الثوابت الوهمية (الجزء الرابع: عذاب القبر)..03 – هتقولهوملي ظني-ظني.. هقولهوملك قطعي-قطعي
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
في الحلقة الأولى خدنا فكرة عن مفهوم “المعلوم من الدين بالضرورة” وفي الحلقة التانية أتعَرَّفنا على مفاتيح مهمة لفهم كيفية التعامل مع التراث الإسلامي. الحلقة دي هنخش بقى في صلب الموضوع.. عذاب القبر، وبما أن البداهة بتقول أن القرآن هو المصدر الأول والأساسي والمرجعي للدين الإسلامي.. هنبدء رحلتنا مع القرآن.
كرشيندو
غالبية المروجين لعذاب القبر بيستندوا قرآنيًا ع الآية 46 سورة غافر، وبالرجوع لتفاسير الآية عند كبار المفسرين نلاحظ بداية ظهور الفكرة وتبلورها وغلبتها.
تفسير الطبري (839م : 923م) مافيش فيه أي سيرة عن القبر أو عذابه.
تفسير البغوي (1044م : 1122م) كلام يتفهم منه أن فيه عذاب قبل البعث.
تفسير القرطبي (1214م : 1273م) كلام واضح أن بعض أهل العلم واخدين الآية دي دليل على فكرة عذاب القبر.
تفسير ابن كثير (1301م : 1373م) كلام قاطع عن تبني المعسكر السُني لفكرة عذاب القبر.
مع مطلع الألفية التالتة تصدت المكتبة التوفيقية لنشر رائعة أ. أسامة عبسميع.. عذاب القبر “للأطفال”
الأدلة القرآنية على عذاب القبر
نص الآية بيقول: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ. فبياخدوا جملة (يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا) كدليل على وجود حياة برزخية يتم عرض الكافرين خلالها على عذابهم المنتظر.
ويعتبر عنتيل الدعوة واحد من أكتر اللي استدلوا بنصوص قرآنية على صحة الفكرة دي.
فيديو عبد الله رشدي
البَكَّشّْ الكهنوتي
الشيخ بيكافح يجيب أدلة قرآنية على صحة عذاب القبر، لكن كلامه فيه مغالطات وأخطاء، خطأ في نسب رأي د. علي منصور الكيالي لبنات أفكاره وبلا دليل أو سند.. رغم أن الراجل معتمد في كلامه على تفسير أبن كثير لنص الآية.
أما المغالطة المنطقية.. ففي إشارته لرافضي هيمنة الحديث ع الدين بوصفهم مخالفين أو رافضين لأوامر النبي.. وبالتالي يبقوا مخالفين لنص القرآن اللي أمر المؤمنين بطاعة النبي.
وده كلام مش سليم بالمرة.. لأن الخلاف مش كلام النبي مقبول ولا مرفوض، إنما حوالين هل الكلام المكتوب ده فعلًا صادر عن النبي ولا منسوب له زور، يعني الخلاف حول الشخصيات الناقلة للحديث وأدواتهم وأساليبهم. كهنة السُنة بينزهوا دايرة العمل دي بالكامل لدرجة الإيمان بأن حديث ينفع ينسخ/يمحو حكم آية.. أما المشككين فمش واثقين في دايرة العمل دي بالتالي بيعلوا من شآن القرآن في مقابلة الأحاديث، وهو أمر من المفترض أنه بديهي بالأساس.
راجع مفتاح الشفرة
بمراجعة الشرح في حلقة (جبريل V.S البخاري) هنلاقي الآيات المستخدمة كدليل “قاطع” على صحة عذاب القبر تقع تحت تصنيف “قطعي الثبوت.. ظني الدلالة”، بدليل خلافه الودي مع سيرة د. الكيالي.. ده طبعًا بخلاف اتفاق رؤية الكيالي مع تفسير ابن كثير للآية.
يعني الآراء القائلة بوجود عذاب أو نعيم في القبر معتمدين في أعتقادهم ده على نصوص (قطعية الثبوت.. مختلف على معناها) + نصوص (واضحة المعنى.. بس وارد تكون مش حقيقية “ظنية الثبوت”).
قد يختلط الأمر على البعض في تقدير مدى “ظنية” ثبوت الحديث، ودول أحب أحيلهم لمراجعة الاتفاق للتأكد من أن أقرب كبار جامعي الحديث لعصر النبوة هو محمد بن إسحاق المولود سنة 699م، يعني بعد وفاة النبي بـ67 سنة. كمان أحب أضيف أن كتاب زي صحيح البخاري مالهوش أصل/مخطوط، إنما من الفترض أن البخاري جمع الكم ده من الأحاديث بأسانيدها بعنعنتها بس ماكتبهاش.
البخاري مات في القرن التالت (سنة 256هـ) وأقدم مخطوطة لصحيحه ترجع للقرن الرابع الهجري، نسخة الإمام محمد بن أحمد المروزي (301هـ : 371 هـ)، المفترض إن الفربري سمع الصحيح من البخاري سنة 252هـ فحفظه، وبعد حوالي ستين سنة (318هـ) سمع الكتاب بالكامل لتلميذه المروزي.
تقولهوملي قطعي-ظني وظني-قطعي.. أقولهوملك قطعي-قطعي
تعالوا بقى نستعرض جانب من الآيات القرآنية اللي معناها السهل والبسيط والمباشر بيأكد على:
بداية النعيم/العذاب في الآخرة..
زي سورة فاطر ما بتأكد (إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ).. مش يوم الموت.
أو ختام سورة النباء (إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا).. في تأكيد أن وعيد الله بالعذاب مرتبط بيوم البعث.
أو سورة الزلزلة: “يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ”، الناس بتشوف أعمالها يومئذ/القيامة.
كمان أول سورة الإنفطار بيربط معرفة كل نفس ما قدمت وأخرت بقيام الساعة.
الإنسان مابيحسش بالزمن بين موته وبعثه أو عدم وجود محسوس في القبر.
زي ما واضح من نص الآية 45 – يونس (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ۚ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ).. مين ده اللي بيتكهرب من سنين والوقت ده كله يمر عليه كما لو كان ساعة.
وده نفس تعليق راجل مات 100 سنة: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) 259 – البقرة، فهل مَن قَابَل الشجاع الأقرع كمن لم يقابله؟ معقولة مش فارق للدرجة دي؟
مافيش حياة بعد الموت غير يوم الدين..
كما في قوله: قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ (11 غافر).. ومن نافلة القول توضيح أن الحياتين همه الحياة الدنيا والحياة الآخرة.
أو بتوصف دهشة وخضة الإنسان من البعث والحساب.
زي ما ورد في سورة يس (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ۜ ۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ).. واحد بيتعذب من آلاف السنين لما هياخد دقيقتين راحة هيقول يا “ويلنا” ولا هيزغرط؟
هفترض أن الآيات دي كافية كمًا وكيفًا على توضيح موقف القرآن من المسألة، بس لو حد عايز آيات تاني أو جوانب تانية شايفها مش متغطية يبعت يقول.. لسه فيه آيات تاني كتير.
من الحلقة الجاية هنروح مملكة مشايخ أهل السُنة والجماعة.. الحديث.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال