التجاعيد التي أحبها
بدأ السباق الرمضاني للأعمال الدرامية وبدأ معه سباق مشارط الأطباء التي أخفت التجاعيد والعديد من ملامح الفنانات بعضهن بشكل قاس كأنها عملية محو كامل للوجه وأخريات بشكل راق يتناسب ومشكلات السن والظهورأمام الكاميرا، ولكن الكثير من الفنانات يعانين حقاً من تأثير هذه العمليات على أهم رأس مال للممثل.. تعبيرات الوجه.
جهد عظيم يبذله المشاهد لاستنباط الممثلة التي تؤدي أمامه مشهد ما، فيدور حوار بين أفراد الأسرة بأن يسأل أحدهم من هذه الممثلة الجديدة؟، ليرد آخر أنها ليست جديدة لكنه يحاول أن يعرف من هي تحديداً هل هي الممثلة العلانية أم الفلانية؟، ليحسم النقاش أحد العالمين بأخبار الفن من أفراد الأسرة والذي يؤكد أنه يعرف صوت هذه الممثلة جيداً وأنها فلانة وليست علانة، ليضيع المشاهد المغلوب على أمره بين بحر من التشابه المحير بين الفنانات، والذي يصلح لعمل فني ساخر عن توائم عدة أو عن مجتمع يبدو فيه النساء كلهم بنفس الشكل!
على جانب آخر تفرض بعض المواهب القوية_ سواءاً المألوفة للمشاهد أو الجديدة عليه _ نفسها على الساحة دون اللجوء إلى التدخل (التشويهي) المبالغ فيه، من بين هؤلاء العظيمتان إنعام سالوسة و سلوى عثمان.
فإنعام سالوسة هي ممثلة لها رصيد ضخم من الأعمال الدرامية والسينمائية، ممثلة بدرجة من العبقرية والسلاسة في الآداء والإقناع حد تغيير جلدها في العديد من الأعمال الدرامية بين التراجيديا والكوميديا دون أي جهد يبدو عليها للمشاهد، بالطبع وراء هذه الخبرة العظيمة مجهود جبار على مر سنوات كثيرة، لكن يبقى صوت إنعام سالوسة المتفرد وشكلها المتسق مع سنوات عمرها والذي يضفي عليها جمالاً طبيعياً ومنطقياً مغرداً خارج السرب.
أما عن الممثلة التي قلبت السوشيال ميديا رأساً على عقب في ثورة جماعية عقب عرض مشهد لها في مسلسل البرنس الذي يعرض في السباق الرمضاني الحالي، هي العبقرية سلوى عثمان، ففي مشهد أسر معجبيها وأظهر سنوات من التفاني في العمل ولخص ربما مشوار طويل من الجهد والإخلاص للمهنة، في دورها كأم تكتشف اشتراك أبنائها في جريمة قتل مطالبين إياها بالسكوت والتستر عليهم حتى لا يتم إعدامهم، بين صراع ضميرها وأمومتها، أدت عثمان المشهد ببراعة تستحق عنه العديد من الجوائز القيمة، امرأة احترمت مهنتها وعمرها، لم تهتم بشكل مرضي بتجعيدة هنا أو بكيلوجرامات زائدة هناك، لم تحاول أن تحارب التطور المنطقي للإنسان وأن تجعل من العروسة الشهيرة باربي قبلة لها كما وقعت الكثيرات من حولها في ذلك الفخ البلاستيكي.
سكر زيادة .. أم أوفر زيادة
المشكلة إلى هنا تبدو أنها خاصة بمجتمع معين وهو مجتمع الفنانات بما فيه من ضغوطات علىهن ليبقين على جمالهن ورشاقتهن على الدوام حتى لا ينسحب بساط (نجمة الشباك) من تحت أرجلهن، لكن الحقيقة أن هذا الهوس قد ضرب المجتمع جميعه في مقتل، فسهولة الوصول إلى تلك العمليات ووجود نوعيات متعددة وأسعار متفاوتة لها جعل النساء يقبلن عليها ويتسابقن في الاقتداء بالمجتمع اللامع الذي يبدو براقاً للغاية من الخارج، هذا الكمال المشوه أفسد على النساء شعورهن بالرضا وأفسد على الرجال معاييرهم في اختيار شريكة حياة بمواصفات منطقية وإنسانية وليس بمواصفات آلية لا تشبه النساء الحقيقيات في شئ، فمتى نعود إلى صوابنا لننظر إلى جوهر الأشياء ونقيم الأمور بعقول واعية غير منساقة لأسواق جديدة تفتح النار على جيوب وعقول الناس لتستلبهم إنسانيتهم الفطرية بحرفية شديدة.