همتك نعدل الكفة
127   مشاهدة  

التجنيس وأزمة تمثيل أبطال مصر لدول دون بلدهم الأم.. أين الخلل!

التجنيس


منذ طفولتنا البريئة نشأنا على حب الوطن كأننا استقيناه في حليب أمهاتنا من أول يوم أهلت فيه أرواحنا في هذه الحياة وجُبلنا على الشعور بالانتماء تجاه بلادنا، وفي مراحلنا الدراسية المختلفة تعلمنا الكثير عن حب الأوطان وحفظنا أشعار وقصائد ترسخت في أذهاننا حتى اللحظة، وسمعنا أيضًا العديد من القصص التي تبرز قيمة الانتماء، ومن أبرز العبارات التي ما زالت عالقة في عقل كلٍ منا أن المواطن له حقوق كما عليه واجبات، وقد تتمثل هذه الحقوق في كفالة المواطن الذي سعى جاهدًا للتطوير والرقي بأمرٍ ما في بلده أو تحفيزه من أجل المتابعة والاستمرار إذا احترف مهنة أو رياضة معينة، وهذا أمر طبيعي إلى جانب توفير أساسيات الإنسان من الشعور بالأمان وتوفير مطعم ومشرب ومسكن ورعاية صحية وتعليم.

 

فكر معي سيدي القارئ.. ما هو السيناريو المتوقع إذا لم يجد المواطن التقدير مقابل إنجازاته كما يحدث من بعض الشركات القائمة على أساس سليم للتعامل مع موظفيها كتكريم أحد العاملين بها بعد أن تمكن من إحداث طفرة طورت من الأداء الطبيعي للشركة أو استطاع من خلال اقتراح له إضافة مكسب ربحي لها وهذا ليس ما أعنيه بالضبط لكنه من باب ضرب الأمثال لتوصيل الفكرة، من المؤكد أنه ليس أمام هذا المواطن إلا خيارين، الأول وهو الخيار الأسهل وقد يكون الأكثر حدوثًا وهو فقد الشغف والاستسلام وحينها تكون خسارة مشتركة على الجانبين فالمواطن يفقد ما يميزه عن البقية وقد يصبح سلبيًا فلا يسعى للإصلاح أو التطوير مجددًا وإن كان يملك الإمكانات للقيام بذلك، أما وطنه فقد خسر إنجازًا أو نجاحًا قد يكون سببًا في توجه أنظار العالم له أو تقدمه بين الأمم، الخيار الثاني ألا وهو البحث عن ملاذ بديل يحتضنه ويرى منه رعاية ودعمًا حقيقيًا من خلال التجنيس في دول تمنحه التقدير لكل إنجاز يقوم به.

 

تجنيس أبناء الشوربجي وتمثيل إنجلترا بدلًا عن مصر في سبيل رد الجميل

ما ذكرته خلال حديثي ليس معناه التبرير لما سأطرحه الآن لكنه قد يكون سببًا من الأسباب التي ساهمت في انضمام عدد من أبطال مصر بالعديد من الرياضات لبلاد أخرى غير بلدهم الأم مصر على مدار الأشهر الأخيرة، فليس هناك إنسان ذو فطرة سوية قد يتخلى عن تمثيل وطنه ورفع رايته أمام العالم بكل تبلُّد دون وجود دوافع قوية لذلك، كان آخر هؤلاء الأبطال لاعب الإسكواش المصري المصنف السادس عالميًا “مروان الشوربجي” والذي تغير موقفه بعد تأكيده على استمرارية اللعب تحت العلم المصري العام الماضي.

مروان الشوربجي لاعب الإسكواش المصنف السادس عالميًا
مروان الشوربجي لاعب الإسكواش المصنف السادس عالميًا

وذلك قرار شقيقه الأكبر “محمد الشوربجي” بتمثيل منتخب إنجلترا في رياضة الإسكواش، وصرح “محمد” حينها عن الأسباب التي تبرر انتقاله ألا وهي عدم تلقي الدعم الكافي من الجهات المعنية بمصر -كطبيب ومدرب خاص- خلال مسيرته المشرفة فهو أكثر لاعب مصري في التاريخ فاز ببطولات المحترفين، لكن على النقيض قدمت له إنجلترا كل الدعم وأهمه الرعاية الصحية على حد قوله والأمر لا يتعلق بأي جانب مادي ألبتة، إضافةً إلى بعض الإغراءات التي من الممكن أن تكون معروضة عليه كلاعب متميز من بينها الحصول على الجنسية البريطانية، لعل هذا كان داعيًا لسير “مروان” على خطى أخيه قائلًا “اريد أن أبدأ فصلًا جديدًا في مسيرتي وأرد الجميل للبلد الذي منحني كل شيء”.

