الثوابت الوهمية : آيات آخرى فرضت الحجاب

خلصنا كلامنا عن الآية 31 من سورة النور، الآية الوحيدة اللي شهدت ذكر كلمة خمار بقصد أنه زي تستخدمه المرأة، وزي ما أتفقنا الحلقة اللي فاتت هنشوف الحلقة دي إيه النصوص القرآنية التانية اللي ممكن يكون المشرع أعتمد عليها في مسألة “فرض” الحجاب.

بما أننا هنتكلم عن تشريع مبني على آيات “غير مباشرة” فمستحيل جمعها كلها، لأن ببساطة وارد جدًا تكون فيه أراء ماسمعناش عنها.. وكما يقول القائل “الدين بحره واسع”، فهناخد أشهر آية بيرتكز عليها المشرع الإسلامي “خصوصًا السلفي”، وهي الآية 59 من سورة الأحزاب:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).

مبدئيًا كده نَص الآية بيأكد فكرة سبق أشرت ليها وهي أن نساء النبي ليهم وضع مختلف عن باقي نساء الأمة، بدليل ذكرهم منفصلين في بداية الآية. المهم بقى أن الآية فيها أمر مباشر للنبي يبلغه لزوجاته وبناته وباقي نساء الأمة، والأمر خاص بطريقة لبسهم.. يعني صلب موضوعنا، فتعالوا نشوف المفسرين الأوائل فهموا الآية والأمر ده أزاي.

ابن كثير في تفسيره عرف الجلباب أنه رداء فوق الخمار؟!، وده رأي بعض الصحابة على رأسهم ابن مسعود، وأكد صاحب التفسير أنه “الجلباب” بمنزلة “الإزار” في حين قال الجوهري إنها الملحفة. وبالبحث عن توضيح مبسط لمعنى كل من المصطلحين أو المسميين هنلاقي نفسنا واقعين في اختلافات كتير، فيه تعريف للإزار أنه توب مخصوص يغطي المساحة من السرة لكعب الرجل “وده طبعًا مش منطقي هنا خالص”.

فخلينا ناخد توضيح ابن عباس المنقول عن طريق علي بن أبي طلحة: “أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة”. وهو نفس الرأي اللي أكده “في نفس التفسير” محمد بن سيرين بس حدد أنها تكون العين الشمال.

تفسير القرطبي مافيهوش فرق كبير، يمكن الصياغة وترتيب الروايات مش أكتر، الفرق الجوهري الوحيد هو توضيح عدد وأسماء وأعمار زوجات النبي وأبناءه “بنين وبنات” وده مش موضوعنا هنا خالص.

أما الطبري في تفسيره فأكد على رواية ابن عباس لموضوع العين الواحدة، بس ذكر رواية تانية حدد فيها العين الظاهرة إنها تكون اليمين مش الشمال، وده برضه مش فرق جوهري.

أما بقى اللي لخص الموضوع كله في سطور بسيطة ومن غير روايات كتير فكان البغوي، والبغوي في تفسيره عرف الجلباب إنه الملاءة “توب قماش مالهوش تفصيلة” تستر السِت به كامل جسدها فوق زيها الطبيعي، وبرضه أقر رأي ابن عباس عن العين الواحدة.. وكان عملي فماشغلش نفسه بتحديد العين يمين ولا شمال.

وزي ما المفسرين الأربعة أتفقوا في أغلب فهمهم للآية والروايات المنقولة عن فهم الصحابة ليها.. أتفقوا كمان في فهم أهم جملة فيها (ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ)، وهي الجملة اللي نقدر نوصفها ببساطة بإنها الكاشفة لسبب التشريع، أو ما يعرف في علوم الدين بـ أسباب النزول.

إقرأ أيضا

42 % من السكان يعانون من انعدام الغذاء و ناشطون للميزان : المطابخ الأهلية في السودان للحد من الجوع

فخلينا ناخد أقصر وأوضح نَص ورد عند المفسرين وهو الموجود في تفسير البغوي:
“وقال ابن عباس وأبو عبيدة: أمر نساء المؤمنين أن يغطين رؤسهن ووجوههن بالجلابيب إلا عينًا واحدة ليُعّلَّم أنهن حرائر”.

طب اللي فات فهمه سهل بس السبب مش واضح.. أزاي يبقى الغرض من الحجاب/النقاب مش الاحتشام ومنع الفتن.. إلخ وإنما إظهار أن اللي تلبسه من الحرائر، ويعني إيه أصلًا حرائر؟؟

دي توضيحات طبعًا مهمة جدًا لإنها هتخلينا زي ما عرفنا إيه هو التشريع نعرف الغرض منه، بس خلونا نعمل كده الحلقة الجاية، لكن نصيحة لأي حد دخل على طول في الحلقة دي ياريت يرجع يقرا الاتفاق