الثوابت الوهمية.. (الجزء التالت: تحريم الرق) 01 – العقل الإسلامي بره الزمن
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
في مهزلة دستور 2012، الذي وضعته حفنة من المتشددين دينيًا.. مطعمين ببعض الباحثين عن أي مكاسب من أي نوع من أي حد معَدّي.. مطرزين بباقة من الإرهابيين المتقاعدين.. ومحاطين بعدد لا بأس به من الجنرالات.. وممثل الكنيسة القمص المتنيح محمد عبد المنعم الصاوي، خلال مهزلة سلق هذه الوثيقة التي سميت عبثًا “دستور مصر” لعدة شهور، حدثت مشادة حول عدم تضمين مشروع وثيقتهم مادة لتجريم الإتجار بالبشر، وهي المادة التي كانت موجودة في دستور 71 ولم يكن عليها تحفظ من أي شخص.
عبد المنعم الصاوي
في الوقت ده تحدث الإسلامجية ومشايخهم عن عدم وجود تجارة للرقيق بشكل فعلي، وأن كتابة المادة أمر لا مبرر له، وأن وجودها سيكون مضحك في بداية الألفية الثالثة، وقتها تحدث وكتب البعض عن هذه المادة ودافع عنها، وكنت ضمن هؤلاء، ولم تدخل عليا حدوتة عدم الأهتمام بشيء انتهى من العالم، بل كنت واثق أن الإسلامجية لا يريدون المادة لأن القرآن، دستورهم، لا يحرم الرق.. بالتالي فهم لا يرون في تجارة البشر حرج.
كذبني الكثير من الناس وقتها، وعجز البعض عن تصديقي، ولم يقتنعوا أن من المستحيل أن يخوض تيار سياسي متصدر المشهد معركة من اجل توفير الحبر، حاولوا أن يبرروا الموضوع مثلهم؛ أما من أستعيب أن يردد نفس خطابهم.. سفه من أهتمامي بهذه النقطة وسط بركة العفن الفكري المسيطرة.
ودارت الأيام “بصوت رمضان البرنس”
ذهبت وثيقتهم لمكانها المناسب، واجتمع 50 من المحسويبين على مناصرة 30 يونيو في كتابة دستور جديد للبلاد، وفي اليوم الأول للتصويت على نصوص مواد مشروع الدستور، كان التصويت ألكتروني ولا يمكن للمشاهد أن يعرف اختيارات أي عضو، وإنما فقط نعرف النتائج الرقمية، ولكن يشاء الإهمال المصري الأصيل أن يتعطل “السيستم” عِدة مرات خلال الجلسة، ما أضطر الأعضاء للجوء للتصويت “المانيوال”، برفع الأيدي، ولأن حظي أحيانًا بيكون حلو جاء التصويت على المادة 89 الخاصة بتجريم الإتجار بالبشر وقت العُطل، فحازت المادة على موافقة جميع الأعضاء وامتناع عن التصويت، د. إبراهيم منصور، ممثل حزب النور الإسلامي السلفي.
د. إبراهيم منصور
اسمحوا لي بقى أتكلم المرة دي.. واسمعوني كويس، ما قام به العضو السلفي ليس تصرف فردي، ولا توجه شاذ من جماعة متطرفة، هذا حال كل إسلامجي يرفع شعار “الحاكمية لله” ويطالب بتطبيق الشريعة، حال كل خرفان الجماعة وروافدها من حركات دموية، فدستورهم (القرآن) لم يحرم الرق.. بل قَنَنُه، بالتالي لا يرون في بقاءه ضرر، بل يرون في تحريمه جريمة، لا جحودًا منهم بالإنسانية ولكن إيمانًا بدينهم، وطبعًا تولع البشرية كلها.. المهم هو يعيش، هكذا يفكرون.. مع الاعتذار للتفكير كنشاط عقلي.
فالقرآن في الآية 87 من سورة المائدة يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ)، كمان صحيح البخاري اللي بيعتمدوا عليه بشكل كبير جدًا، فيه باب كامل اسمه “لما تحرم ما أحل الله لك”.
وعليه فأن تجريم الرق يقع بصاحبه في محظور تحريم ما أحل الله، فكيف يحرم الرجل على نفسه اقتناء الجواري والغلمان، وكيف تحرم المسلمة على نفسها اقتناء ملك يمين يمكنها أن تُظِهر أمامهم زينتها، طبقًا لتفسيرهم لنص الآية 31 من سورة النور.
ده غير أن تجارة الرق هي أحد جوانب الاقتصاد الإسلامي عبر تاريخ “دولة الخلافة”، وهو ما قدمه شيخهم الحويني -في منتصف 2011- كجزء من حل اقتصادي يقوم أساسًا على إحياء فكرة الجهاد وغزو البلاد الآخرى وسبي شعوبها وبيعها.. إلى أخر هذا الخرف الإسلامي اللي الشيخ نفسه حاول بعد كده يتملص منه.. لكن ضهره كان في حيطة التراث، فقدم الضعف الحالي للمسلمين كمؤشر لبداهة عدم تقديمه للغزو والسبي كحل حاليًا.
فيديو الحويني
كمان عِترة الدعاة خرج علينا من كام أسبوع يكلمنا عن أن “العقل المحض” لا يرفض الرق، في تنظيرة بائسة تحاول أن تكون فلسفية وهي مخوخة منطقيًا لأنها مش أكتر من ترديد أجوف لقواعد دينية بالية تجاوزتها الإنسانية.
عبدالله رشدي
ختامًا أتحدى أي من مشايخ السلفية أو الإخوان أو الأزهر أن يحرم الرق صراحة ودون مواربة، مع الوضع في الاعتبار أن القاعدة الفقهية تقول: “الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص بالتحريم”. بالتالي اللي ييجي يتكلم عن التحريم يجيب النص في أيده.
التحدي قائم لغاية أخر الجزء الحالي، التالت، من سلسلة الثوابت الوهمية وعنوانه.. تحريم الرق.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
الإسلام لا يحل الرق…. و استشهادك بالآيات في غير محله