 

الغريب هذه المرة أن ردود فعل الجمهور ورواد التواصل الاجتماعي كان مرحبًا للغاية بهذه الخطوة على غير العادة، فقد كانت الجماهير سابقًا تبدي اعتراضها على تجنيس أي لاعب مصري بل تتطرقت ردود الأفعال أحيانًا إلى نعت اللاعب بالخيانة وعدم الوطنية ومطالبته بعدم رجوعه إلى حضن الوطن الذي لم يحب تمثيله في البطولات، وهذا ما طرحه الإعلامي “عمرو أديب” في برنامجه “الحكاية” متعجبًا.

 

هروب بغدودة بعد خصم ضرائب بالآلاف

كما انتشر خبر تجنيس لاعب المصارعة الرومانية المصري “أحمد بغدودة” الفائز بالميدالية الفضية في البطولة الإفريقية بتونس في مايو الماضي لوزن ٦٣ كيلوجرامًا انتشارًا واسعًا بعد اختفاءه عن فريق المنتخب وهروبه لفرنسا، وخرج والده وقتها كاشفًا عن الإهمال الذي تعرض له ابنه كتضاؤل المرتبات التي يتقاضاها بعد خصومات هائلة بسبب الضرائب المفروضة حتى وصل الأمر في إحدى المرات حين صُرف لبغدودة حوالي ١٦ ألف جنيه إلى خصم ضرائب بقيمة ١٤٨٠٠ جنيه، وكان رد الاتحاد المصري للمصارعة خلال البيان الذي أصدره هو دراسة اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لتحفظ حقوقه وضمان استمرارية ضم اللاعب “أحمد بغدودة” ضمن صفوف المنتخب المصري.

أحمد بغدودة لاعب المصارعة الرومانية
أحمد بغدودة لاعب المصارعة الرومانية

فتحدث النائب “عبد المنعم إمام” أمين سر لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب قائلًا “نرجو إحاطتنا بأسباب تكرار هذه الوقائع والإجراءات التي تتبعها الوزارة لمنع تكرارها، والدالة على عدم اهتمام الوزراة بالتزاماتها السياسية والتنظيمية لدعم ورعاية الموهوبين رياضيًا”، وبعد أسبوعين نشر “بغدودة” فيديو على صفحته الشخصية نافيًا هروبه كما وجه رسالة شكر للرئيس عبد الفتاح السيسي معربًا عن سعادته البالغة لدعوته من خلال الأكاديمية الوطنية للتدريب.

إقرأ أيضا
التنمية الشرية

 

الفوز بميدالية ذهبية باسم مصر دون مكافأة

وبطش التهميش بآمال اللاعب الشاب “محمد عصام” لاعب المصارعة الرومانية الذي لم يتجاوز ١٨ عامًا بعد فوزه بالميدالية الذهبية لبطولة إفريقيا في المصارعة الرومانية وعلى الرغم من ذلك فلم يحصل على أي مكافأة مالية، الأمر الذي كان له أثر سلبي كبير على اللاعب بسبب ضيق الحال وعدم وجود مقابل ما يبذله من جهود في سبيل رفع اسم مصر أمام العالم أجمع.

محمد عصام لاعب المصارعة الرومانية
محمد عصام لاعب المصارعة الرومانية

وعلق رئيس الاتحاد للإسكواش على تنازل اللاعبين المصريين كالشوربجي عن تمثيل مصر في المحافل الرياضية المختلفة واصفًا إياه بـ”نزيف التجنيس“، لكن هناك الكثير من التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي دعت للاهتمام بدعم أبطال الألعاب الفردية الذين يعانون من قلة الإمكانيات المادية والفنية كعدم وجود رعاة أو حوافز مالية مناسبة أو رعاية صحية جيدة.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان