رئيسة التحرير
رشا الشامي
همتك نعدل الكفة
113   مشاهدة  

التعريفات الجمركية الأمريكية بين السياسية الحمائية وسياسة التجارة الحرة

التعريفات الجمركية
  • د. أحمد حسن عبد الهادي ـ دكتور المالية العامة والتشريعات الإقتصادية والضريبية - زميل الجمعية العلمية للتشريع الضريبي



يشير مصطلح “الحمائية” (Protectionism). إلى السياسات الاقتصادية التي تتبعها الحكومات لحماية الصناعات المحلية من المنافسة الأجنبية، وذلك من خلال فرض التعريفات الجمركية على الواردات، وتطبيق القيود التجارية، ومنح الدعم الحكومي للشركات الوطنية.

وقد شهد القرن التاسع عشر تصاعدًا في تطبيق سياسة الحمائية التجارية في العديد من الدول، حيث اعتمدت الحكومات إجراءات تهدف إلى حماية صناعاتها الوطنية من المنافسة الأجنبية. وقد اتخذت هذه السياسة أشكالًا مختلفة مثل فرض الرسوم الجمركية، وتقييد الواردات، وتقديم الدعم للصناعات المحلية. كان لهذه الإجراءات تأثيرات اقتصادية وسياسية كبيرة، لا سيما في ظل التحولات الاقتصادية التي شهدها العالم خلال هذه الفترة أهمها.

1. الثورة الصناعية: مع تطور الصناعة في أوروبا وأمريكا، سعت الدول إلى حماية صناعاتها الناشئة من المنافسة الأجنبية القوية.

2. الركود الاقتصادي: شهد القرن التاسع عشر عدة أزمات اقتصادية كان أهمها ازمة الكساد الكبير دفعت الحكومات إلى اتخاذ إجراءات حمائية للحفاظ على الوظائف والإنتاج المحلي.

3. التوسع الاستعماري: فرضت الدول الكبرى تعريفات جمركية لحماية اقتصادها المحلي، وفي الوقت نفسه استخدمت مستعمراتها كسوق لتصريف منتجاتها.

4. المنافسة التجارية: كانت بعض الدول، مثل بريطانيا، تهيمن على التجارة العالمية، مما دفع دولًا أخرى، مثل ألمانيا والولايات المتحدة، إلى فرض سياسات حمائية لمواجهة هذه الهيمنة.

تعد الولايات المتحدة الأمريكية من أكبر المستفيدين من سياسة الحمائية، خاصة بعد الحرب الأهلية (1861-1865).حيث فرضت تعريفات جمركية مرتفعة على المنتجات الأوروبية، مما ساعد على نمو صناعاتها المحلية، مثل الحديد والصلب والنسيج.ساهمت هذه السياسات في جعل الولايات المتحدة قوة صناعية كبرى بحلول نهاية القرن.

ولكن بعد الحرب العالمية الثانية 1939 وأزمة الكساد الكبير 1929 قادت الولايات المتحدة الأمريكية العالم لما يعرف بسياسة التجارة الحرة (Free Trade Policy). وهي سياسة اقتصادية تهدف إلى إزالة الحواجز أمام التجارة الدولية، مما يسمح بتدفق السلع والخدمات بين الدول دون قيود مثل التعريفات الجمركية، الحصص التجارية، أو القيود التنظيمية. وذلك عبر فتح آفاق جديدة للتجارة عبر آليات كان منها؛ إنشاء صندوق النقد الدولى ( IMF) فى 27 ديسمبر 1945 ، وتوقيع اتفاقية الجات( GATT) – الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة فى عام 1947 ودخلت حيز التنفيذ فى 1 يناير 1948 ، وظلت الجات الإطار الأساسي للتجارة العالمية حتى انشاء منظمة التجارة العالمية ( WTO) فى عام 1995 والتى ورثت مهام الجات وطورتها.

وبعد أن مهدت الولايات المتحدة الأمريكية الطريق لانفتاح الاقتصاد على العالم بدأت العديد من الدول فى الاستفادة من السوق العالمي كان اهم تلك الدول الصين حيث الاستفادة الفعلية من سياسة التجارة الحرة بعد القيام باصلاحات اقتصادية عام 1978 فى عهد الزعيم الصينى دينغ شياو بينغ وبذلك تحولت الصين من اقتصاد مركزي مغلق نحو اقتصاد موجه نجو السوق ومنفتح على العالم وبغلت ذروتها بعد انضمامها الى منظمة التجارة العالمية عام 2001 حتى اصبحت شريكاً قوياً للولايات المتحدة الامريكية فى الهيمنة على حركة الاقتصاد العالمي.

الأمر الذى دعا الرئيس دونالد ترامب بتاريخ 2/4/2025 بالردة على سياسة التجارة الحرة والتى أسست الولايات المتحدة الامريكية آلياتها وأدواتها والعودة الى سياسية الحمائية عبر فرض تعريفات جمركية بنسب تتراوح ما بين 54% الى 10% شملت معظم دول العالم فى محاولة للعودة لسيطرة الاقتصاد الامريكى على الاقتصاد العالمى دون شريك فقدت على اثرها الاسهم الامريكية في سوق وول ستريت والذى أغلق على خسائر قدرها 6.6 تريليون دولار امريكى فى اليوم الثاني من صدور قرار البيت الابيض بالتعريفات الجمركية

فهل الولايات المتحدة الامريكية قادرة على رسم تلك السياسة أما أن ذلك رسم لانهيار اقتصادى يؤثر سلبا على الاقتصاد العالمى ويعيد رسم خريطة العالم اقتصاديا ؟.

وهل يتعدى تأثير تلك القرارات إلي الجانب السياسي حال انعكاس تلك القرارات على الحالة الاقتصادية للمواطن الامريكى من خلال ارتفاع متوقع لنسبة التضخم وانكماش متوقع للنمو. ؟

وهل استطلاعات الرأى المركزية، والتطبيقات التكنولوجية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وحرية الرأى والتعبير، قادرة على مواجهة التحديات التي قد تواكب تداعيات قرار التعريفات الجمركية أم أننا قد ترى دورا للشارع الامريكى. ؟

وهل الطبيعة الشخصية للرئيس الأمريكي توحى بإمكانية الرجوع بإلغاء او تأجيل تلك القرارات استجابة للتداعيات السلبية للقرارات التعريفات الجمركية إن وجدت. ؟

وهل الصين الشريك فى السباق الاقتصادى والمقصود الضمني من تلك القرارات قادرة على الاستفادة من تلك القرارات أم ان الحرب الاقتصادية ستجعلها تغلب الجانب السياسى على الاقتصادى بأن تلجأ لقرارات مماثلة تضر بمصالحها من قبيل “العزةُ بالإثمِ “.؟

وهل دول اوربا ودول المنطقة العربية قادرة على الاستفادة من صراع العملاقة أم أنهم سيكتفون بمقعد المشاهد الذى ينتظر النهاية وإسدال الستار ليرى سيصفق لمن ؟

أم أن تلك القرارات هى بداية لحرب عالمية ثالثة تجاريا يكون لها ما بعدها.

كل تلك الأسئلة حتما القادم يحمل إجابات يقينية لها.

الكاتب

  • التعريفات الجمركية د. أحمد حسن عبد الهادي

    د. أحمد حسن عبد الهادي ـ دكتور المالية العامة والتشريعات الإقتصادية والضريبية - زميل الجمعية العلمية للتشريع الضريبي






ما هو انطباعك؟
أحببته
6
أحزنني
0
أعجبني
5
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان