البيض ألوان كتير
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
ثبت بما لا يدع مجالًا للفتي أن البيض مش كله أبيض، فبالبحث عبر مستر جوجل، بوصفه عارف العفريت مخبي ابنه فين، اتضح أن البيض ألوان كتير، يعني مثلًا فيه بيض أخضر، ده بيض طائر اسمه “التنام” بيعيش في شيلي والأرجنتين، وفيه طائر بيسموه “شمعي الجناح” بيضه رمادي مِزّرِق شوية ومنقط بني أو أسود وساعات أحمر، أما “الوقواق” فبيضه سماوي ملطع بُني محروق، ممكن نكمل كلام للصبح عن ألوان البيض المختلفة، فغير أنواع الطيور الكتيرة عندنا زواحف وبرمائيات وأسماك وديدان وحشرات، وكل الكائنات دي بتبيض.
حدانا في مصر كلمة بيض لها معنيين، المعنى المعروف واصطلاح عاملينه إحنا على إيدينا، بنستخدمه للإشارة للشئ اللي يضايقنا، وطبعًا الأشياء اللي بتضايق الإنسان في حياته كتير.. خصوصًا لو مصري، عشان كده دورت ورا البيض طبقًا للمصطلح المصري وبرضك طلع أنواع كتير.
الصديق الفاضي:
ده نوع من القضاء والقدر رعنا ما يكتبه على حد، أن يكون صديقك ماعندهوش حاجة يعملها، فالصديق الفاضي أكيد مش هيقضي يومه يبص في السقف.. لازم طبعًا يمارس أي نشاط، ومافيش نشاط أسهل من رياضة “نكش الأصدقاء”، خصوصًا في أوقات الفراغ السرمدية، الحالة دي كارثية مش على الشخص الفاضي إنما الإنسان اللي بيلعب شخصية أقرب أصدقائه، خصوصًا في ضوء وسائل الاتصالات الحديثة.
فجأة بينتشر الصديق الفاضي في حياة صديقه المقرب أكتر من إعلانات مساحيق الغسيل، إيميل.. فيس بوك.. تويتر.. أنستجرام.. واتس آب.. فايبر.. إلخ.. ده طبعًا غير التليفون نفسه، يعني ماتحاولش الهرب.. الأثير كله محاصر، ولو قفلت كل دول مش بعيد يبتكر طريقة ينزلك من الحنفية، أو الواقع الأسوء أنك هتكون انعزلت عن الكوكب وهو واقف يضحك بوصفه حرق شوية وقت في التسلية بمطاردتك عبر وسائل التواصل المختلفة.
ابن الجيران الزنان:
ده شخص بينتج عن علاقة أنت مش طرف فيها، لكنه بيتحول إلى وحمة في حياتك، فبمجرد ما جيرانك يخلفوا عليك أن تتحسس مسدسك.. هتعيش متوتر ومترقب لسلوك الضيف الجديد على حياتك، أنا مثلًا -لفترة من حياتي- رعنا صرف لي عدد 4 أطفال في الشقة اللي فوقي + عدد واحد طفل في العمارة اللي قصادي، ولو الأسرتين متفقين، وأقنعوا أطفالهم بالمؤامرة دي، مش هيشتغلوا بالتنسيق ده مع بعض.
الرباعي اللعين ومن صباح الله لمساه لا يتوقفوا عن الجري فوق دماغي، وترزيع الأشياء بشكل يوحي أنهم بيهدوا الشقة، بس أكيد مافيش شقة بتتهد بشكل يومي، ولأني كائن ليلي فبقدر أهرب بعض الشئ من المرار ده كله، عن طريق الانخماد أغلب النهار والسهر طوال الليل، وهنا ييجي دور طفل العمارة المواجهة، وقدراته غير الطبيعية على الصراخ طوال الليل بلا توقف، كأن ديله في الفيشة وعايش مع أسرة من عديمي الودان.
الجرسون المُمِّل:
إنه أحد تجليات الفهم الخاطئ لطبيعة العمل، من المفترض أن مهمة الجرسون هي راحة الزبون، وببساطة نقدر نقول أن مهمة الجرسون زي مهمة حكم الكورة أو رجال الدولة.. كل ما الزبون ماحسش بوجودهم يبقوا كده بيأدوا شغلهم صح.
الجرسون الممل ده بقى شخص فاهم التفاني في العمل غلط، أو عنده مشاكل في تقدير المعدل الإنساني من الترحاب، فيلاقي الزبون-الضحية نفسه مضطر يقضي 75% من وقت تواجده بالمكان في الحلفان بشتى الأيمانات إن كل حاجة زي الفل وإنه مش محتاج أي شئ تاني، حلوة الشوربة؟.. تمام الرز؟.. عايز حاجة ساقعة؟.. أشغلكم المروحة؟.. محتاجين أي حاجة؟.. شرفتونا.. نورتوا المحل.. الأكل عجبكم؟.. نجيب الحلو ولا بعد ماتخلصوا؟.. أي خدمة تاني؟ فبيبقى مش فاضل قدام الزبون غير إنه يمضي على أوراق تؤكد إنه عليه الطلاق ما عايز حاجة.. أو يبوظ يومه ويقوم يرزع الجرسون بوكسين يهد بيهم الابتسامة الوظيفية اللزجة الملزوقة على خلقته كجزء من اليونيفورم.
المزة لما تقفش:
ده لون من البيض الإنساني مابيعيشهوش إلا الرجالة، تحديدًا المرتبطين، فمهمة إقناع فتاة بالتصريح عن الحاجة اللي بتشتكي منها، أشبه بمحاولة انتزاع اعتراف من أدهم صبري، فبمجرد ما تصرح الفتاة بإنها متضايقة أو حتى يبدو عليها إنها منيئة يصبح الراجل هنا في مزنق تاريخي لا فكاك منه، وهو معرفة السبب الحقيقي ورا زعلها والطريقة المثلى لحل الأزمة، كل ده طبعًا في أسرع وقت وبمنتهى البساطة، عشان مايحسسهاش إنه بيضحي عشانها، وطبعًا بدون أي معلومات لإن مهما حاول يستجوبها مش هياخد غير إجابة واحدة: مافيش، ولو -لا قدر الله- فشل في حل المعضلة دي، يبقى طبعًا شخص أناني ومش مهتم ومش حاسس بيها.
وزي ما ألوان البيض الحقيقي هتحتاج مجلدات لجمعها وشرحها، كمان محاولة جمع ألوان البيض الإنساني وأنواعه هتحتاج مجلدات يمكن أكتر من اللي هيحتاجها أنواع البيض الحقيقي، بس أظنه مبحث مهم العمل عليه عن طريق تشكيل فريق عمل لوضع موسوعة البيض الإنساني.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال