد عادل أبو السعود، الميكانيكي عرفة الشيخ، سيدة عبدالكريم محمد.
(مرحلة 21 نوفمبر - 7 ديسمبر 1951 ) | الثأر لمعركة الإسماعيلية الأولى
لم تقف الحركة الفدائية مكتوفة الأيدي أمام ما جرى في الإسماعيلية، فبدأت أولى عمليات الثأر بقتل جندي إنجليزي في السويس في 20 نوفمبر سنة 1951 م.
وفي الإسماعيلية انتشلت قوات الاحتلال البريطاني 5 جثث لعساكر إنجليزي من بحيرتي الإسماعيلية والتمساح قتلهم أعضاء الحركة الفدائية، ثم صادر رجال كتائب التحرير تموينًا إنجليزيًا وإعطاءه لمرضى المستشفى الأميري، وبعدها تمكنوا من قطع خطوط التلفونات في المعسكرات وخطوط الكهرباء في منطقة العرايشية.
وفي 21 نوفمبر 1951 نفذ رجال كتائب التحرير هجومًا على معسكر إنجليزي في ترعة الإسماعيلية أسفر عن مقتل 4 من حراسه والاستيلاء على سيارة نقل بعد قتل سائقها.
وفي 22 نوفمبر سنة 1951 م اندلعت معركة عند المعسكرات الموجودة في طريق بورسعيد الإسماعيلية أسفرت عن قتل اثنين جنبًا إلى جنب مع ظهور جثث للإنجليز في الإسماعيلية.
جراء عمليات الفدائيين عادت السيطرة مرة أخرى للشرطة المصرية في الإسماعيلية، ثم تم تنفيذ هجوم عنيف على معسكر جنيفة إيطالية في السويس.
وفي 25 نوفمبر 1951 أعلنت وزارة الداخلية عن أسماء 5 من الضباط الذين أعلنوا التطوع للعمل في القنال وهم اليوزباشي صلاح ذو الفقار – الممثل لاحقًا -، اليوزباشي صلاح شريف، اليوزباشي مصطفى رفعت – قائد معركة القسم الثانية -، اليوزباشي لطفي زين، الملازم أول سعد وهبة.
بالتزامن مع تطوع الضباط الخمسة اندلعت معركة في بلدة نفيشة كانت هي الأولى من حيث تكتيك حروب العصابات، وقد جرت فيها محاولة نسف مقر قيادة القوات البريطانية، كما تم نسف محطة مياه معسكر نفيشة، فضلاً عن قطع خطوط التلفون بين الذي يصل بين المعسكر البريطاني في الإسماعيلية ومقر القيادة البريطانية بفايد وحرق معسكر كسفريت وهي العملية التي نفتها بريطانيا وأكدتها وزارة الحربية المصرية حينها.
وامتدت العمليات لتشمل إلقاء قنابل على أحد المعسكرات في بورسعيد أسفرت عن إصابة 4 مع مهاجمة معسكر بالإسماعيلية جعل قوات الاحتلال البريطاني يطلبون حماية البوليس المصري.
ومن مظاهر الوحدة الوطنية في تلك الفترة أن قوات الاحتلال البريطاني قتلت قبطيًا يدعى منير عبدالله ميخائيل ومسلم هو عبدالله محمد عبدالله وكانا صديقين جاءا من الصعيد، وفي جنازتهما يوم 26 نوفمبر 1951 تقدم قسيس وشيخ ورفع الهلال مع الصليب، وفي الوقت الذي كان عملاء الانجليز يحاولون تقسيم المصريين في تلك الجنازة هتف المشيعيين بـ لا إله إلا الله محمد رسول الله، وبعدها بوقت قصير هتف آخر لا إله إلا الله عيسى رسول الله وردد المشيعيين ذلك الهتاف.
مع حلول يوم 27 نوفمبر سنة 1951 هاجمت قوات الاحتلال البريطاني عزبة أبو جريشة في الإسماعيلية، وبعدها بساعات قام فدائي بمهاجمة دورية إنجليزية أمام فرع بنك باركليز بالإسماعيلية.
ومع استمرار عمليات الإنجليز بحق أهالي الإسماعيلية، قام الفدائيون بمهاجمة قطار بريطاني مسلح وإشعار النار في 3 معسكرات أدت لمقتل 3 من جنود بريطانيا.
تطورت عمليات المقاومة في 29 نوفمبر 1951 عندما انفجر لغم داخل المعسكر البريطاني في الإسماعيلية ثم إلفاء 3 قنابل على قافلة عسكرية إنجليزية أسفرت عن سقوط 14 إنجليزي بين قتيل وجريح، إلى جانب نشوب معركة أخرى في بورسعيد.
ومع الأول من ديسمبر سنة 1951 حدثت معركة بين الأهالي في الإسماعيلية وقوات الاحتلال البريطاني بالقرب من مدرسة البنات الثانوية.
وفي اليوم التالي من ذلك الاشتباك هاجم الفدائيون نادي القوات الانجليزية ومقر القيادة في الإسماعيلية، أسفر عن مقتل 3 جنود جنبًا إلى جنب مع هجوم على معسكر القرشي البريطاني.
ومع حلول ظهر يوم 3 ديسمبر اندلعت مواجهات بين البوليس المصري وقوات الاحتلال البريطاني في السويس منطقة كفر محمد سلامة، أسفرت عد استشهاد 20 من جنود الشرطة والأهالي وإصابة 73، وقتل 20 من الإنجليز وإصابة 40 آخرين.
استمرت معركة السويس لليوم التالي وصدرت تعليمات بأن مدينة السويس باتت منطقة مفتوحة لأسوأ عمليات العنف البريطاني.
ليس أدل من ذلك سوى حدوث مذبحة في 4 ديسمبر 1951 أثناء جنازة أحد شهداء السويس حيث قتلت قوات الاحتلال 15 من المشيعين، لتقوم الحركة الفدائية برد الهجوم وقتل 38 بريطانيًا في أقل من ساعتين.
ولم تصمت الحركة على ذلك الهجوم الغادر فتم حرق معسكر بريطاني في السويس وأسر 3 جنود، مع تنفيذ 3 انفجارات في الإسماعيلية.
عقب حدوث مذبحة الجنازة بيوم واحد نسف الفدائيون معسكر مخازن الذخيرة في التل الكبير وقتلوا ضابط واثنين من الجنود، لكن كان لافتًا وصول أعمال الفدائيين في أماكن خارج مدن القناة، حيث انفجر دار المعهد البريطانية التابع لوزارة الخارجية الإنجليزية في الإسكندرية، ثم اندلع حريق في مركز وزارة الحرب البريطانية داخل العاصمة المصرية القاهرة.
ووصلت الأمور إلى مداها في 7 ديسمبر سنة 1951 هوجم ميناء الفنارة ومعسكر شندورة وفناة المحجر بالإسماعيلية عن طريق عملية فدائية في الإسماعيلية سببت للإنجليز شللاً بالغًا.
حل يوم 8 ديسمبر 1951 لتنتظر مصر جريمة إنجليزية في السويس وهي جريمة إزالة كفر عبده، وتلك قصة أخرى.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال