الثابت و المتحول لأدونيس ج2 .. تعريف “الله” بين المعتزلة و الصوفية
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
نواصل تقديم أفكار “أدونيس” في كتابه “الثابت و المتحول” ، والذي يناقش القضايا الفكرية في أصول الفكر العربي الإسلامي، وكيف أن التأثير القديم للأفكار التاريخية ما زال يطغى على العقلية العربية إلى اليوم ، وفي هذا الجزأ من مناقشة هذه الكتاب سنبين تعريف “الله” بين المعتزلة والصوفية، ولماذا مال “أدونيس ” إلى الفكر الصوفي عن الاعتزالي بالرغم من أنه يؤمن بأهمية على العقل على النقل.
يقول ” أدونيس” في كتابه :” كانت اليونان هي المشكلية الحضارية الأولى التي واجهها المجتمع العربي وكلنا نعرف المواقف التي تولدت عن هذه المواجهة:
١ـ نأخذ من اليونان آلة التفكير ( المنطق خصوصا)، فهي آلة بتزكية العقل والفكر ونأخذ أيضا العلوم التي هي أمور برهانية لا سبيل إلى مجاحدتها .
2ـ التوفيق بين الدين ( الوحي) العربي والعقل ( الفلسفة) اليوناني ، فهما في جوهرها واحد لأنها منهما من مصدر واحد.
3ـ رفض الفلسفة اليونانية وآلتها المعرفية العقل والمنطق.
هنا بحسب “أدونيس” صدمة الحداثة التي ولدت ذلك الصراع الدائم بين السلفية وأعني بالسلفية الشيء الثابت، و بين الإبداع وهذا الشيء يخلق صدمة ثقافية أو حداثية سواء في تاريخ العرب الإسلام أو إلى الحاضر.
كما نرى أن “أدونيس” منحازًا إلى العقل و العقلانية في التفكير معتبرًا بإن العقل مشروع منفتح على المستقبل فهو مشروع مساءلة وإعادة نظر دائم ، كما يعتقد أن الفكر الإسلامي السائد يرى أن النص مرجع العقل وأنه لا يمكن للعقل أن يفكر خارج النص و بهذا المعنى العقل محدود في قدرته على الإبداع و العلم الذي يسعى إليه ، وهو علم قائم في النص وفي الزمان السابق وليس قائم في المستقبل وبالتالي غير قادر على البحث والإبداع.
يقول أدونيس: ” أ ي مفكر ينتج معرفة جديدة مصدر المعرفة وهو الوحي، فابن رشد مثلا في علاقته بالنص كان يقول من حيث المبدأ لا يمكن أن يكون هناك تعارض بين العقل والنقل أي النص إذا ما أوّل النص تأويلا حرفيا حتى يوصل لنتيجة بأنه لا إمام سوى العقل فالعقل أولا ثم يأتي النص وجميع الفلاسفة قالوا القول نفسه”.
ونرى أن” أدونيس” قد بحث في كتابه أيضا الثابت و المتحول عن جذور الحداثة في تراثنا العربي انطلاقا بإيمانه بأن الحداثة مرتبطة بتطور الفكر لا مرور الزمن معتبرا أن بعض تيارات التصوف الفلسفي كانت من أهم مكامن الحداثة في التراث العربي القديم ، راسما صورة جديدة للخلاف بينها وبين التيارات الدينية الأخرى.
وهذا المنحى المهم الذي من الممكن أن نعتبره طريقة ثالثة بين الذين يؤيدون النقل ضد العقل والذين يريدون العقل ضد النقل فقط.
هكذا أكد الاعتزال الفصل بين الله والكون وبين الله والإنسان وأكد القول بأن وراء الطبيعة المرئية إلها غير مرئية ولايمكن أن يرى، ومع ذلك فإن لا مرئي هو الحقيقة الثابته و أن المرئي هو الوهم الزائل وذلك على الوهم الضد مما ترى الإنسانية الصوفية التي أقامت نوعا من العلاقة الجدلية بين اللا مرئي والمرئي أو بين الله والإنسان .
فالله بالمفهوم الإسلامي هو من خارج العالم أو من تسير العالم كقوة تجريبى الصوفيه قالوا الله كامل في العالم وهو مبثوث في كل كائن وفي كل شيء من أشياء العالم ، هذا التغير لمفهوم الله أدى إلى مفهوم العلاقة مع الآخر العالم.
ونرى أن أ”دونيس” مهتم بالتصوف ويعكس ذلك اهتمامه بأن المتصوف هو متمرد على الحقيقة الخارجية المتمثلة في الشريعة، وبالتالي فهو يجد ذروة هذا التصوف وذروة الإبداع في هذا التصوف، والتي تكمن في “الشطح” الذي يمثل الخروج عن مكامن الشريعة أو الخروج عن الإطار الديني .
وأخيرا ربما “أدونيس” ق احتكم إلى المصادرة الثابت المتحول فهذا ماجعله أحيانا يصنف هذه المذاهب المعتزلة ضد المتحول الصوفية ضمن المتحول، و الحقيقة أنها مذاهب متناقضة، ومن الطبيعي أن يهتم “أدونيس” الاتجاه الصوفي لأن الشعر بمفهوم أدونيس أو بالمفهوم الحداثي ليس الوضوح بل الغموض ، فالغموض هو الذي يجعل الشعر أكثر حيوية، والصوفية تعطي لأدونيس هذه الفرصة لان الباطنية والرمزية يجعل شيئا جديدا بالنسبة للشعر العربي المعاصر .
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال